المحتوى الرئيسى

بعض الهراوات بقلم:سهام البيايضة

07/04 19:16

سهام البيايضة

قال لي فلان ابو هم متحدثاً: خرجت في إحدى المسيرات التي انطلقت عبر الوطن ،احمل طموحي وحلمي بوطن فيه دولة القانون والمؤسسات والعدالة والمساواة .

هكذا تعلمت منذ صغري ،وتخرجت من جامعتي ،وخدمت من اجل ذلك وطني ،وهذا ما أوصاه لي والدي قبل ان يرحل تاركاً تاريخاً مثقلاً بالانكسارات والنكسات والهجرات والهم .رغم ذلك كان يؤكد بإصرار حتى لا انسي :يا ولدي حافظ على كرامة وطنك وكن له محارباً مؤتمناً على أرضه ،عرضه وماله، واصبوا إلى عزته ومنعته ،ودافع عن حقوقك وعن حقوق الناس ..ومهما أظلمت أو أدهمت..لا تتراجع ولا تنسحب، وشد عزيمتك و همتك، لتصل إلى أفضل الأحوال.

الأمم التي سبقتنا ليست بأحسن منا..نحن أبناء العروبة وديننا الإسلام..فلا تقنط ولا تجزع ولا تتراجع..الله في ملكوته وفوق عرشه حرم الظلم على نفسه وحرمه على الناس ..الظلم ظلمات يا ولدي وحرام، فلا تلين قناتك للظلم ولا تستكين نفسك لقرار المترددين الخائبين، وكن صاحب الرأي والقرار وابتعد عن النفاق فهو ذلةً وخسارة ، وإلا امتطاك نخاسي الشعوب وعبدت المال كما تمتطى البغال والحمير وكافة الدواب .

ويستطرد فلان ابو الهم ..اتبعت نصيحة والدي وحافظت على ارث جدي، وخرجت لرفعة بلدي بعد ان نهبه النهابون وأفسده الفاسدون وامتطاه السفلة ومطاريد الشعوب .

خرجت محتجاً غاضباً ،بعد ان استغفلت في مالي ولقمتي ،واستهزاء التافهون من صمتي وحكمتي ،وراهنوا على ولائي وانتمائي لوطني ،فخرجت ليسمعوا صوتي ،وليعلموا أنني لست بغبي ،وليكون وطني عزيزاً، نظيفاً ،عصياً على الأعداء وسماسرة الشعوب !

خرجت إلى الشارع وخرج معي إخوتي ومن شابه همي ،صرخت عالياً :بالروح بالدم أفديك يا وطني !!..بالروح بالدم أفديك يا شعبي!! سرنا عبر الشوارع نهتف، وهتف معي ربعي..رفعنا أعلام الوطن ..كانت ألوانه تشرق مع صرخاتنا وتتراءى لنا حقول القمح في اللون الأخضر ..ونشم رائحة دماء الشهداء الزكية في اللون الأحمر ..وينادينا شرف الأمهات والأخوات في ألون الأبيض الناصع الجميل ..ويذكرنا اللون الأسود بسواد ليل الأعداء وخونة الأوطان أصحاب مخططات التقسيم والتوطين ! يااه.. ما أجملك من علم وما أروعك من وطن ! احبك يا وطني يا عرضي ويا فخري. اللهم امنحني عمرا فوق سنوات عمري لأخدم أهلي ولأنذر دمي لوطني.

فجأة صمت فلان ابو هم ..وغرق في دموعه الصامتة . لا احد من البشر يحتمل هذا المنظر البشري الحزين الذي تفاقم إلى تعاسة وانكسار!

أخذت أهدهد عليه :على رسلك يا فلان ..على رسلك ، فأبوك هم وابنك هم وأنت الهم بعينه ،فما الذي أبكاك بحرقة وصمت،لا بد ان في الأمر مستجد ؟

من بين الدموع خرجت كلماته متقطعةً تائهة: خرجوا علينا بهراواتهم.."عيال" من بلدي.. رائحة الفقر والعوز تفوح منهم، هوت هراواتهم على ظهري. طرحتني أرضا ً..لم أكن وحدي ..كل من معي أصابهم مصابي ..كم حزنت على نفسي وأنا في هذا العمر، كيف هانت عليهم نفوسنا؟؟، وما منا سارق أو خائن.. لقد خط الشيب شعري. وأنا في خدمة بلدي .لقد تذكرت حينها جدي ..فحزنت ، ووصية أبي.. وانكسرت !!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل