المحتوى الرئيسى

سياسة الغاردينيا... تذبل سريعاً؟!

07/08 19:18

راجح الخوري

لو كان عقل الرئيس نجيب ميقاتي في حجم سد شبروح لما تمكن من استيعاب كل ما قيل في جلسات مناقشة البيان الوزاري. ولو كانت اعصابه من فولاذ لما استطاع ابتلاع هذا الطوفان من النقاط التي وضعها نواب 14 آذار على حروف بيانه الوزاري، الذي لم يكن ليعترض عليه أحد لو انه لم يسقط الصيغة، التي اعتمدتها الحكومات السابقة حيال التزام لبنان المحكمة الدولية، عندما استعمل كلمة "مبدئياً" التي تشكل بذاتها بياناً اتهامياً ضد المحكمة، لا بل حكماً مبرماً ضدها!

ولأن ميقاتي كان يعرف طبعاً، ماذا سيسمع من كلام وماذا سيدور من تراشق تعمّد أن يذهب الى البرلمان متحصناً بأمرين:

أولاً: العمل بهدي ما قيل في اطار التراشق بين الأقلية النيابية "المسروقة" والأكثرية النيابية "السارقة"، كما يقول اهل 14 آذار، أي: انتم تتكلمون ونحن لا نسمع، لأننا ندير الأذن الطرشاء"، ولهذا جلس باسترخاء تعمد واستحضر كثيراً من "الثلج الداخلي"، ولم يتوان في ان ينخرط في شم زهرة غاردينيا حملها معه، مكرراً الأمر عند احتدام الكلام، ربما ليرى اللبنانيون عبر النقل التلفزيوني المباشر، انه يستعمل حاسة الشم أكثر من حاسة السمع، وكأن ما يُقال لا يستحق الانتباه، أو بالأحرى يستحق الازدراء!

ثانياً: الاتكال على ادارة الرئيس نبيه بري الذي بدا مرة جديدة، وكأنه يدير صفاً ابتدائياً من المشاغبين: "أنت اسكت... أنت اقعد... أنت تكلم". وكذلك الاعتماد على "البطاريات الدفاعية" المضادة في الصف الخلفي لاعتراض كل كلام ينال من الحكومة.

في أي حال، عراضة كلامية وانتهت. أما بالنسبة الى الرئيس ميقاتي فيفترض الآن أنه أمام القول: انتهت سكرة التكليف والتشكيل وجاءت فكرة مواجهة العقد والصعاب. وفي هذا السياق يمكن وضع البيان الوزاري الفضفاض في أدراج النسيان مثل كل البيانات الوزارية اللبنانية: وعود تذوي أسرع من زهرة الغاردينيا التي استمتع بها. وماذا ستفعل الحكومة غداً في مواجهة المحكمة الدولية؟ واذا لم تستجب بعد أقل من 30 يوماً لطلب تسليم المتهمين، ودخل مجلس الأمن على الخط وبدأ التلويح مجرد التلويح، بالعقوبات، فماذا ستفعل حكومة ميقاتي بالتداعيات الهائلة التي قد تحصل على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي؟

واذا كان تحفظ تسعة وزراء بينهم ميقاتي على صيغة بند المحكمة، لم يتمكن من الابقاء على كلمة "التزام" لبنان بعملها، فكيف سيترجم رئيس الحكومة كلامه عن الجمع بين العدالة والاستقرار. ثم كيف سيتمكن من منع السياسات الكيدية وممارسة السلطة انتقامياً وهو ما يلوّح به مؤيدوه من "رف الملائكة"، وماذا يستطيع ان يعطي للمواطن الذي استحضر امس "دربكة كلام"، واي مواطن... "وآخ يا بلدنا"!

ووسط الانقسام السياسي العمودي الحاد في لبنان، من أين لميقاتي نافذة ولو صغيرة يهب منها نسيم كلنا للوطن كلنا للعمل؟!

نقلا عن (النهار) اللبنانية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل