المحتوى الرئيسى

سيد حسين يكتب: لجنة الحكماء ولجنة الدهماء

07/03 14:56

قرأت فى جريدة حكومية عتيقة إن محافظ القاهرة قام بتشكيل لجنة من الحكماء لحل مشاكل المرور بالقاهرة، وقد اوصت اللجنة - كالعادة - بغلق بعض الطرق وتحويل أخرى، وتطويل المسافة الطويلة أصلا على المعذبون بالقيادة فى شوارعنا الملعونة، بغلق بعض المطالع للكبارى والميادين، وعمل يو-تيرن لمضاعفة المسافة التى يتم قطعها بالعافية أساساً، كما أنه قد لفت نظرى فى الخبر المفصل الطويل نقطتين.

الأولى: إنه لم يذكر على الإطلاق إن هذه اللجنة "الحكيمة" تقوم بعمل تطوعى (مجانى يعنى).

ثانياً: أنه لم يذكر أى شئ عن سؤال الناس أنفسهم، عن تخيلهم للحل العبقرى الذى لم يأتى به أحد من قبل ولا من بعد فى العالم المتقدم والمتخلف معاً، لحل أزمة بسيطة مثل ازمة المرور لا تحتاج أكثر من مجرد إرادة للحل، وإتخاذ القرار المناسب البسيط الذى لو سألوا "الدهماء" من قائدى السيارات أمثالى عنه لوجدوه بدون عناء لأننا لا نحتاج لإختراع العجلة لأن الحل بسيط ومتيسر ومتوفر وموجود فى كل أرجاء العالم، سيبكم من أمثالى. ماذا لو أحضرت اللجنة "الحكيمة" طفلاً فى الشهادة الإبتدائية ووضعته فى شرفة تطل على ميدان العتبة، وسألته:

ما الحل فى رأيك لحل أزمة المرور فى هذا المكان مع الوضع فى الإعتبار إن الحلول من نوعية نسف الميدان أو حرقة أو قتل كل من فيه غير مقبولة لأنه قد تم تقديمها من قبل ورُفضت تماماً.

سيجيب الطفل ببساطة: المشكلة أنه لا يوجد نظام والحل هو وجود نظام.

وهنا سيشخط فيه أحد أعضاء اللجنة "الحكيمة" قائلاً:

وحياة أمك؟ ماحنا عارفين إن مافيش نظام! إيه الحل؟

سيجيب الطفل: الحل هو وجود نظام مراقبة.

أحد الحكماء: يعنى إيه .. جبت التايهة يعنى .. ماهو فيه عساكر!

الطفل: هو حضرتك (لامؤاخذه) أعمى؟ يعنى مش شايف العساكر وهما شغالين سُياس، وبيساعدوا العربيات أنها تركن صف تانى وتالت ورابع وفوق الرصيف؟ وأمناء الشرطة وهما بيمدوا إيديهم عشان مايحرروش المخالفات!

حكيم أول: أمال رقابة إيه؟ .. هانجيبلهم جن وعفاريت وشياطين يراقبوهم ولا بلورة سحرية؟ .. ماتفلقناش وحياة أبوك

الطفل: الموضوع مش محتاج ولا جن ولا عفاريت ولا شياطين .. لكن ممكن بلورة سحرية تنقللك كل اللى بيحصل فى الميادين والشوارع وتمنع المخالفة تماماً.

حكيم ثان: أنا مش قلتلكم ده عيل أهبل .. إنت جاى تهزر يا روح خالتك؟ هو ده الحل؟ بلورة سحرية؟

الطفل: أه والله العظيم .. بلورة سحرية إسمها شاشة فى غرفة عمليات متوصلة بكاميرات بتلاته تعريفة موجودة فى الميادين ومطالع الكبارى والتقاطعات والمحاور والطرق السريعة يتم عن طريقها توجيه "الكونستابل أبو موتوسيكل" بتاع زمان عن طريق اللاسلكى لظبط وسحب رخص السيارات المخالفة والتى تم تحرير المخالفة لها عن طريق الكاميرات، وخاصة النقل اللى على الشمال والتكاتك على الطرق السريعة والكارو فوق الكوبرى والزفة اللى فى النفق، وأقسم بالله أنه فى خلال أسابيع ستنخفض الحوادث 90% عن معدلها المهول الموجود حالياً، وسيقل الزحام الناتج عن التكدس لأكثر من النصف ولن يبقى إلا عمل جراجات ومنع تراخيص المبانى والمحلات الجديدة والشركات والمكاتب فى وسط القاهرة لتختفى المشكلة تماماً.

حكيم ثالث: تختفى يعنى إيه؟ وإحنا نشتغل إيه ساعتها؟

الطفل: ما أنتوا (ماتأخذونيش يعنى) مالكوش عازة أصلاً، ومرتباتكم أو مكافأتكم يتم توفيرها لعمل مفيد من اللى ذكرتهم دول.

حكيم أول: إيه رأيكم يا جماعة بتفكروا فى اللى بفكر فيه؟

كلهم فى صوت واحد: طبعاً .. إنت عندك شك؟

وأمام المبنى. وأثناء محاولة المارة تفادى بعضهم البعض، مع القفز فوق من يفترش الأرض بمشنة جبنة أو قفص عيش، فوجئ الجميع بطفل يسقط من بلكونة الدور الثانى فوقهم، ثم على الأرض، ولكنه قام على قدميه وجرى بعيداً بسرعة، وأحد الأشخاص يهتف من البلكونة فوقهم ملوحاً وصارخاً فى الطفل الهارب: وحياة أمك يا إبن الكلب لو شفنا وشك هنا تانى لنرميك من الدور العاشر المرة الجاية.

رجع الحكيم إلى الداخل وباقى الحكماء يهدؤنه "كل بما يتيسر"

حكيم أول: ماتزعلش نفسك كده .. ده عيل مش متربى.

حكيم ثان: غير أنه غبى ومغفل .. كاميرات وكونستابل قال .. ليس بالإمكان أجمل مما كان؟

حكيم ثالث: وإنت إيه رأيك يا كبير؟ هنكتب إيه فى التقرير؟

كبير الحكماء: يعنى هانكتب إيه يعنى؟ هانقفل مطلع الكوبرى ومدخل الميدان ونعمل يو-تيرن هنا ولا هناك زى مابنعمل طول عمرنا .. ياكش تولع على اللى فيها .. قال تختفى المشكلة قال! .. عيل إبن ..تييييييييييييييييييييييييييتتتتتت..

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل