المحتوى الرئيسى

أبناء مبارك عائدون للحكم!

07/03 02:28

وسط المتناقضات التى يتحرك فى نطاقها النخبة السياسية، وأجهزة الإعلام المرتبطة بها، ظهرت صحيفتا الوفد الأسبوعى والدستور وبوابة الوفد الإلكترونية يوم الخميس الماضى، لتنقل للناس رؤية مختلفة بالصوت والصورة. كشف الصور عن شباب يحمل طبنجات ورشاشات أثناء تصويبها فى وجه الناس والشرطة داخل الميدان. وبينت أفلام الفيديو المنشورة حاليا على بوابة الوفد، أن عشرات من الشباب يحملون السيوف والسنج، يطاردون بها المواطنين، بداية من مسرح البالون، حتى مبنى الإذاعة والتلفزيون، وانطلاقا إلى ميدان التحرير، ووسط القاهرة حول الجامعة الأمريكية إلى أن تجمعوا أمام مدخل وزارة الداخلية يريدون الانقضاض على حراسها واقتحام أسوارها.

مراجعة دقيقة للصور التى اخذتها الفضائيات نقلا عن الوفد والدستور، تبين أن حالة الفوضى للتحرير لم تأت مصادفة أبدا، بل حدثت بتدبير محكم وتخطيط مبكر، وتمويل على مستوى واسع مادياً وبشرياً. فالجموع التى تحركت صوب مسرح البالون لتحث الناس على الخروج منه أثناء تكريم أسر الشهداء، بحجة أن الأمن يعتدى على أهلهم أمام مبنى التلفزيون، كثيفة العدد جيدة التنظيم. وحينما مشت على الكبارى وفى الشوارع صوب التلفزيون وفى اتجاه التحرير ومبنى الداخلية، تضرب الناس يمنة ويسارا، وتشعل النار وحالة الفوضى تعرف ما تفعل على وجه الدقة.

الملفت فى الأمر أن الصور التى نعرض على المواطنين جميعا مراجعتها معنا للتعرف على الجناة ، لم تحرك أجهزة الأمن والنظام أو تدفعهم للقبض على البلطجية، بما يحرك فى نفوسنا المزيد من الريبة فى نوايا تلك الأجهزة تجاه الثورة برمتها. فهذه النوعية من البلطجة ازدادت الأسبوع الماضى، حينما اصطف من سمو أنفسهم «أبناء مبارك» فى تظاهرة بعنوان:سامحنا ياريس، فى ميدان مصطفى محمود، تطالب بالعفو عن مبارك ومنع محاكمته. وحينما رفض الناس مشاركتهم فى دعوتهم «المشمومة» أنهالوا على المارة بالطوب والعصى ومنعوا السيارات من المرور فى شارع جامعة الدول العربية لعدة ساعات». وواكب نمو جماعات أبناء مبارك، خروج تصريحات إعلامية من بعضهم تندد بمحاكمة النظام السابق، وانتشار عدة مواقع على الفيس بوك، تدافع عن وزراء ومسئولين، بعضهم داخل السجون وآخرون فارون للخارج، تؤكد أن محاكماتهم غير مشروعة، وتجرى لأسباب سياسية بعيدة عن أى أمور ترتبط بالفساد المالى. وفى نفس الوقت بدأ أباطرة الحزب الوطنى المنحل يتحركون على الملأ، وبمساندة من رجال أعمال للظهور فى تلك الصحف والفضائيات، بزعم أن الحرية التى يطلبها الثوار يجب أن تكون متاحة لهم مثل الجميع.

جاءت لحظة الحسم حينما أعلن مجلس الدولة حكمة التاريخى بحل المجالس المحلية، وتأكيده على أنها كانت أداة النظام السابق فى نشر الفساد، ومبادرة الحكومة بأنها ستستجيب لذلك الحكم وتصدر قرارا بحل تلك المؤسسات باعتبارها فقدت شرعية استمرارها، بعد أن فرضت الثورة دستورا وواقعا جديدا. هنالك فقط أصبح تجمع فلول الوطنى وأبناء مبارك أمرا حتميا، ولكن ما الوسيلة التى تدفعهم للتجمع، والجرائم التى تجعلهم يحدثون الفوضى فى البلد، بعد أن امتلكوا جميعا الدوافع التى تجعلهم فى عراك مع الثوار وكافة المؤيدين لهم؟. جاءت التحركات المنظمة من أماكن متفرقة صوب مسرح البالون، بفكرة واضحة أن أهالى الشهداء فى ماسبيرو يتعرضون للضرب، ومن هنا حدث الشرخ الحقيقى فتاه الصالح مع الطالح، وشرعت الأسلحة فى وجه السائرين، وهيجت أنفسا لاتدرى ماذا فٌعل بها أو تعرف مصير حالة الهياج التى أشعلها آخرون فى نفوسهم؟

هذه الأفعال المدروسة واكبها تراخيا من قبل أجهزة الأمن فى رصد الحدث، والتعامل معه لحظة بلحظة إلى أن تطور الأمر وتطلب دخول القوات المسلحة فى وقف البلطجة التى كادت تدمر وسط القاهرة برمتها، بعد أن أتت على سمعة البلد وسوق المال خلال ساعات. لم نجد حتى الآن من يذكر القصة الكاملة، لا أجهزة الأمن ولا القضاء، ولكن من شهادة مراسلينا فى الأحداث وأقوال الحاضرين، نستطيع أن نجزم أن أبناء مبارك لم يعودوا بفردهم فى الميدان، بل هناك من أطلق يدهم بعد ضربهم الناس جهارا نهارا فى ميدان مصطفى محمود، الأسبوع الماضى، كى يمضوا صوب ميدان التحرير لتكرار معركة الجمل. فإذا كانوا بالأمس يعملون تحت ستار النظام البائد وبتمويل من حزبه ورجال الأعمال والوزراء والأمن، فاليوم تدور المعركة بتمويل من بعض هذه الرموز التى خرجت من السجن على ذمة معركة الجمل الأولى أو رجال الأعمال المختبئين عن الأعين ويخشون أن تمتد إليهم يد القصاص وضباط أمن الدولة الذين زينوا لقادتهم وأصهارهم تلك المعركة القذرة التى أطاحت برأس مبارك ونظامه اللعين.

لم نهول من الأمر حينما قلنا على مدار الأسبوعين الماضيين، أن رجال مبارك عائدون للحكم من جديد. ولم نقصد تخويف الناس من «بعبع» النظام السابق، بل ذكرنا ذلك بناء على معلومات تحصلنا عليها من أناس ذكرت أمامهم تلك الأقوال من شخصيات مهمة عملت وأثرت من النظام البائد. وجاء تحذيرنا من تنامى مظاهرات أبناء مبارك تحت ستار حرية العمل السياسى، فى ظل أجواء الحرية للجميع، لمعرفتنا بشبكة العلاقات القوية بين رجال أعمال وبلطجية وساسة وضباط شكلهم النظام البائد على عينه، كتبنا عنهم مرارا، يريدون استغلال هذه الأجواء للانقضاض على ثورة الشعب. فهؤلاء يشعلون حالة من الفوضى والسوق السوداء ويحركون رموزا كبيرة فى أجهزة الإعلام والمرتجفة قلوبهم، كى نعيد إليهم مفاتيح السجن الذى عشنا فيه عشرات السنين. هذه الأمنية ستتحقق طالما لم يطبق العزل السياسى بقانون لمدد محدد على رجال النظام البائد، ونحاكم كل مسئول تراخى فى مواجهة هؤلاء أو تستر عليهم أو أخفى جرائم الممولين والمخططين لأفعالهم الدنيئة.

[email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل