المحتوى الرئيسى

بين الواقع والخيال .. لقاء بقرار جمهوري

06/30 12:00

" بتحبوه .. بتكرهوه .. بتهببوه .. حتلعبوه يعني حتلعبوه، والماتش حيتلعب في ميعاده، وحيحضره الجمهور كله كمان !".

هكذا وجه المجلس العسكري كلماته لناديي الأهلي والزمالك لتبدأ حكاية أغرب قمة في تاريخ لقاءات الأهلي والزمالك والتي أتناولها من منظور مختلف إلى حدٍ ما.

فالقمة 107 جاءت على طريقة الفيلم السينمائي الشهير " جواز بقرار جمهوري " حين أجبر الفنان حسن حسني "المسئول بقصر الرئاسة" العروسين هاني رمزي وحنان ترك على إقامة حفل زواجهما في موعده رغماً عنهما بعد الخلافات التي دبت بينهما وذلك من أجل صورة مصر أمام العالم بعد أن أعلن رئيس الجمهورية حضوره للحفل، تماماًَ مثلما أجبر المجلس العسكري الأهلي والزمالك على أداء مباراة القمة من اجل مصر وصورتها أمام العالم.

بالفعل شر البلية ما يضحك ! فمن يتتبع تصريحات مسئولي الناديين صباح يوم المباراة سيظن أنه بالفعل يشاهد فيلم كوميدي. فالمسئولون والمدربون يؤكدون عدم لعب المباراة، والمجلس العسكري والتليفزيون يؤكدان أن المباراة ستقام في موعدها حتى تم "الزواج" أقصد التأكيد على أداء المباراة في موعدها في نهاية الأمر.

إلى هنا فالأمور قد تكون مضحكة وظريفة، ولكن القادم مختلف ومحزن عزيزي القارىء. فاللقاء الذي جاء مشابهاً للفيلم في بدايته، اختلف كليةً عن الفيلم في نهايته.

فقد جاء الفيلم ليحمل في نهايته رسالة بأحلام الشعب المصري البسيط للمسئولين في الدولة، حيث وجد المصري البسيط الفرصة في حفل الزواج ليبعث برسالته إلى المسئولين وللعالم بأسره بأن أحلامه بسيطة يتمنى أن تتحقق ويتمنى فقط اهتمام المسئولين بها.

فهو يحلم بإنشاء مركز تدريب دولي لتدريب الأشبال للمنافسة على مستوى الأولمبياد، ويحلم بأن تهتم الوحدة البيطرية بمعالجة بغلته التي تدر عليه الرزق، ويحلم بأن يتوفر له ولو نصف كيلو لحمة في الشهر له ولأسرته.

وجاءت أغنية الفنان مدحت صالح بكلماتها الرقيقة في نهاية الفيلم صادقة ومعبرة وهي تقول : " أحلامهم البسيطة، بتجري ورا السراب، وتتوه وسط الضباب، ولا زرعت مرة شجرة، ولا فتحت أي باب ".

شاهد لقطة النهاية بالفيلم

 

أما لقاء القمة وبالرغم من هدفه النبيل في تحقيق الاستقرار والحفاظ على صورة مصر أمام العالم، وبالرغم من بدايته التي كانت على طريقة السينما الكوميدية، إلا أن نهايته جاءت مأساوية على طريقة السينما التراجيدية.

ففي الوقت الذي تنعم فيه البلاد بحالة من القلق والتوتر، نجد هذا المصري صاحب الأحلام البسيطة يسعى للعنف والعودة لقانون الغاب حيث البقاء للأقوى، فيفرض كل شخص سيطرته بيده لا بيد القانون.

فنجد مدير فني يتهجم على مدير فني آخر ويندفع نحوه بعنف شديد، ونجد لاعبين من الجانبين يشتبكون بشكل مؤسف بالأيدي، ونجد لافتات مسيئة من جمهور الفريقين قبل وأثناء وبعد المباراة لللاعبين وكأنهم يأخذون بالثأر منهم ليس لشيء ولكن فقط لأنهم أتعبوهم نفسياً بأهدافهم المؤثرة.

ويتغير شكل الحدث، ويضيع الهدف الذي أقيمت من أجله المباراة وينزل الأمن إلى أرض الملعب راجياً اللاعبين التزام الهدوء وضبط النفس وعدم تهييج الجماهير.

إلا أن المعاناة تستمر لما بعد المباراة، ويتراشق المصريون بالحجارة والطوب، ليدمروا ويخربوا ويمحوا من الذاكرة ذلك المصري البسيط ذو الأحلام البسيطة النبيلة.

شاهد جزء بسيط من مشهد النهاية اللقاء

 

هكذا دارت أحداث المباراة وأحداث الفيلم، وهكذا بدأ كلاهما كوميدياً وانتهى تراجيدياً. ولكن نهاية الفيلم الخيالي كانت تراجيديا بيضاء، أما نهاية المباراة على أرض الواقع فكانت تراجيديا سوداء.

وما بين الواقع والخيال .. وما بين لقاء القمة والفيلم العربي. من هو المصري ؟ هل هو ذلك المصري البسيط ؟ أم ذلك المصري المخرب ؟ أترك لك الإجابة عزيزي القاريء.

تنويه: أعتذر إن كنت قد جرحت البعض بفيديو يظهر فيه الرئيس السابق. ولكن الرئيس قد رحل بفساده وجبروته ونفوذه، ولكني أتمنى ألا يكون قد رحل معه المصري الأصيل وتحول من بعده إلى مصري آخر لا نتمناه.