المحتوى الرئيسى

فيه حاجة غلط

07/05 08:18

أخطر ما يدور فى مصر الآن أن الناس أصبحت تتشكك فى مواقع وأشخاص وقرارات وإجراءات كانت بعيدة تماماً عن مواطن الشك والريبة، كانت فوق مستوى الشبهات، لكن توالى الأيام والأشهر بعد ثورة يناير العظيمة دون- تقريباً- إنجاز حقيقى سوى ما فرضه بالقوة والإلحاح ميدان التحرير وبقية ميادين وشوارع مصر جعل الناس لا تكف عن التعجب والاندهاش والتساؤل: لماذا؟ لماذا أشياء كثيرة تحدث أو يتركونها تحدث دون مواجهة حاسمة حتى تصبح أقوى من المواجهة؟ ولماذا أشياء أخرى لا تحدث على الرغم من أهميتها وما يؤديه غيابها إلى نتائج سيئة؟ والفرق بين ما يجب رفضه وبحسم وما يجب قبوله وبسرعة مفهوم ومعروف.

تذكرت بهذه المناسبة معنى من الإنجيل يقول: يا رب امنحنى القوة أن أغير ما أستطيع تغييره، وامنحنى الصبر على تحمل ما لا أستطيع وامنحنى الحكمة أن أستطيع أن أميز بين الاثنين.

الآن تختفى هذه (الحكمة) لذا تستشرى أشياء فى الشارع المصرى وتتعاظم مع أننا قادرون على مواجهاتها فى مهدها، البلطجة مثلاً، جيش البلطجية لا يعمل لحساب نفسه ولا يخرج رجل وامرأة فيهم إلا بعد الحصول على الثمن، ولا يتصور أن يعمل بلطجى لحساب نفسه إلا إذا كان الحادث فردياً، سرقة مثلاً أو قتلاً أو خطفاً أما أن يركب عربة ميكروباص أو نصف نقل هو ومجموعة من أمثاله ومثيلاته ليشعلوا النار فى منطقة ثم يعودون سالمين غانمين دون تصد أو تحقيق أو وضع اليد على بداية الخيط فذلك مريب بل فى غاية الريبة، عناوين البلطجية منذ ما قبل الثورة معروفة وثمنهم معروف فلماذا لم نصل إليهم ولم نقطع دابرهم حتى الآن هم ومن وراءهم؟

المجالس المحلية كان العقل والمنطق والحصافة تلزم بحلها منذ الأيام الأولى للثورة لكنها تُركت تمرح وتلعب وتتآمر حتى صدر منذ أيام حكم محكمة القضاء الإدارى بحلها، وسننتظر كثيراً على ما يبدو حتى يصدر قرار فعلى بحلها، ولم نفكر بعد فى بديل يقوم بمهامها حتى لا تتـوقـف مصالح الناس وحتى تتشكل المجالس الجديدة، ولم نراجع فكرة الـ50% من العمال والفلاحين التى ستبقى جاثمة على صدورها وصدورنا حتى لو ضربت فكرة المساواة والعدالة بين المواطنين فى مقتل، وهكذا أيضاً البرلمان القادم سيبقى بفعل هذه النسبة برلماناً نائماً فى العسل فلماذا الإصرار على إضعافه ولمصلحة من؟

خبراء السياسة وأساتذة القانون يصرخون فى البرية يقولون: الدستور أولاً، وخبراء الصوت العالى والمصلحة المستترة يصممون على مخالفة المنطق والمصلحة الوطنية ويؤيدهم قرار علوى تعسفى لم يشهده العالم فى تاريخه.

رئيس الوزراء يريد تغيير سبعة وزراء من وزارته والمجلس العسكرى الحاكم لا يستجيب فكيف يعمل؟ لا يريد أن يستمر مع نائبه- مع احترامنا للاثنين- فيرفض طلبه فكيف يتعاون معه؟ نحاكم العادلى على اللوحات المعدنية ونؤجل جريمته الكبرى فى قتل الثوار، نبطئ كثيراً فى محاكمة الفاسدين ونحيل قضاياهم إلى شهور بعيدة قادمة، نعيش فى ملل أخبار صحة ومزاج الرئيس المخلوع دون أن تمتد إليه يد العدالة، ويبدو أن الانفلات الأمنى وكأن ليس له نهاية، نحرم أهالى الشهداء والمصابين من الاحترام الواجب والعرفان بالجميل، نتحدث عن عناصر الثورة المضادة ولا نضع يدنا على أطرافها، لم نخلق مجالاً جديداً للعمل ومواجهة البطالة ولم نبدأ فى مشروع كبير أو صغير. كل ذلك لماذا؟ مؤكد لأن فيه حاجة غلط ستنكشف حتى ولو بعد حين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل