المحتوى الرئيسى

حنان عبد الفتاح بدر تكتب: آدمية المصرى خطين حمر

07/01 12:08

بصراحة هل نشعر أن النظام تغير بحيث يحترم آدمية الانسان المصرى وحقه فى التعبير السلمى؟ هل تغيرت القواعد الحاكمة للعبة السياسة أم كل ماحدث هو طرد -أو بالأحرى حبس- بعض اللاعبين القدامى فى طره وإدخال لاعبين جدد إلى الحلبة مع استخدام نفس التكتيكات من دعاية وإلهاء و تطبيق قاعدة فرق تسد من عينة تحب الدستور ولا الانتخابات؟ هل تغير أداء الإعلام المصرى الممول من جيوبنا بحيث يعكس مصالحنا أم تغيرت ولاءاته فحسب؟ شهدنا مساء 28 يونيو نفس التلكؤ قبل سقوط رأس النظام فى فبراير، ونفس التعتيم ونفس استراتيجيات تلوين المعلومات بدلاً من السعى وراء الحقيقة. ولم يتغير سوى الوسيط، فأصبحت الوزارات تخاطب الشعب عبر الفيسبوك لأنها أدركت أن الفيسبوك مؤثر فى الرأى العام، وليس حباً فى الشعب. ولمن يخشى على البلد من الفوضى (مسلسل الفوضى تانى) فليسأل نفسه لم لا تتم تلبية مطالب المعتصمين أو على الأقل التفاوض معهم أو إنشاء لجنة معلنة لتلقى شكاواهم مثلما تمت تلبية مطالب جهاز الشرطة والاستماع إليها فى أيام معدودة بعد التنحى؟ 

ما معنى أن تموت مريم العاملة المعتصمة لأنها لم تقبض مرتب شهر مايو تاركة ثلاثة يتامى فى الوقت الذى يرقص شرطى شاهراً سيوفه فى وجه العدو ..الشعب طبعاً.. دون أى عواقب؟ على الناس أن تدرك أن الاعتصام ليس إجراماً..الاعتصام السلمى له شروط يمكن تعلمها وتدريب الشعب على ممارستها بحيث لا يعطل عجلة الاقتصاد ولا يخرق أداب عامة مع عقاب من يخرق النظام العام بالقانون، أما أسلوب العنف من جانب الدولة فلن يكون رد الفعل إزائه إلا العنف.

الرواية الأكثر تكراراً حتى الآن عن أحداث التحرير الحزينة أن هناك جهة ما غامضة تستأجر البلطجية لاستفزاز الشرطة وبافتراض أن الفلول قامت برد فعل على حكم القضاء بحل المجالس المحلية، ماذا عن رد فعل الشرطة نفسها على المناوشات؟ وهو رد فعل الذى من المنطق أو البداهة أو حتى الكفاءة، ليكون الحل هو محاولة تخويف الشعب والذى لم يدركه القيادات ان الشعب كسر حاجز الخوف مما أسفر عن انسحابهم مرة ثانية، كأن الشرطة لا تجيد سوى الضرب أو الانسحاب، وكانت الفترة الدقيقة التى نمر بها فى ظل تدهور صورة جهاز الشرطة وتآكل مصداقيته تحتم ألا يتم استخدام أساليب سيئة السمعة كالتى تم استخدامها ضمن أحداث الثورة، كاجراء تكتيكى على الأقل.

المشكلة أن أجيال الشرطة تربت على قيم عقابية وقمعية، وهى تحتاج ليس فقط إعادة تأهيل وإعادة تدريب على قيم المهنية والعدالة، بل تحتاج لجلسات نفسية لأن صدمة يناير لا زالت صعبة الهضم لدى أغلبهم، وبلغة علم النفس فقد حدث عندهم اختلال فى القيم التى تمت تنشئة أجيال من وزارة الداخلية عليها، فهم لم يفعلوا سوى أنهم التزموا بالأوامر وطبقوا ما تعلموه، كأن تنطبق عليهم مقولة "حافظ مش فاهم"، ويبدو أنهم فى حاجة بالفعل لفهم ماذا تعنى آدمية الانسان قبل أن يأخذوا دورات فى حقوق الانسان أساساً.

بقدر حزنى نتيجة نشوب هذه الأحداث على ساحة التحرير وحزنى على من سقط بها من ضحايا بقدر امتنانى لهذه الأحداث على  المستوى السياسى لأنها لحظة مفصلية سوف تميز بين المستفيدين من الثورة ومن أخذ جزءاً من "الكيكة" (وبالتالى لا يريد تغيير شئ حتى لا يخاطر بفقد ما حصل عليه) وبين الراغبين فى إرساء دولة ديموقراطية حقيقية تحقق العيش والكرامة والحرية أياً كان حجم التحديات.

العدالة الناجزة هى الحل..قال تعالى "ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون" صدق الله العظيم. والقصاص يعنى العقاب الفعال لمنتهكى ليس فقط حقوق الانسان بل قبلها منتهكى أوامر الله ونواهيه، فعقاب كل من ساهم فى قتل برئ، وليس عقاب أمين الشرطة الغلبان فقط أو العادلى رأس الوزارة فقط بل سلسلة المسئولين والقناصة الذين عكفوا على تنفيذ هذه الأوامر سيكون أكثر الاجراءات فعالية لإعادة هيكلة الداخلية، خاصة وأننا حتى الآن لم نحل لغز اختفاء الشرطة يوم جمعة الغضب وتسببها فى مرور الشعب المصرى بعقاب جماعى تمثلت فى ليالى الرعب.

هل تعلمت الشرطة حقاً درس ثورة يناير وهى التى رسبت فى أول اختبار، أم احتاجت خمسة شهور لإعادة تنظيم صفوفها وشراء المؤن من قنابل الغاز إنتاج مايو 2011 ؟ من الآخر الدرس الحقيقى من الثورة والذى على الجميع أن يعيه هو أن الشعب خط أحمر، كرامة المصرى وانسانيته وحقوقه خط أحمر، لأن مصر ليست الأهرامات والنيل فحسب، بل مصر قبل الجغرافيا والطقس والسياحة هى المصريين أنفسهم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل