المحتوى الرئيسى

> المستشار مدحت المراغي رئيس مجلس القضاء الأعلي الأسبق:إنشــاء لـجـان مصـالحـة وطـنـية مع المتهمين لاستـرداد الأمــوال المهـربة

07/04 21:53

 قال المستشار مدحت المراغي رئيس مجلس القضاء الأعلي الأسبق وعضو لجنة الوفاق القومي في حواره لـ«روزاليوسف» ان استرداد الأموال المهربة يمكن أن يتم خلال إيجاد صيغة للمصالحة الوطنية مع المتهمين من خلال انشاء لجان متخصصة في هذا الشأن تضم قضاة وعسكريين واقتصاديين مع طرح عقوبة أقل مقابل استرداد هذه الأموال؟

- وشدد المراغي علي ضرورة أن تتم توعية المواطن المصري أن الضغط علي المؤسسة القضائية لاستعجال الأحكام بحق المتهمين يضر بالقضاء لأن هناك دولاً خارجية تراقب الاحكام الصادرة من المحاكم المصرية. فإلي نص الحوار:


< باعتباركم عضوًا في لجنة الوفاق القومي.. ما رأيكم صراحة في الخلاف الدائر حول أيهما أسبق الدستور أم البرلمان؟

- فيما يتعلق برأيي صراحة في هذا الموضوع.. لابد أن يسبق الدستور إجراء الانتخابات البرلمانية لأن هذا يحدد نظام الدولة.. وكذلك المؤسسات الأساسية والدستور هو الأساس الذي يقوم عليه البناء.. كذلك أهمية الدستور أولاً تكمن في كونه يضع اللبنة لمعالم الدولة الجديدة.. هل ستكون بنظام رئاسي أم برلماني اضافة إلي تحديده لنسبة العمال والفلاحين وهل ستستمر أم لا اضافة إلي مجلس الشوري هل سيظل مستمرًا أم سيتم إلغاؤه ويتم الاكتفاء بالبرلمان فقط.


أيضا يمكن القول أن الوضع الحالي لا خلاف عليه في أنه يمر بمرحلة ارتباك أمني واضح لا يمكن معها إجراء الانتخابات!!

أيضا أهمية الدستور أولاً تأتي في سياق آخر مرتبط بتطور الأحزاب التي ظهرت عقب ثورة 25 يناير وهناك قوي سياسية ظهرت علي السطح لم تتشكل بشكل واضح ولم تأخذ فرصتها في عرض نفسها ولكن يظهر هذا كله بشكل واضح فالمصلحة العامة توجب وتقتضي أن يكون الدستور قبل الانتخابات لأننا بذلك نكون قد اعطينا فرصة للأجيال الجديدة الشابة.

< وماذا لو أجريت الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد خلال شهر سبتمبر المقبل؟

- في حقيقة الأمر الساحة هنا ستكون لفلول الحزب الوطني.

< هناك مشكلة قانونية تقول: إن الاستفتاء حدد المواقيت التي سيتم فيها إجراء الانتخابات سواء البرلمانية أو الرئاسية؟

- فيما يتعلق بالاستفتاء وما تم فيه فحقيقة الأمر تقول أنه كان مقصورًا علي 8 مواد ولم يتناول الدستور أولاً أم الانتخابات أولاً.. وبالتالي أصبحنا أيضا أمام حقيقة أخري تقول أن ثورة الخامس والعشرين من يناير قد اسقطت دستور 71 وبالتالي لم يصبح هناك أي عائق قانوني في عملية تأجيل الانتخابات أضف لذلك أن المواد التي أضيفت إلي الاعلان الدستوري هي مواد منظمة لطبيعة المرحلة الدستورية ومن هنا فأنا أناشد المجلس الأعلي للقوات المسلحة أن يصدر اعلانًا دستوريا آخر خاصة أن هناك بعض استطلاعات الرأي قد أجريت حول فكرة أيهما أسبق الدستور أم الانتخابات وأظهرت أن 80% منها يطالب بفكرة الدستور قبل الانتخابات.. وأن الشعب يريد الدستور أولاً والمصلحة العامة تستوجب ذلك في ظل الحالة الحالية والمجلس العسكري يمكن له أن يصدر تعديلاً علي هذا الاستفتاء لأن الذي يحكم هذا كله هو مصلحة مصر والمجلس العسكري يملك أيضا هذا بموجب الشرعية الدستورية المخولة له وبموجب الشرعية الثورية أيضا.


< هل يمكن إضافة مادة جديدة علي الإعلان الدستوري الذي تم إقراره منذ فترة بهذا المعني؟

- هذا ممكن لأن الانتخابات لو أجريت خلال شهر سبتمبر المقبل سوف نري قوي بعينها قد سيطرت علي البرلمان بخلاف فلول الحزب الوطني.. وهم الإخوان المسلمون مستغلة في ذلك أن الأحزاب الجديدة غير واضحة المعالم، وليس لها أفرع في الأقاليم والمواطن العادي لا يعلم الكثير عنها أو بمعني آخر ليس لها تواجد فعلي في الشارع وانا هنا اتحدث من أجل المصلحة العامة للمجتمع وما أقوله يقوله فقهاء الدستور.. ولذلك نأمل أن يستجيب المجلس العسكري لهذا ويعيد النظر في الوضع الحالي.

< هناك إشكالية يراها البعض وتكمن في الوضعية القانونية للمواد التي أجري عليها الاستفتاء من دستور 71؟

- إن وضع اللجنة التي قامت بتعديل الدستور كان غريبا.. لأن هناك رأيين، أحدهما يقول إن الثورة قد اسقطت الدستور وليس هناك محل بالتالي لإجراء تعديل علي مواد من دستور سقط بفعل الثورة.. والرأي الثاني كان يقول إن الدستور لم يسقط ولكنه توقف.. وبالتالي فليس هناك مشكلة في أن يتم العمل ببعض المواد ومن هنا ظهرت الاشكالية التي يتحدث عنها البعض حاليا.

هذا أيضا جعل البعض يقول إن الاستفتاء نفسه باطل بما أن الخطأ وقع فيمكن تصحيحه واستدراكه بدلا من الاستمرار فيه.. ويمكن طرح فكرة الدستور قبل الانتخابات مع الوضع في الاعتبار الحالة الأمنية، والصراعات القبلية بين المرشحين!!

< أنتقل بكم إلي نقطة أخري مرتبطة بمسألة الضغط الشعبي علي المؤسسة القضائية.. وخطورة ذلك مستقبلا؟

- المحاكمات بشكل عام في قضائنا العريق تستند إلي مبدأ أن المتهم بريء حتي تثبت إدانته وأن لكل متهم حق الدفاع.. والدفاع له حق إبداء ما يقتضيه من الأوجه القانونية.. وللمحكمة أن تفند هذه الأوجه القانونية علي الشكل الصحيح بدون أيه ضغوطات أو تدخلات خارجية.

والقضاء المصري حريص علي أداء رسالته في أن يحقق العدالة.. والقضاء المصري علي مدار تاريخه لا ينحاز أو يخضع لأحد أيا كان شخصه، ومن المفترض أن تأخذ العدالة مجراها الطبيعي، وفقا للقانون بدون ضغوطات شعبية، وبالتالي مسألة الأحكام والفصل في القضايا يجب أن نتركها للمحاكم فقط وليس للضغوطات الشعبية ولا حتي للمحاكم.. لأن المحاكم يجب أن يخضع لها الجميع حاكمًا ومحكومًا وإذا تأثرت المحاكمة برأي ما.. اختل ميزان العدالة.


ويحضرني هنا أيضا للتذكرة.. أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في أوج عنفوانه وسلطانه كان أن اتهم في خطبة رسمية له وزيرا مفوضا بالخارجية المصرية بتهمة التجسس وقدمته نيابة أمن الدولة العليا للمحاكمة.

وطالبت بأعدامه.. وعندما عرض علي الدائرة القضائية المختصة برئاسة المستشار محمد فؤاد الرشيدي قضت ببراءته.. وعندما ألغي الرئيس عبدالناصر الحكم وأعيدت محاكمته أمام دائرة قضائية أخري قضت أيضا ببراءته.. وهذا يعني أن هيئة المحكمة لا تتأثر بضغط شعبي ولا بضغط حاكم.. وإذا حدث غير ذلك لا يصح أن يكون القاضي قاضيا لأن القاضي لا يحكم إلا وفقا لضميره ونص القانون.

< هل يوجد تنازع اختصاص بين تحقيقات جهاز الكسب غير المشروع ومحكمة النقض في قضايا الكسب وفحص إقرارات الذمة المالية؟ 

 - النقض تختص بفحص إقرارات الذمة المالية لرئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، الوزراء، ونواب رئيس الجمهورية إن وجدوا وكذلك أعضاء مجلسي الشعب والشوري، أما جهاز الكسب غير المشروع فيحقق بناء علي البلاغات والشكاوي المقدمة أمامه ضد أي شخص والقانون هو الذي ينظم طريقة التحقيقات وهذا القانون هو قانون الكسب غير المشروع المعروف باسم «من أين لك هذا».. كما أن قانون الكسب قد أوجب نوعين من الاختصاص في مثل هذا النوع من القضايا.. حيث اختص إحدي دوائر محكمة النقض بفحص إقرارات الذمة المالية عن طريق الجمعية العمومية لمحكمة النقض التي تقوم بإختيار دائرة من دوائر النقض عن طريق الاقتراع السري مشكلة من خمسة قضاة تقوم بفحص إقرارات الذمة المالية للمسئول.. إذا تبين أن حجم ثروته لا يتناسب مع إقرار ذمته المالية.. وقد حدث أن حققت محكمة النقض مع أحد وزراء المالية السابقين عندما فحص إقرار ذمته المالية وتبين أن حجم ممتلكاته وثرواته لا يتناسب مع دخله وطلبنا منه أيضاحا حول ثروته.. ووقتها كنت رئيسا لمجلس القضاء الأعلي ومحكمة النقض وقدم ما يفيد أن هذه الثروات وفق مستندات رسمية قد حصل عليها من كونه كان يعمل بصندوق النقد الدولي ويحصل علي راتبه بالدولار وقدم الشيكات الخاصة بذلك!

- وبالتالي يمكن القول إنه لا يوجد تنازع اختصاص بين النقض وجهاز الكسب غير المشروع في مثل هذه النوعية من القضايا، أيضا يجب أن نذكر هنا أن القضاء جهة تحقيق وليس جهة تحري.

< باعتباركم رئيسًا سابقًا لمجلس القضاء الأعلي هل تري أن القضاء وفق ما يتمتع به من استقلالية بحاجة إلي المزيد بخاصة أن هناك تعديلات مقدمة من جانب بعض نوادي القضاة حاليًا؟

- من وجهة نظري أن القضاء مستقل تمامًا والتعديلات المقدمة من شأنها أن تزيد من دعم استقلال القضاء، والقضاء المصري في جميع مراحله مستقل، والاستقلال نفسه ينبع من القاضي قبل القوانين.. وطوال فترة عملي رئيسًا لمجلس القضاء الأعلي وهي أطول فترة في تاريخ المجلس من عام 1993 حتي عام 1998 وقبلها كنت أمينًا عامًا للمجلس لم يحدث أن تدخل أحد في أي شأن من شئون القضاء لا تلميحًا ولا تصريحًا بل لم يكن وزير العدل وقتها يجري تعيينًا لرؤساء المحاكم الابتدائية قبل الرجوع إلينا بالرغم من عدم وجود نص صريح وقتها.. وقبل تعديل قانون السلطة القضائية خلال العام 2006 وأقول أيضًا أن مجالس القضاء حريصة علي استقلال القضاء.. ولكن إذا وجدت النصوص يكون أفضل.. لأنه قد يأتي وزير ويستخدم صلاحياته دون الرجوع لمجلس القضاء الأعلي.

< هل هذا ينطبق علي مسألة التفتيش القضائي وضرورة نقل تبعيته من العدل للقضاء الأعلي؟

- نفس الأمر ينطبق علي التفتيش القضائي وإن كان عمليًا مدير التفتيش القضائي لابد أن يوافق علي اسمه مجلس القضاء الأعلي.

< هل هناك فرص متزايدة في استرداد الأموال المهربة للخارج في حال إصدار أحكام قضائية باتة ونهائية؟

- من الطبيعي جدًا أن الدولة تتبني جميع الإجراءات في هذه الحالة لاسترداد الأموال المهربة وإن كنت أناشد الدولة أن تحاول بالطرق الودية مع المتهمين باعتبارها وسيلة من أفضل الوسائل لاسترداد هذه الأموال.. وهذا ممكن من خلال تشكيل لجان علي مستوي عال للتوصل إلي صيغة تفاهم مع المتهمين باعتبارها طريقة أسرع بما يحقق مصلحة الوطن.

< من وجهة نظركم ما هي طبيعة هذه اللجان؟

- شخصيًَا لا أري مانعًا أن تكون لجانًا مختلطة - قضائيًا وعسكريًا، واقتصاديًا بحيث نصل لحلول ناجحة خاصة أن مسألة تهريب الأموال طرقها كثيرة.. لأنه من الممكن أن يكون المتهمون قد استخدموا أسماءً وهمية أو رموزًا أو حروفًا لإخفاء هذه الأموال.

< وماذا إذا فشلت هذه اللجان؟

- يمكن اتخاذ الطريقة القانونية الدولية عقب صدور الأحكام في شكلها النهائي.. خاصة أن الدول الأوروبية باتت تراقب الأحكام الصادرة من المحاكم المصرية في هذا الشأن بحيث تكون الأحكام عادلة وقانونية، وطبيعية ووقتها يصبح استرداد هذه الأموال ميسورًا.

< هل هناك تجارب غير مصرية في هذا الشأن؟

- هناك تجربة جنوب أفريقيا.. حيث تم إنشاء لجان للمصالحة والتوفيق وأتت بثمار طيبة وأقول لك أن تفضيل المصلحة الوطنية أهم لأنه لا يوجد أحد يريد الانتقام ولا التشفي وقد يكون استرداد الأموال أهم من العقوبة بحيث يكون استرداد هذه الأموال مع عقوبة أقل أفضل من عدم استردادها مع عقوبة أشد.

< ولكن هل سيقبل المجتمع هذا الأمر سواء بالمصالحة أو عقوبة أقل مقابل استرداد الأموال؟

- مع إيضاح المبررات.. وحجم الأموال المستردة والتعقل، والتوعية الإعلامية ممكن!!

< من وجهة نظركم.. ما هي المسافة التي يجب أن يقف عندها القاضي؟

- القاضي هو القاضي.. ولا يهتم بالشخصية التي تحاكم أمامه سواء كان حاكمًا أو غفيرًا لأن العدالة معصوبة العينين وميزة القضاء أن الجميع يخضع له ومن هنا تبرز قيمته.. لأن الحاكم بالأمس أصبح محكومًا عليه اليوم..

 وقد يحدث العكس!!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل