المحتوى الرئيسى

الحوار الأمريكي الإخواني بين المصالح والمبادئ

07/03 20:35

بقلم: قطب العربي

لم يعد الحديث عن اتصالات بين الإخوان وأمريكا أمرًا محرَّمًا كما كان قبل ثورة يناير، أصبح مشروعًا بل صارخًا، فقد خرجت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ومن العاصمة المَجَرِيِّة "براغ" بتصريح واضح؛ أن إدارتها ستواصل الاتصالات التي بدأتها من قبل مع جماعة الإخوان؛ بدعوى أن من مصلحة واشنطن إجراء مثل هذه الاتصالات.

 

ونقلت وكالة (رويترز) عن مسئول أمريكي رفيع أن بلاده قررت استئناف الاتصالات الرسمية مع الجماعة، وأن هذا القرار قد يؤدي إلى غضب "الكيان الغاصب" ومؤيديه من الأمريكيين، موضحًا أن المشهد السياسي في مصر تغير، وأنه مستمر في التغيير، وأن من مصلحة واشنطن التعامل مع كلِّ الأطراف التي تتنافس على البرلمان والرئاسة.

 

لم يتأخر الرد الإخواني كثيرًا إذ صرح المتحدث الإعلامي باسم الجماعة الدكتور محمود غزلان السبت أن جماعته على استعداد للحوار مع الإدارة الأمريكية في إطار الاحترام المتبادل، راجيًا أن تكون الإدارة الأمريكية قد راجعت سياستها السابقة، وقررت الانحياز إلى حقوق الشعوب ومطالبها، والتخلي عن تأييد الأنظمة الحاكمة الفاسدة المستبدة، ودعم الاحتلال الصهيوني، والكيل بمكيالين.

 

كانت الجماعة تخشى من قبل الحديث عن اتصالات مع الإدارة الأمريكية، مكتفية ببعض الحوارات الأكاديمية أو البرلمانية عبر ممثليها في مجلس الشعب، وهو ما أكده المتحدث الإعلامي بقوله: إنه لم تحدث حوارات رسمية من قبل، وأن ما جرى هو فقط لقاء مع برلمانيين مصريين، من بينهم رئيس الكتلة البرلمانية للجماعة في البرلمان المنحل الدكتور سعد الكتاتني، بصفته البرلمانية، وكان نظام مبارك وجوقته الإعلامية وبعض القوى السياسية المناوئة للإخوان يحرصون دائمًا على نشر أخبار عن اتصالات تتم بين الإخوان والإدارة الأمريكية؛ بهدف تشويه سمعة الجماعة لدى الرأي العام، واغتيالها معنويًّا، وكان النظام يريد أن يكون هو الوكيل الحصري في التعامل مع الإدارة الأمريكية، وكان يتهم كلَّ مَن يحاول التواصل معها بتهمة الخيانة الوطنية، رغم أن التواصل بين حكومات الدول الكبرى منها وحتى الصغرى مع ممثلي القوى السياسية الحية في أي مجتمع هو عُرْف دبلوماسي طبيعي جدًّا؛ حيث تستهدف تلك الحكومات الوقوف على مواقف هذه القوى من بعض القضايا التي تؤثر في مصالحها في المنطقة، وتريد استشراف المستقبل؛ حتى تتمكن من بناء سياسة مناسبة للتعامل مع أي مستجدات، وهذا شأن أية حكومة ديمقراطية في العالم.

 

يحسب للإخوان أنهم كانوا يُصرُّون على أن يكون أي تواصل مع الإدارة الأمريكية عبر وزارة الخارجية المصرية، وهو ما كرَّروه في تصريحاتهم الأخيرة على الرغم من تغيُّر الظروف، ورغم أن النظام الحالي لن يلومهم على أي تواصل من هذا القبيل، ويُحسَب على الإدارة الأمريكية أنها كانت تخضع لتفسيرات وطلبات نظام مبارك في تصويره للإخوان باعتبارهم خطرًا على الديمقراطية التي لم تكن موجودةً من الأساس في مصر، وأنهم خطر على المصالح الأمريكية والغربية، الآن فهمت الإدارة الأمريكية أن الإخوان لا يمثلون ذلك الخطر، بل إنهم مجرد فصيل سياسي يمكن أن يحصل على تمثيل برلماني قوي، ولكن ليس هيمنة كاملة على البرلمان، وذلك بعد ظهور العديد من القوى الليبرالية واليسارية النشطة، والتي يمكن أن تخلق حالة من التوازن مع الإخوان.

 

تظل المشكلة الرئيسية بين الإخوان وأمريكا هي الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين؛ حيث تريد واشنطن من الجماعة الاعتراف بالكيان الصهيوني، وإقامة علاقة طبيعية معه، وهو ما ترى الجماعة أنه يخالف ثوابتها، وبالتالي فهي غير مستعدة لهذا الاعتراف حتى لو كلفها ذلك انقطاع التواصل مع الجانب الأمريكي، لكن من المؤكد أن الإدارة الأمريكية لن تكون غبية إلى حدِّ الإصرار على تلك الشروط، بل قد تكتفي بموقف إخواني يحترم الاتفاقات الدولية ومنها بطبيعة الحال اتفاقية كامب ديفيد، وهو موقف لن يكون صعبًا على الجماعة اتخاذه في ضوء تصريحات عديدة لقادة الجماعة تؤكد احترامهم لتلك الاتفاقات، مع فتح الباب فقط لتعديلها، أو لإلغائها إذا رغب الشعب في ذلك عبر استفتاءٍ عامٍ.

 

القضايا الخلافية الأخرى مثل الاحتلال الأمريكي للعراق وأفغانستان، ومساندة الحكام المستبدين لن تكون عسيرة على النقاش في ضوء خطة واشنطن لسحب قواتها من الدولتين، وفي ضوء اعتراف واشنطن بخطئها في دعم الأنظمة الديكتاتورية في مصر وتونس وليبيا واليمن وغيرها، وترحيبها- وإن كان متأخرًا- بالثورات العربية.

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل