المحتوى الرئيسى

الروابط الاجتماعية بين الديانات الإبراهيمية

07/12 01:07

هذا الموضوع ليس سهلا إذ يقف أى مفكر أمامه حائرا،ً لأن المراجع باختلاف مصادرها لم تجمع فى طيات أى منها مادة جامعة.

بل هناك مواد مبعثرة فى مناسبات حكمتها الأحداث والظروف الاجتماعية والسياسية أكثر من كونها مادة مرجعية موثقة . لهذا فالكتابة فى هذا الموضوع تحتاج الى جهد غير يسير وإن كنا نحاول ذلك ابتغاء مرضاة الله والرغبة فى ترميم الجسور قدر المستطاع.

لقد نشأ الاسلام فى شبه الجزيرة العربية وذلك بين أقوام مختلفين بعضهم ينتمون الى ديانات سابقة كاليهود والمسيحية وبعضهم يعبدون الأوثان ويعظمون الأنصاب والأزلام ويتميز المسيحيون عن غيرهم إذ إنهم بطبيعة تعاليم المسيح لا يعادون أحداً ولا يسعون لإيذاء غيرهم .

ونحن نعرف من دراستنا للتاريخ أن مصر حكمها حكام متعددو التوجهات، فحكم مصر حتى عام 661م حكام معينون من الخلفاء الراشدين، ثم حكمها آخرون عن طريق الأمويين حتى عام 750م، ثم بواسطة العباسيين وبعدهم الفاطميين حتى عام 1169م.

وإنطلاقا من تعدد أنظمة الحكم خضع غير المسلمين للتقلبات السياسية والاقتصادية التى مرت بها مصر فكانت معاملة الحكام للأقليات خشنة وقاسية، واختلف الحال كثيراً تحت حكم الفاطميين وهم من أهل الشيعة. وعين حكام الفاطميين عدداً من غير المسلمين لتولى مناصب مهمة فى الدولة بل ووزراء ومستشارين، ومع ذلك فلم يكن كل الفاطميين متسامحين بل كان منهم من اتسم بالتشدد والقسوة مع الأقليات غيرالمسلمة.

ويشهد التاريخ أن المسيحيين المصريين ظلوا أوفياء لبلدهم حتى إنهم رفضوا إدعاء من أطلق عليهم الصليبيين وحمايتهم للمسيحيين. وقد عانى المسيحيون كثيراً تحت حكم المماليك 1250ـ 1517م حتى إنهم استبعدوا من المشاركة فى الحياة العامة.

أما بداية الدولة العصرية فهى مع مطلع القرن التاسع عشر حيث اهتم المصريون بالزراعة والصناعة والادارة الحديثة والتعليم وذلك بفضل محمد على الذى سعى الى استقلال مصر عن الامبراطورية العثمانية، ويمكن القول ان محمد على هو الذى نقل مصر الى دولة عصرية حديثة.

ومماقيل عن محمد على أنه لم يرفض قط طلب بناء كنيسة جديدة. وجاء سعيد باشا فساوى بين المصريين فى خدمة الجيش، وفى سنة 1855م ألغى ضريبة الجزية على غير المسلمين. ومن النهضة التعليمية خرج مسلمون ومسيحيون قادوا مصر، ومن المسيحيين بطرس غالى باشا رئيس وزراء مصر فى حينه وغيره من المسيحيين أمثال مكرم عبيد وويصا واصف وسينوت حنا. كما أنشأت الكنيسة المصرية مدارس لتعليم البنات واستوردت الكنيسة أول مطبعة مصرية، ومع ذلك فقد انتشر خبر وفاة البطريرك بواسطة السم بأمر الخديوى سعيد باشا.

والخلاصة أن الاسلام فى بدايته قدم كل الاحترام للمسيحيين بل وشهد بالقرب والمودة بل وتزوج الرسول وله زوجة وهى قريبة ورقة بن نوفل الذى كان من كبار رجال الدين المسيحى، ولم يتزوج عليها بأخرى حتى ماتت، إلا أن الحكام الذين جاءوا بعد الراشدين انشغلوا بالمطامع المادية ومحاولة جمع أكبر قدر من الأموال وحولوا التعايش السلمى الى مرارة التحزب وتخريب العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فوضعت قوانين التمييز والتفرقة.

إننى بهذا السرد المختصر لا أقصد فتح الجراح بل أسعى لحاجتنا اليوم الى توحيد الصفوف فى حب واحترام متبادل «لكم دينكم ولى دين، والدين للديان جل جلاله.. ولو شاء ربك وحد الأديان».

ليتنا كمسلمين ومسيحيين نتحد معاً فى مشروعات مشتركة لمواجهة الجهل والفقر والتخلف والمرض والتصحر والانحلال والتدهور حتى نساهم معا فى إنقاذ الإنسان من خلال الحوار والجوار والتعاون فى مشروعات مشتركة لا بالكلام بل بالعمل والحق. ليتنا نستعيد ثقافة الاسلام فى مهده «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون»

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل