المحتوى الرئيسى

نصرالله ضد نصرالله

07/03 03:44

أحمد عيّاش

في اطلالته الأولى بعد صدور القرار الاتهامي اثبت الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله انه لا يزال يفضل ان يحطم المرآة بدل الاقتناع بأن ازالة الصورة لا تعني ازالة اصلها. ومثل أمينه العام استنفر الحزب بعد اعلان أسماء المتهمين الأربعة بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005 لكي يضغط على سكان الاماكن التي ينتمي اليها هؤلاء المتهمون من اجل انكار معرفتهم بهم، وبالتالي انكار صلة المتهمين بهذه الاماكن منذ زمن بعيد، في حين يعرف السكان ان هؤلاء موجودون بينهم منذ زمن طويل وشاهدوهم وعاشوا معهم.

انه الاسلوب ذاته الذي لجأ اليه قائد الحرس الجمهوري في عهد الرئيس اميل لحود عندما سارع الى طمر حفرة السان جورج التي احدثها انفجار الاغتيال في ذلك العام. على رغم ان هذا الطمر يتخطى مسؤولياته.

المدعي العام التمييزي السابق القاضي الراحل منيف عويدات قال لي بعد اسابيع قليلة من جريمة الاغتيال انه لو كان في موقع المسؤولية لما احتاج الى طول شرح ليعرف من القاتل، فلديه الدليل القوي في طمر الحفرة. لكن الارادة العارمة التي عبرت عنها الغالبية الساحقة من اللبنانيين اختارت الطريق الشاق الى العدالة من طريق المحكمة الدولية والتي سقط من اجلها الشهيد تلو الشهيد. وها هي أولى الثمار تظهر بعد اكثر من ستة اعوام على وقوع الجريمة.

كل ما قاله السيد نصرالله وما سيقوله لاحقاً لم يأخذ في الاعتبار الملف الضخم الذي يتضمّنه القرار الاتهامي. فلو شاء ان يعرف الوقائع بدل كسر المرآة لاختار أن يكون اول من يقرأ الملف في العالم. فمذكرات التوقيف التي وصلت الى المتهمين الذين ينتمون الى حزبه ولم يتسلموها كانت مرفقة بمغلفات تضم نسخاً من القرار لم تصل الى اي مسؤول في لبنان.

نظرية "اشرف الناس" تهاوت يوم 24 حزيران الماضي عندما أطل نصرالله ليكشف بنفسه قضية انتماء افراد من حزبه، وهم مسؤولون فيه، الى شبكة تجسس الـCIA وقبل ذلك أسقط نصرالله فرضية تجسس افراد في الحزب لمصلحة اسرائيل بعدما كشفهم فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي، ليتردد حديثاً انه جرى اعدامهم على يد الحزب. ولماذا لا تكون الثالثة ثابتة فيكون الاتهام بالاغتيال صحيحاً، وهو الآتي من اهم مرجعية قضائية ليس في تاريخ لبنان فحسب بل في تاريخ المنطقة برمتها؟

اليوم يحمل "حزب الله" التهمة بالاغتيال. فماذا سيفعل نصرالله كي لا يحمّل حزبه وطائفته وزرها؟ احد الاصدقاء يقترح أن يحذو نصرالله حذو حليفه السوري الرئيس بشار الاسد الذي دعا الى حوار وإن مشكوك فيه من اجل خروج نظامه من ورطته الحالية فيحاور اهله اولا في الطائفة. واذا كان سلوك الاسد لا يقنعه فليحذو حذو زعماء الجنوب عندما تنادوا الى مؤتمر وادي الحجير المصيري العام 1920 ليتدبروا مصيرهم ايام الملك فيصل الاول. قومك يا سيد نصرالله يستأهلون اسلوبا افضل من تحطيم المرآة.



نقلاً عن "النهار" اللبنانية

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل