المحتوى الرئيسى

خدعة اتحاد العمال

07/06 10:07

بقلم:

كمال عباس

6 يوليو 2011

09:57:47 ص

بتوقيت القاهرة

تعليقات: 0

خدعة اتحاد العمال

 طالعتنا الصحف الصادرة يوم 22 يونيو 2011 بخبر مفاده اتخاذ اتحاد نقابات العمال «الرسمى» ــ خلال اجتماع أخير لمجلس إدارته ــ قرارا بتشكيل لجنة من قيادات الاتحاد يرأسها أمينه العام محمد مرسى (عضو مجلس الشورى المعين ووكيله السابق) تتولى الإعداد للانتخابات النقابية القادمة.. على أن يتم إجراؤها على ثلاث مراحل خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر القادمين، وتحت إشراف قضائى ــ وفقا للتصريحات الإعلامية الصادرة عن الاتحاد.

ربما يبدو لمن يطالع الخبر المشار إليه دون معرفة أو خبرة سابقة بهذا الكيان «الاتحاد».. أننا بصدد عملية انتخابية جادة.. فثمة لجنة ومراحل، بل وإشراف قضائى يكفل ــ على الأقل ــ بعض ضمانات النزاهة.. غير أن أحدا من العمال المصريين، أو المهتمين بالشأن النقابى، وذوى الصلة بدوائره ــ الذين يعرفون جيدا أن هذا الكيان ليس تنظيما نقابيا بل مؤسسة من مؤسسات النظام السابق ــ لا يمكن له أن يطالع مثل هذا الخبر، دون أن يرى فيما بين سطوره واحدة من مناورات القوى المضادة للثورة التى لا تكف عن معاودة المحاولة مستنفدة كل الأساليب الممكنة، للتشبث بمواقعها القديمة.

•••


مثلما نعرف جميعا أن مجلس الشعب لم يكن برلمانا، وأن الحزب الوطنى لم يكن حزبا.. يعرف العمال المصريون أن هذا الكيان لم يكن يوما اتحاد نقابات.. كان نموذجا فى تبعيته للنظام السابق، وفى إدارة الظهر للعمال والتنكر لحقوقهم.. فى المشاركة فى عمليات الإفساد السياسى والاقتصادى، وتمرير الصفقات المشبوهة لبيع الشركات وتسهيل التخلص من العمال بنظام المعاش المبكر.. نموذجا فى التهافت إلى حد اتخاذه قبل أقل من عام قرارا بتأجيل الانتخابات النقابية لكى يتفرغ لمناصرة الرئيس السابق ــ مبارك ــ (وهو القرار الذى يتراجع عنه الآن).. ثم نموذجا فى معاداته لثورة 25 يناير والمطالبين بالكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.. أصدر بياناته ضدهم، وخرجت قياداته لقمع المتظاهرين.. وكان رئيسه حسين مجاور (أحد قيادات الحزب الوطنى المنحل، وعضو مجلس الشعب السابق ورئيس لجنة القوى العاملة بالمجلس المزورة انتخاباته) أحد المدبرين والضالعين فى وقائع الثانى من فبراير (موقعة الجمل) المحبوس الآن على ذمة التحقيقات فيها.

إن الإجابة بلا تبدو هنا مؤكدة.. إن الحديث عن الإشراف القضائى ليس سوى خدعة فى ضوء القواعد القانونية واللائحية التى تضمن سيطرة هذه القيادات، والانتخابات ليست سوى عملية لإعادة إنتاج ذات الهياكل والشخوص.. هؤلاء الذين يستديرون الآن إلى الجانب الآخر مدعين مناصرتهم للثورة و«النظام الجديد».. هم أنفسهم الذين كانوا من أشد المدافعين عن الاشتراكية فى عهد الرئيس عبدالناصر، ثم منقلبين على سياسات عبدالناصر، مبشرين بسياسات الانفتاح فى عهد السادات.. هؤلاء هم أعضاء الاتحاد الاشتراكى، ثم حزب مصر، ثم الحزب الوطنى.

•••


لماذا لا يمكن للانتخابات ــ مهما كان شأنها ــ أن تتيح الفرصة أمام قيادات نقابية جديدة فى هذا الكيان «البالى». ببساطة لأن العضو النقابى لا يحق له الترشح للمنظمة النقابية الأعلى إلا إذا كان قد أمضى دورة نقابية سابقة عضوا بمجلس إدارة المنظمة النقابية الأدنى (المادة 36 من قانون النقابات العمالية رقم 35 لسنة 1976 وفقا للتعديل الذى تم إدخاله بموجب القانون رقم 12 لسنة 1995).

هكذا.. حتى لو تم إجراء انتخابات اللجان النقابية (فى المستوى القاعدى) بمنتهى النزاهة.. فإن جميع من يفوز فى هذه الانتخابات للمرة الأولى لا يمكنه الترشح لعضوية مجالس النقابات العامة.. ذلك هو التعديل الذى كان هؤلاء المتربعون على المقاعد فى هذا الكيان قد أدخلوه على القانون لضمان استئثارهم وحدهم بالمستويات العليا من التنظيم وبقائهم إلى أجل غير مسمى!! على الأخص وأنهم قد أدخلوا بموجب نفس القانون (12 لسنة 1995) تعديلا على نص المادة 23 من قانون النقابات يقضى بجواز استمرار العضو المحال إلى التقاعد إذا التحق بعمل آخر داخل التنظيم النقابى.. (وفقا لذلك استمر جميع قيادات الاتحاد على مقاعدهم بعد تحرير عقود عمل لهم كمستشارين!!).. كما أنهم بموجب المادة 36 المعدلة يمكنهم الترشح لعضوية المستويات العليا دون اشتراط ترشُّحهم وفوزهم فى الانتخابات بالمواقع القاعدية.

لا مجال إذن لأى تغيير فعلى.. مع افتراض نزاهة الانتخابات ــ وهو افتراض مستحيل على أية حال فى ظل الأوضاع الحالية للتنظيم ــ حيث لا مجال لفوز أى مرشح من خارج الطغمة المسيطرة بعضوية المستويات الأعلى من التنظيم التى تتركز فى قبضتها جميع السلطات والصلاحيات، بينما لا يكون للجان النقابية فى المواقع ــ وفقا للقانون المعيب والمشوه بالتعديلات المفصلة خصيصا ــ الشخصية القانونية الاعتبارية، ولا يمكنها التفاوض أو طلب التوفيق والتحكيم أو التقاضى.. لينحصر دورها فى تنظيم الرحلات ودفن الموتى.

وفضلا عن هذه النصوص القانونية المعيبة ــ التى لم يعد ممكنا قبولها، ولا مجال للتمسك بها وقد سقطت الشرعية عن النظام والمنظومة التى أنتجتها.. حيث دائما ما تم تعديل القانون فى سياق علاقات التبعية المتهافتة بالنظام السابق، والحصول منه على المكاسب الخاصة مقابل غض الطرف عن الحقوق العمالية، وحرمان الحركة العمالية من استقلالها.. ودائما ما كان التعديل مطلبا للاتحاد بما يتضمنه من مزايا مباشرة لقياداته المزمنة وضمانات لاستئثارهم بمناصبهم واستمرارهم فيها دون منافسة.. فضلا عن ذلك.. ثمة تشوه يستحيل علاجه أيضا فى تركيبة هذا الكيان «الرسمى» أيضا الذى تآكلت عضويته الفعلية «رغم طابعها شبه الإجبارى» حتى أصبحت اللجان المهنية الوهمية ــ بعضويتها الورقية التى لا وجود لها فى غير الدفاتر، وإيصالات سداد الاشتراكات ــ تشكل الجانب الأكبر من قوامه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل