المحتوى الرئيسى

مركز بحثى: توجهات مرشحى الرئاسة الأمريكية نحو الوطن العربى

07/02 12:23

يعلق الحزب الجمهورى آماله فى الفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية على موقفه من مسألتى السياسية الخارجية والأمن القومى، مراهنا على الأداء الضعيف لإدارة الرئيس باراك أوباما فى الشئون الخارجية، وهو العامل الذى قد يرجح كفة انحياز الرأى العام لصالح سياسة أمريكية حازمة وهجومية تحت زعامة رئيس من الحزب الجمهورى.

حيث عرف الرئيس جورج بوش الابن بأنه رئيس فى زمن الحرب اتسمت سياسته الشرق أوسطية المعادية كردات فعل لأحداث الحادى عشر من سبتمبر.وتناول "مركز الدراسات الأمريكية والعربية - المرصد الفكرى /البحثى" التجاذبات الانتخابية بين المرشحين عن الحزب الجمهورى للرئاسة، لاسيما قراءة توجهاتهم

السياسية نحو الوطن العربى ومنطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الدافع الأساسى لهذا الاهتمام يكمن فى إصرار مراكز القوى المختلفة على تأجيج الأزمة الداخلية التى يواجهها الرئيس أوباما والتى قد تسفر عن تمكن الحزب الجمهورى من إيصال أحد مرشحيه للبيت الأبيض.

وفى هذا السياق، تابع تحليل المركز خطاب المرشح عن الحزب الجمهورى الأوفر حظا وحاكم ولاية منيسوتا، تيم بولنتى، أمام "مجلس العلاقات الخارجية" والوتيرة العالية لتحديه للرئيس أوباما، مشيرا إلى التحولات التى قد تطرأ على السياسة الأمريكية فى المنطقة تحت زعامة الجمهوريين.

بداية، جرت تحولات فى مناخ السياسة الخارجية يمكن إجمالها بتراجع الشعور العام لحتمية خطر الإرهاب خاصة بعد مقتل بن لادن، والانقسامات التى يتعرض لها حاليا الحزب الجمهورى بين القوى المؤيدة للتدخل العسكرى والقوى الانعزالية للتقوقع فى الداخل، فمرشح القوى الانعزالية، رون بول، أعرب عن قناعته بضرورة انسحاب سريع للقوات الأمريكية من المنطقة، والتماشى مع تراجع الزخم فى مدى الانخراط الدبلوماسى الأمريكى، وبالمقابل يرى البعض الآخر أنه يتعين على الولايات المتحدة البقاء على مستويات التدخل الحالية فى المنطقة.

وجاءت أولى البوادر على ماهية سياسة الجمهوريين الخارجية فى كلمة ألقاها المرشح تيم بولنتى مؤخرا أمام "مجلس العلاقات الخارجية"، والتى اعتبرها البعض ردا يمثل موقف الجمهوريين من خطاب الرئيس باراك أوباما الشهر الماضى الخاص بالشرق الأوسط.. إذ يعد بولنتى من المعتدلين بين أقطاب الحزب الجمهورى فى توجهاته الشرق أوسطية، ويأتى ترتيبه على يمين المرشح الرئاسى ميت رومنى لكنه أكثر ليبرالية من المرشحة المحافظة ميشيل باكمان، وقد أعرب بوضوح عن أنه لدى الولايات المتحدة "مصالح حيوية فى المنطقة".

وحذر المرشح الجمهورى للرئاسة الأمريكية ميت بولنتى فى خطابه من نزعات الحزب الجمهورى للتقوقع وتقليص النفوذ الأمريكى فيما يجرى من أحداث حول العالم، قائلا إن "الدروس التاريخية تحذرنا مرارا وتكرارا من أن ضعف الأداء فى السياسة الخارجية على المدى الطويل سيكون مكلفا لأجيالنا وأولادنا أكثر مما سيوفر لنا" من استقطاع مؤقت فى الميزانية.

وشاطر بولنتى الرئيس أوباما فى مديحه الربيع العربي، لكنه أعرب عن ارتيابه من نتائج الانتفاضات، وقال فى كلمته المشار إليها "ستفضى هذه الثورات عن نتائج تأتى بقوى ليست بالديمقراطية أو تتطلع قدما إلى سدة الحكم.. فكما أن الشعوب فى مصر وتونس وليبيا وسوريا ومناطق أخرى ترى فرصة سانحة للعيش الأفضل عبر ديمقراطية حقة، بينما تراها الزعامات الإسلامية المتشددة بأنها فرصة لركوب موجة الاضطرابات السياسية للفوز بالسلطة".

وجاء خطاب بولنتى معبرا عن مشاعر القلق داخل الحزب الجمهورى الذى "يرغب أغلبية أعضائه فى رؤية أن تسفر الانتفاضات الشعبية عن بزوغ أنظمة ديمقراطية شعبية.. لكن مسار التطورات أدى بهم للاعتقاد بأن نظام استبدادى يجرى استبداله بآخر مماثل".وبالرغم من دعم الجمهوريين لمزيد من الحريات والديمقراطية فى المنطقة، إلا أن معظمهم يبقى أسير إمكانية فوز النفوذ الراديكالى.. وبالمحصلة، ينتظر من رئيس جمهورى الدفع باتجاه تخفيف القبضة الحكومية فى الإقليم بدل المخاطرة بإحداث اضطرابات واسعة النطاق وغير مضمونة العواقب".ويجمع المرشحون عن الحزب الجمهورى على انتقادهم لما وصفوه بتأرجح سياسة أوباما حيال النظام المصرى السابق خلال الانتفاضة الشعبية فى مصر، ووجه بولنتى اللوم إلى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون لتصريحها أبان تجمعات ميدان التحرير المليونية حين قالت "النظام المصرى مستقر"، وبعد تصريحها بأقل من أسبوعين تمت الإطاحة برأس النظام المصرى .. ونوه بولنتى إلى تبعات تصريحات وزيرة الخارجية

حين عقدت العزم لزيارة القاهرة بعد الإطاحة بمبارك ورفض بعض القوى والنشطاء طلبها للقاء بهم، قائلا "من يستطيع أن يوجه اللوم لهم" لرفضهم اللقاء بها وهى "القوى التى صرف النظر عنها من قبل الوزيرة كلينتون".

وقد عبر بولنتى لاحقا عن ما يعتبره استفادة بعض الأنظمة من دروس الانتفاضات الشعبية، إذ قال "الممالك العربية، البعض منها مثل الأردن والمغرب منخرطة الآن بإحداث ما يمكن وصفه بإصلاحات حقيقية.. مما ينبغى أن يحظى برعايتنا ودعمنا.. إذ توصل هؤلاء الملوك إلى قناعة تفيد بأن عليهم الشروع فى بناء شراكة مع مواطنيهم، تقود تدريجيا إلى بناء مجتمعات تتمتع بالديمقراطية.. وباستطاعة تلك الملكيات تهيئة التحولات نحو إصلاحات دستورية ومزيد من الحريات، مما يعزز شرعيتها.. وإن أقدموا على هذا المسار، فهم جديرون بدعمنا أيضا".

وتبقى مسألة الانخراط الأمريكى فى شئون المنطقة من القضايا التى تشق الحزب الجمهورى، لاسيما وأن المرشح الجمهورى القوى، ميت رومنى، شاطر الرئيس أوباما الرأى مؤخرا بالقول "حان الوقت لإعادة قواتنا إلى أرض الوطن فى أقرب فرصة ممكنة وبما يوازى قناعة الجنرالات بإمكانية الإقدام عليه... ومن الدروس المستفادة من التجربة الأفغانية أنه ليس باستطاعة الأمريكيين القتال نيابة عن دولة أخرى للحفاظ على استقلالها"، ولاقى تصريح رومنى صدى لدى المرشح الجمهورى الآخر، جون هنتسمان، وفى الشأن الليبى، نادى بولنتى بضرورة التدخل الأمريكى المباشر لإزاحة القذافى والاعتراف الفورى بالمجلس الانتقالى المؤقت وإنهاء العمل بتجميد الأصول الليبية ووضعها تحت تصرف المجلس الانتقالى.

وتجدر الإشارة إلى أن الزعامات فى الحزب الجمهورى تبقى متناسقة فى مواقفها من الأنظمة التى تعتبرها الولايات المتحدة معادية لسياساتها، خاصة سوريا وإيران.. بل إن بولنتى نزع قناع الكياسة الدبلوماسية فى كلمته أمام مجلس العلاقات الخارجية بإعلانه أن للولايات المتحدة "مصلحة واضحة فى إسقاط" النظام السورى، وانتقد أسلوب الإدارة الأمريكية فى التقرب من النظام وانخراطه فى شئون المنطقة.. وقال علانية إن "الأنظمة فى سوريا وإيران تصنف فى مصاف الأعداء للولايات المتحدة،" معلنا تأييده للعمل الدءوب مع تركيا فى الشئون الإقليمية.

وفى سياق منفصل، يجمع مرشحو الحزب الجمهورى على ضرورة النظر بوضع الأقليات الدينية فى الوطن العربي، خاصة ما وصفوه بأنه تمييز واضطهاد دينى للأقليات المسيحية بشكل خاص.

وأوضح بولنتى فى كلمته أنه "يتعين علينا الإصرار بالمطالبة لتحقيق الحريات الدينية للجميع، ومن بينها الأقليات فى المنطقة سواء المسيحيين أو الشيعة أو السنة أو البهائيين".. ومن شأن هذا التوجه أن يؤثر على مستقبل العلاقات الأمريكية مع مصر فى حالة فوز المرشح الجمهورى بالرئاسة، وتبقى المسألة المركزية فى توجهات المرشحين الجمهوريين حول إسرائيل، إذ أن الكل يجمع على دعمها دون حدود وإن اختلف البعض منهم فهو لضرورات السياسة الأمريكية فى المنطقة، ليس إلا.

وتجدر الإشارة إلى أن المرشحة ميشيل باكمان، التى تعتز بجذورها المسيحية وتفخر بأنها من اشد المؤيدين لإسرائيل لدوافع دينية قد تطوعت عام 1974 للعمل فى احد المزارع الجماعية، "الكيبوتز"، فى فلسطين المحتلة..أما بولنتى فلم يرغب إلا أن يدلى بدلوه فى تأييده اللا محدود لإسرائيل، قائلا فى كلمته أمام مجلس العلاقات الخارجية "قلبى يقطر دما لرؤية كيفية تعامل الرئيس أوباما مع إسرائيل، صديقتنا الودودة، باعتبارها مأزقا بدل أن تكون حليفا لنا".وبالمحصلة، فان أفضل توقعات السياسة الخارجية تحت زعامة رئيس جمهورى تشير بوضوح إلى أن الرابح الأكبر من اهتمام البيت الأبيض ستكون "إسرائيل"، مع الاستمرار فى سياسة انخراط كافة الأطراف الأخرى فى السعى للتوصل إلى حل سلمى.. كما ومن المتوقع أن يقدم الرئيس الجمهورى المقبل على تشديد العقوبات ضد كل من سوريا وإيران وليبيا؛ خاصة وأن كافة المرشحين عن الحزب الجمهورى يكنون عداء واضحا نحو ليبيا.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل