المحتوى الرئيسى

الجمود على الفتاوى القديمة

07/04 13:08

من مزالق الفتوى: الجمود على ما سطر في كتب الفقه، أو كتب الفتاوى منذ عدة قرون، والإفتاء بها لكل سائل دون مراعاة لظروف الزمان والمكان والعرف والحال، مع أن هذه كلها تتغير وتتطور، ولا تبقى جامدة ثابتة أبد الدهر. من ذلك ما يذكره بعض أهل الفتوى مما نصت عليه كتب الفقه: أن حليق اللحية لا تقبل شهادته. ومهما يكن رأينا في حلق اللحية وتأثيم فاعلها ـ وهو أمر اختلف فيه المعاصرون ـ فنحن لا نستطيع رد شهادة الحليق، لعموم البلوى به، وعموم البلوى من أسباب التخفيف والرخص كما هو معلوم.

ولو أخذنا بالرأي المدون في الكتب لأوشكنا أن نعطل المحاكم في أداء وظيفتها في الفصل في الخصومات والقضاء بين الناس والعدل. وأكثر من ذلك ما ذكره الفقهاء من أن الأكل في الطريق يسقط المروءة، وبالتالي يسقط الشهادة. ولا يخفى أن عصرنا يعرف بأنه "عصر السرعة" وهي سرعة في كل جانب، حتى في الأكل، ولهذا يسمونه: عصر "السندوتش" ولهذا نرى كثيرا من الناس يأكلون في الشوارع، وأمام المحلات، ونحوها، ولم يعد هذا السلوك منافيا للمروءة لدى جمهور الناس كما كان من قبل.ومن ذلك ما ذهب إليه جمهور الفقهاء في مختلف المذاهب المتبوعة من منع المرأة من الذهاب إلى المسجد للصلاة وبخاصة الشابة، سدا للذريعة، وخوفا من الفتنة: أي خشية أن نفتن أو تفتن. فمثل هذا إذا كان له ما يبرره في العصور الماضية لم يعد له ما يبرره اليوم، فقد خرجت المرأة بالفعل إلى المدرسة، وإلى الجامعة وإلى العمل وإلى السوق وإلى غيرها، فلا يجوز أن يبقى المسجد وحده هو المكان المحظور عليها، في حين أن الحديث الصحيح يقول "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" رواه مسلم. ولا سيما أن المرأة لا تستفيد من المسجد الصلاة فقط، بل تستفيد معها حضور المواعظ والدروس الدينية، وتتعرف على غيرها من صالحات النساء، فيتعارفن على الخير، ويتعاون على البر والتقوى.

والواقع أن كل نساء الملل والأديان في الشرق والغرب يذهبن إلى معابدهن ما عدا المرأة المسلمة.

وقد لمست بالتجربة أن ذهاب المرأة إلى المسجد لصلاة التراويح والجمعة ونحوها، يؤثر في نفسيتها واتجاهها، ويحفزها إلى خير كثير.

الفتوى والظروف المختلفة

ومما يذكر هنا ما نرى بعض أهل الفتوى يصرون عليه إلى اليوم وهو ما يتعلق بثبوت الهلال برؤية العين المجردة، والإعراض عن استخدام المراصد والأجهزة الحديثة، وإهمال ما يقطع به علماء الفلك الثقات الذين يجمعون على عدم إمكان رؤية الهلال في ليلة معينة، لعدم ولادته فلكيا في أي مكان في العالم شرقه أو غربه، هذا مع تقدم علم الفلك في عصرنا تقدما مذهلا، تم على أساس الصعود إلى القمر.

 وقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم، بل جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه ما يشهد برعاية هذا الأصل. روى ابن أبي شبتة يسنده: أن رجلا جاء إلى ابن عباس فقال: ألمن قتل مؤمنا توبة؟ قال: لا، إلى النار! فلما ذهب قال له جلساؤه: ما هكذا كنت تفتينا، فما بال هذا اليوم؟ قال: إني أحسبه مغضبا يريد أن يقتل مؤمنا، فبعثوا في أثره، فوجوده كذلك".

رأى حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما ـ في عيني هذا الرجل الحقد والغضب، والتوثب للقتل، وإنما يريد الفتوى تفتح له باب التوبة بعد أن يرتكب جريمته، فقمعه وسد عليه الطريق، حتى لا يتورط في هذه الكبيرة الموبقة، ولو رأى في عينيه صورة امرئ نادم على ما فعل، لفتح له باب الأمل.وقد روى سعيد بن منصور عن سفيان قال: كان أهل العلم إذا سئلوا عن القاتل قالوا: لا توبة له، وإذا ابتلى رجل (أي قتل بالفعل) قالوا له: تب.وفي المعنى ما أخرجه أبو داود عن أبي هريرة: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم، فرخص له، وأتاه آخر فسأله، فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، وإذا الذي نهاه شاب".

وأشهر من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب عن السؤال الواحد بأجوبة مختلفة، وذلك لاختلاف أحوال السائلين.فهو يجيب كل واحد بما يناسب حاله، ويعالج قصوره أو تقصيره، فقد وجدنا من يسأله عن وصية جامعة، فيقول له: لا تغصب، وآخر يقول له: قل: آمنت بالله، ثم استقم.وآخر يقول له: كف عليك لسانك. وهكذا يعطي كل إنسان من الدواء ما يرى أنه أشفى لمرضه، وأصلح لأمره، فهذا ـ وما سبق ـ أصل في تغير الجواب أن الفتوى بتغير أحوال السائلين.

ولهذا يجب أن يلاحظ المفتي في فتواه الظروف الشخصية للمستفتي ـ نفسية واجتماعية ـ والظروف العامة للعصر والبيئة. فرب فتوى تصلح لعصر ولا تصلح لآخر، وتصلح لبيئة ولا تصلح لأخرى، وتصلح لشخص ولا تصلح لغيره، وقد تصلح لشخص في حال، ولا تصلح له نفسه في حال أخرى. وهذا من أهم الملاحظات التي يغفل عنها الكثيرون، مع أن المحققين من علمائنا رحمهم الله ـ نبهوا عليها، وأكدوا أهميتها.

 ولعل أبرزهم في هذا المجال هو الإمام المحقق ابن القيم الجوزية، الذي أفرد لذلك فصلا ممتعا في كتابه الفريد "إعلام الموقعين عن رب العالمين" ويقصد بالموقعين عن رب العالمين، أهل الفتوى، لأنهم إذا قصدوا لبيان حكم شرعي في قضية، فكأنهم يوقعون عن الله تعالى في شأنها، كالموكل بالتوقيع نيابة عن الأمير أو السلطان. وقد أصبحت كلمات ابن القيم في مطلع هذا الفصل من كتابه، منارا يهتدي به السائرون، ونوه بها المصلحون المعاصرون، وكل من حاول الإسهام في تجديد الفقه الإسلامي، وإحياء العمل بالشريعة الإسلامية.

تغير الفتوى حسب الزمان والمكان والأحوال!

يقول العلامة ابن القيم: "فصل في تغير الفتوى بحسب تغير الأمكنة والأزمنة والأحوال والعوائد" ثم قال: "هذا فصل عظيم النفع جدا، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة، أوجب من الحرج والمشقة، وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به، فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها".

وعند المالكية نجد الإمام القرافي في كتابه "الإحكام" يقول:"إن استمرار الأحكام التي تدركها العوائد، مع تغير تلك العوائد، خلاف الإجماع وجهالة في الدين، بل كل ما هو في الشريعة يتبع العوائد، يتغير الحكم فيه عند تغير العادة إلى ما تقتضيه العادة المتجددة، وليس هذا تجديدا للاجتهاد من المقلدين حتى يشترط فيه أهلية الاجتهاد، بل هذه قاعدة اجتهد فيها العلماء وأجمعوا عليها فنحن نتبعهم فيها من غير استئناف اجتهاد".

ونلاحظ هنا أن كلام القرافي في الأحكام التي مدركها ومستندها العوائد والأعراف، لا تلك التي مستندها النصوص المحكمات.

ويعود القرافي إلى هذا الموضوع مرة أخرى في الفرق الثامن والعشرين من كتابه "الفروق" فيؤكد أن القانون الواجب على أهل الفقه والفتوى مراعاته على طول الأيام، هو ملاحظة تغير الأعراف والعادات بتغير الأزمان والبلدان.ويقول: "فمهما تجدد من العرف أعتبره، ومهما سقط أسقطه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير إقليمك يستفتيك، لا تخبره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده، وأجره عليه، وأفته به، دون عرف بلدك والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضيين".

أما عند الحنفية، فنجد مجموعة كبيرة من الأحكام الاجتهادية التي قال بها المتقدمون أعرض عنها المتأخرون، وأفتوا بما يخالفها لتغير العرف، نتيجة لفساد الزمن أو لتغير المجتمع، أو لغير ذلك.

ولا غرابة في هذا، فإن أئمة المذهب أنفسهم ـ أبا حنيفة وأصحابه ـ قد فعلوا ذلك.

ذكر السرخسي: أن الأمام أبا حنيفة في أول عهد الفرس بالإسلام، وصعوبة نطقهم بالعربية، رخص لغير المبتدع منهم أن يقرأ في الصلاة بما لا يقبل التأويل من القرآن باللغة الفارسية، فلما لانت ألسنتهم من ناحية، وانتشر الزيغ والابتداع، من ناحية أخرى، رجع عن هذا القول.

وذكر كذلك، أن أبا حنيفة كان يجيز القضاء بشهادة مستور الحال في عهده عهد تابعي التابعين، اكتفاء بالعدالة الظاهرة، وفي عهد صاحبيه ـ أبي يوسف ومحمد ـ منعا ذلك، لانتشار الكذب بين الناس.

ويقول علماء الحنفية في مثل هذا النوع من الخلاف بين الإمام وصاحبيه، هو اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان.وقد أصبح من القواعد الفقهية الأساسية عند الحنفية وغيرهم قاعدة: "العادة محكمة" واستدلوا لها بقول ابن مسعود: "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن".

وكتب في ذلك علامة المتأخرين من الحنفية ابن عابدين رسالته القيمة التي سماها "نشر العرف فيما بنى من الأحكام على العرف" بين فيها: أن كثيرا من المسائل الفقهية الاجتهادية كان يبنيها المجتهد على ما كان في عرف زمانه، بحيث لو كان في زمان العرف الحادث لقال بخلاف ما قاله أولا قال:

ولهذا قالوا في شروط المجتهد لابد فيه من معرفة عادات الناس.

قال: فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان، لتغير عرف أهله، ولحدوث ضرورة، أو فساد أهل الزمان، بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه، للزم منه المشقة والضرر بالناس، ولخالف قواعد الشريعة المبنية على التخفيف والتيسير، ودفع الضرر والفساد، لبقاء العالم على أتم نظام، وأحسن إحكام.

ولهذا نرى مشايخ المذهب خالفوا ما نص عليه المجتهد "يعني إمام المذهب" في مواضع كثيرة، بناها على ما كان في زمنه، لعلمهم أنه لو كان في عهدهم لقال بما قالوا به، أخذا من قواعد مذهبه".

إن حاجات الناس تتطور، ومصالحها تتغير من وقت لآخر، ومن حال لأخرى.

الواقع يؤكد انتصار الرأي المعتدل

وهذا ما جعل كثيرا من أهل العلم يقرون أشياء كانوا ينكرونها ـ أو أكثرهم ـ منذ سنوات غير بعيدة، نزولا على حكم الضرورة، واستجابة لنداء الواقع، وتطبيقا لروح الشريعة، التي أراد الله بها اليسر، ولم يرد بها العسر.

فمنذ سنين قام جدال طويل حول مقام إبراهيم ونقله من مكانه في المسجد الحرام، حيث كان يعوق الطائفين في أيام الموسم، وهل يسوغ نقله إلى حيث لا يؤذي الطائفين ولا يضايقهم؟ أم وضعه في مكانه ـ حيث كان وكما كان ـ أمر تعبدي لا يجوز التفكير في غيره؟

وكتبت بحوث ومقالات، وألفت رسائل وكتيبات، حول الموضوع، ما بين أخذ ورد، وجذب وشد، وتجويز ومنع.

وكان صوت المانعين، من أي تغيير فيه، أو مساس به ـ أول الأمر ـ أجهر وأقوى، حتى قضت الأوضاع العملية، والضرورات الواقعية، بانتصار الرأي المعتدل، الذي صدر عن "المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي" ونصه كما يلي:

"تفاديا لخطر الزحام أيام موسم الحج، وحرصا على أرواح الحجاج، التي تذهب في الموسم، تحت أقدام الطائفين، الأمر الذي ينافي سماحة الشريعة الإسلامية، ولضرورة عدم تكليف النفس البشرية أكثر مما في وسعها.

قرر المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السادسة القرار التالي:بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، فبناء على ما من الله به تعالى على حكومة هذه المملكة العربية السعودية من التوفيق لتوسعة الحرمين الشريفين توسعة لم يسبق لها مثيل، وبناء على ما أفاء الله على هذه البلاد المقدسة من الخير العظيم، والفضل العميم، وما يسره من توطيد الأمن في ربوع هذه الديار، وتيسير السبل لأداء فريضة الحج إلى بيته الحرام، فقد أصبح عدد من يؤم البيت الحرام لأداء هذه الفريضة أضعافا مضاعفة عما كان عليه في الماضي، حتى صار المسجد الحرام رغم هذه التوسعة العظيمة، يضيق بالوافدين إليه.

ومن المأمول أن يزداد عدد الحجاج في المستقبل عاما بعد عام إن شاء الله، وإن أشد ما يقع الزحام والضيق من بعد توسعة المطاف في الجزء من المطاف الذي يقع بين الحجر الأسود وبين مقام إبراهيم، فيحصل بذلك الزحام للطائفين على اختلاف أنواعهم من الحرج والمشقة ما الله تعالى به عليم.كما يقع الخلل في هذه العبادة الشريفة، وهي الطواف، الذي هو أحد أركان الحج الذي لا يتم الحج إلا بها، لفقدان ما يطلب في هذه العبادة من الخشوع والخضوع، والتذلل لله تعالى وصدق التوجه إليه، حتى ينسى المرء ـ من شدة الزحام والمضايقة ـ أنه في عبادة، ولا يهتم إلا بتخليص نفسه ومن معه، وربما تجاوز الأمر إلى النزاع والخصام في مكان لا ينبغي فيه ذلك، بل لقد زاد الأمر، وأدى في بعض الحالات إلى إزهاق الأرواح من الضعفة والشيوخ دهما بالأرجل.وقد ارتفعت الشكوى إلى الله تعالى، ثم إلى ولي الأمر من كل من شاهد بعيني رأسه هذه الأخطار العظيمة، والمضار الجسيمة، مطالبين وملحين بوجوب إيجاد حل سريع لهذه المشكلة.

وعلى ضوء هذه الحوادث البالغة الخطورة، والتي لا يجوز لأهل العلم وحملة الشريعة الإسلامية، السكوت عليها، ولا التغاضي عنها، قد طلب سماحة رئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ محمد بن إبراهيم، من أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس المذكور، بيان آرائهم فيها على هدى نصوص كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأحكام الشريعة السمحة، التي جاءت بالخير والرحمة ورفع الحرج عن الأمة الإسلامية، وبعد البحث والمذاكرة وتداول الرأي تقررت الموافقة بإجماع الآراء على ما يأتي:

1. بالنظر لما تدعو إليه الضرورة في أيام موسم الحج من توسعة المطاف في الجزء الذي بين الحجر الأسود ومقام إبراهيم، فإنه يجب على الفور، وحلا لهذه المشكلة العظيمة، إزالة جميع الزوايا الموجودة في هذا الجزء من المطاف ـ كالبناء ـ القائم على مقام إبراهيم عليه السلام وكالعقد المسمى بباب بني شيبة، لأن جميع هذه الزوائد لا تمت إلى مقام إبراهيم بأي صلة.كما أن البناء الموجود حاليا فوق مقام إبراهيم، لم يكن موجودا في صدر الإسلام، إنما هو من المحدثات التي أحدثت فيما مضى، كما هو مدون في كتب التاريخ.ومعظم الزحام، إنما ينشأ من وجود هذه الزوائد، التي لا ضرورة لبقائها، بل بإزالتها يزول عن الطائفين والقائمين والركع والسجود الكثير من الضيق والحرج والمشقة. وذلك عملا بمقتضى قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر) وقوله تعالى: (يريد الله أن يخفف عنكم، وخلق الإنسان ضعيفا) وحديث: "يسروا ولا تعسروا" وغيره من الأحاديث الشريفة الواردة في هذا المعنى.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل