المحتوى الرئيسى

من القاهرة

07/12 23:13

فوكاشيما !

نزل الصمت رهيبا على القاعة، وحبس الجميع أنفاسهم فى توتر مروع، بينما الخبير اليابانى فى الطاقة النووية يعرض لحظة بلحظة وقائع ما جرى لمفاعل فوكاشيما الذى كان على شفا الانصهار. كان المشهد المعروض يمضى بنفس الطريقة التى تعرض فيها الجرائم الكبرى على شاشات السينما، بطيئة حتى يتسنى للمراقب أن يعرف تفاصيل اللحظة. كانت البداية زلزالا مفزعا فى قلب المحيط انقلبت الأرض على أثره لكى تزيح كما هائلا من الماء جرى لكى يعتلى قلب المفاعل بمقدار أربعين مترا من الماء المندفع ثقلا وسرعة كمطرقة هائلة خرج على أثرها فورا واحدا من ثلاثة مبردات للمفاعل. ولما بات عبء ثلاثة واقع على اثنين فإنهما سرعان ما خرجا، ومع خروجهما خرج المفاعل من دائرة الفعل المولد للطاقة، ولم يبق بعد ذلك إلا تفريغ بعض من الضغط المشع الذى لا يزال يطل بالخطر على دائرة واسعة تكاد تغطى الشاطئ الغربى لليابان.

انفجرت القاعة بالتصفيق للطريقة التى تعاملت بها اليابان مع الكارثة الثالثة فى تاريخ الكوارث النووية بعد ثرى مايلز أيلند الأمريكية وتشيرنوبيل السوفيتية. ولكن السؤال الذى ظل معلقا فوق كل الرؤوس كان ماذا تفعل الإنسانية مع طاقة تحتاجها، ولكن خطرها فادح. الإجابة اليابانية كانت معروفة، وهى أنها خلال زمن مقدر سوف تخرج خمسين مفاعلا من مجال توليد الطاقة، فلا أحد يحتاج لتذكير اليابان بالخطر النووى. ألمانيا فى شجاعة سياسية بالغة جرت على نفس الطريق. إيطاليا وجدت أنها لن تستطيع الوقوف بعيدا عن ألمانيا؛ وبينما بقيت الدول تواصل التفكير والتقييم، قررت فرنسا استثمارا أكبر فى مجال الطاقة النووية لأنها قبل وبعد كل شىء من أكبر المصدرين للطاقة الكهربائية فى أوروبا.

السؤال الذى لم يجد إجابة خلال مؤتمرين كان موقف العرب من الطاقة النووية حيث بدأت أربع عشرة دولة عربية فى شراء المفاعلات بأنواعها المختلفة. وحينما جاء السؤال عما إذا كانت هناك حاجة لإعادة التقييم والتدبير، جاءت الإجابة من السفير الإيرانى على أصغر سلطانية أن العصر النووى لم يشهد سوى ثلاث حوادث فقط خلال أكثر من نصف قرن؛ فأين هذا من حوادث مصادر الطاقة الأخرى. ولم يتطوع أحد فى قاعة المؤتمرات لا فى برلين ولا فى بروكسل بتقديم إجابة أخرى!.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل