المحتوى الرئيسى

خبراء: النموذج التركي لا يصلح لمصر

06/30 19:47

القاهرة- محرر مصراوي:


نظّم منتدى الحوار بمكتبة الإسكندرية  مؤتمر ''تركيا.. رحلة نهوض''؛ وهو المؤتمر الأول في برنامج ''أمم تقدمت''، والذي يتضمن سلسلة من المؤتمرات التي تتناول في كل لقاء دولة تمثل نموذجًا ناجحًا للتقدم والتنمية، بهدف التعرف على التجارب الناجحة المختلفة للاستفادة منها في مرحلة البناء التي تمر بها مصر بعد ثورة 25 يناير.

افتتح المؤتمر السفيرة هاجر الإسلامبولي؛ رئيس قطاع العلاقات الخارجية بمكتبة الإسكندرية، وسميح لطفو؛ القنصل التركي بالإسكندرية. وشهد المؤتمر جلسة بعنوان ''سياسات التنمية في تركيا''؛ تحدث فيها الباحثة السياسية التركية الدكتورة نيلوفر نارلي، والخبير السياسي الدكتور محرم حلمي اوزيف، والباحث السياسي المصري الدكتور عمرو الشوبكي. 

وتحدث الخبير الاقتصادي التركي الدكتور فيصل أولوسوي، والباحث الاقتصادي المصري الدكتور عبدالله عرفان، في جلسة أخرى عن الاقتصاد في التجربة التركية. وتضمن المؤتمر جلسة بعنوان ''من اسطنبول إلى الإسكندرية''؛ تحدث فيها طارق يوسف؛ نائب عمدة اسطنبول، وأحمد خميس؛ مدير مشروع الإسكندرية 2020.


وقالت السفيرة هاجر الإسلامبولي إن المؤتمر الأول لبرنامج ''أمم تقدمت'' يتناول النموذج التركي نظرًا للتقارب التاريخي بين مصر وتركيا ودورهما الإقليمي كدول كبرى في المنطقة، بالإضافة إلى التشابهات الشعبية العديدة بين الدولتين. وأشارت إلى أن تركيا حققت الحداثة والتطور والنمو في سنوات قليلة، وتمكنت من تحقيق الريادة في العالم الإسلامي والمنطقة العربية والأوروبية.

ومن جانبه، أكد سميح لطفو إن مؤتمر ''تركيا.. رحلة نهوض'' يهدف إلى عرض التجربة التنموية التركية كتجربة حضارية متكاملة من جميع النواحي؛ سياسيًا واقتصاديًا وتاريخيًا وثقافيًا، في الوقت الذي تصبو فيه مصر نحو بناء مجتمع جديد على أسس ديمقراطية واقتصاد جديد على أسس علمية.

وفي كلمتها، عرضت الدكتورة نيلوفر نارلي جوانب تجربة نجاح حزب العدالة والتنمية التركي الذي فاز مؤخرًا بأغلبية الأصوات في انتخابات البرلمان التركي. وأعربت عن سعادتها لما حققته مصر من تغيرات في سبيل التحول الديمقراطي وتمكين المواطنين.

وأكدت أن نجاح حزب العدالة والتنمية الذي يرأسه رجب طيب اردوغان في الفوز في الانتخابات التشريعية للمرة الثالثة على التوالي يأتي نتيجة قدرة الحزب على تحقيق تغييرات سياسية وثقافية وهيكلية جذرية. وأوضحت أن الحزب تمكن من تحسين البنى التحتية والخدمات الطبية وتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي.

وأشارت إلى أن نقطة التحول في المجتمع التركي بدأت في عام 2007، حيث تحول المجتمع من فكرة ''المركز القديم'' الذي يجمع السلطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهي أحد المفاهيم الموروثة عن المجتمع العثماني، إلى فكرة ''المركز الجديد''، وتمكين الطبقة الوسطى.

وأوضحت أن تلك الفكرة تم تنفيذها من خلال توسيع الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تمتلكها الطبقة الوسطى في المجتمع، وبذلك شكّل الليبراليون الحضريون من الطبقة المتوسطة قوة ضغط على فكرة ''المركز القديم''، ونشأ ''مركز جديد'' يقوم على التحالف بين طبقات المجتمع المختلفة.

وأشارت نارلي إلى أربع نفاط هامة ساهمت في التحول التركي نحو الديمقراطية والنمو منذ عام 2007؛ وهي: صياغة دستور مدني، وتحقيق تغييرات مؤسساتية وثقافية في العلاقة المدنية العسكرية، وتغيير السياسة الخارجية التركية، وتمثيل حزب المجتمع الديموقراطي الكردي في البرلمان التركي.

وفي كلمته، قال الدكتور محرم حلمي اوزيف إن تركيا شهدت تحولاً كبيرًا في مجال العلاقة بين الإسلام والديمقراطية، ونوع العلاقة بين السياسيين المنتخبين والجهات العسكرية والمدنية. وأكد أن أهم الجوانب التي اهتمت بها تركيا هي العودة إلى التراث الإسلامي والحضاري كطريقة لفهم السياسة، مثل عهد الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين، ودستور المدينة، والتجارب التاريخية لبلاد فارس ومصر والتجربة اليونانية والرومانية.

وحول مدى ملائمة النموذج التركي بالنسبة لمصر في المرحلة الحالية، أكد اوزيف أن النموذج التركي يصلح لتركيا فقط، وأن مصر تحتاج إلى التعاون للخروج بنموذجها الخاص لتحقيق التغيير الذي تطمح إليه.

ومن جانبه، أكد الدكتور عمرو الشوبكي على ضرورة استخدام تعبير ''الخبرة التركية'' لا ''النموذج التركي'' في الحديث عن التجربة التركية، مشددا على أهمية التأمل في قدرة أي بلد على صياغة نموذجها السياسي والاقتصادي. وأوضح أنه يهتم بالتجربة التركية منذ زيارة تركيا لأول مرة عام 2004، لما رأى فيها من خبرة وتجربة مثيرة ومفيدة في العالم الإسلامي.

وتحدث عن طريقة توظيف الدين في النموذج التركي، مستشهدًا بتجربة حزب العدالة والتنمية ذا التوجهات الإسلامية، والذي نجح في ظل وجود ثنائي التيارات العلمانية والدينية، مبينًا أن الحزب لم يرفع شعار ديني واحد في حملاته، وتمكن من تحقيق أهم نمو اقتصادي في تركيا.

وأضاف أن التحول التركي استطاع أن يحقق انفتاح وتواصل مع العالم العربي والإسلامي، بالإضافة إلى صياغة دستور أعاد العلاقة بين الجيش والسلطة السياسية، وتحقيق علاقة ديمقراطية بين التيارات الإسلامية والعلمانية.

وشدد على أن الاستفادة من الخبرة التركية لا يعني الاستنساخ أو التقليل من قوة وقدرة ما أنتجه الشعب المصري. وأكد أنه علينا تأمل تجربة تركيا في تأسيس نموذج يتفاعل نقديًا مع المنظومة العالمية، والتأسيس لاعتدال جديد قادر على الاختلاف في مواجهة السياسة الأمريكية والإسرائيلية بوسائل سياسية واستراتيجية مختلفة.

وفي إطار جلسة الاقتصاد في التجربة التركية، أكد الدكتور فيصل أولوسوي؛ عميد كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة اسطنبول ايدن، أنه يجب أن يكون هناك استدامة في معدلات النمو السنوية لتحقيق مردود ملائم، مشيرا إلى أنه رغم معدلات النمو التركية المرتفعة، إلا أن اقتصاد البلاد وإمكانياتها يمكن أن يسهما في تحقيق نتائج أفضل.

وقال الباحث الاقتصادي المصري الدكتور عبد الله عرفان إن الاقتصاد التركي حقق قفزة كبيرة في العشر سنوات الماضية؛ حيث زاد الدخل القومي والصادرات والإنتاجية، مضيفا أن هذا النجاح كان جزءا رئيسيا منه تعزيز الحياة الديمقراطية وتحقيق الإصلاح في المؤسسات والجهاز الإداري للدولة. كما أشار إلى السياق الدولي الذي أسهم آنذاك في تعزيز قوة الاقتصاد التركي؛ حيث زادت الاستثمارات الخارجية، وحصلت البلاد على قروض ميسرة من صندوق النقد والبنك الدولي. وتحدث كذلك عن قيام الحكومة بإصلاحات تتمثل في إعطاء استقلالية كبيرة لأجهزة الإحصاء، واستقلال البنك المركزي، وإدخال إصلاحات بنكية، إلى جانب اللامركزية الإدارية والمحليات.

ولفت الانتباه إلى الدور الذي تقوم به جمعيات رجال الأعمال التركية في تعزيز اقتصاد بلادهم وزيادة الصادرات، إضافة إلى دور وزارة الخارجية التركية التي تولي الجانب الاقتصادي أهمية كبيرة. إلا أن هذا لا يمنع – وفقا لعبد الله عرفان – وجود قضايا هيكلية تواجه الاقتصاد التركي؛ ومنها: معدلات الادخار المنخفضة، واختلال ميزان المدفوعات رغم الصادرات الكثيرة، إلى جانب تحدي المعرفة والبحث العلمي الذي يواجه مصر وتركيا، مشددا على ضرورة البحث عن نموذج في كلا البلدين يوازن بين الإنتاجية والعدالة الاجتماعية.

''من اسطنبول إلى الإسكندرية'' كانت الجلسة الأخيرة من جلسات المؤتمر؛ حيث استعرض أحمد خميس؛ مدير مشروع الإسكندرية 2020، ما يصبو إليه المشروع، كما تحدث طارق يوسف؛ نائب عمدة اسطنبول، عن تجربة المدينة والتقدم الذي حققته خلال السنوات الماضية.

وقال خميس إن مشروع الإسكندرية 2020 يهدف إلى وضع خطة تنموية شاملة تعمل على النهوض بمحافظة الإسكندرية في التسع سنوات القادمة بناء على خطة علمية مدروسة مدعومة بحشد شعبي سكندري. وأضاف أن المشروع الذي تم تدشينه بمكتبة الإسكندرية في شهر يونيو الجاري، بدأ بمبادرة شبابية دعمها رجال أعمال سكندريين وأساتذة جامعة وخبراء واستشاريين اجتمعوا على حلم أن تصبح الإسكندرية مدينة عالمية بحلول عام 2020، وذلك بحلول مصرية ومشاريع مبتكرة تقوم على الاستفادة من الموارد العديدة والثروات السياحية والجغرافية والصناعية والبشرية التي تحظى بها المدينة، واستلهام نماذج نجاح دول رائدة مثل تركيا وماليزيا والبرازيل وإندونيسيا والهند. ونوّه إلى أن الفارق الرئيسي بين ''الإسكندرية 2020'' وأي خطط حكومية سابقة خمسية أو غيرها، هو الإرادة، لافتا إلى أن شعارهم ''الشعب يريد بناء النظام''.

من جانبه، عرض طارق يوسف تجربة مدينة اسطنبول، حيث شدد على أهمية اللامركزية ومنح القيادات المحلية سلطات واسعة في تقرير ما يتم بمناطقهم من مشروعات واستثمارات وتحديد ميزانية مدنهم. وأكد على ضرورة انتخاب السلطات المحلية من محافظين أو عمداء؛ إذ إن ذلك يمنحهم القوة والثقة والقدرة على أداء مهامهم، واضعين في الاعتبار أنهم حازوا على ثقة أغلبية المواطنين. وألمح أيضا إلى أهمية أن يعلن القادة المحليون عن خططهم وفريق عملهم قبل الانتخابات، وأن يتواصلوا مع الناس بتنوعاتهم، وأن يدركوا المشكلات التي تواجههم. فاسطنبول، على سبيل المثال، حوالي 10% من سكانها من ذوي الاحتياجات الخاصة.

وأوضح ضرورة تبني الشفافية والمحاسبة الدورية على الأعمال التي يتم القيام بها. وأشار إلى أن قيادات مدينة اسطنبول يتواصلون مع الناس مباشرة مرة واحدة في الأسبوع على الأقل؛ حيث يستمعون إلى شكاواهم ويذهبون إلى مناطقهم للاطلاع على أوضاعهم، هذا إلى جانب توفير تطبيقات تكنولوجية لتيسير تلقي شكاوى المواطنين وسرعة حلها؛ ومنها: تطبيقات على الهواتف الذكية لإرسال شكاوى تذهب مباشرة إلى مدير مكتب عمدة المدينة، ومنه إلى الجهة المختصة بحل المشكلة، مع الرد على المشتكي بحد أقصى 24 ساعة من وقت تلقي رسالته. كما تحدث عن وجود موظفين معنيين بتلقي اتصالات هاتفية من المواطنين للإبلاغ عن شكاواهم.

وشهد المؤتمر أيضًا إقامة معرض صور فوتوغرافية تحت عنوان ''اسطنبول بعيون فنان مصري''، قدمه الفنان المصري سعيد محمد عبدالقادر. 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل