المحتوى الرئيسى

رسالة إلى الدولة المصرية

06/30 08:12

فى روائع العبقريات للأديب العملاق محمود عباس العقاد وتحديداً فى عبقرية أبوبكر الصديق يلمح العقاد ملمحاً مهماً فى صفة القائد.. فيقول إن «أبوبكر» رجل عُرف عنه رقة القلب والطباع وليونة العريكة والدموع الفياضة الرجراجة، لكن الرجل عندما تولى قيادة الدولة الإسلامية عقب وفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وجدناه جسوراً مهيباً شجاعاً وعنيفاً فى حفظ الدولة ومقدراتها، خاصة أن ولايته كانت صعبة لأنها كانت عقب وفاة الرسول، وحدث أن تصدع بعض أجزاء من الدولة الإسلامية، فشهد عهده ردة العديد من البلدان بالكامل، وكانت حروب الردة الشهيرة.

الملمح العظيم يقول عنه العقاد إن «أبوبكر»، ذلك الرجل الرقيق، أعلن الحزم والشدة فى مقاتلة كل من يخرج على الدولة ويحاول إثارة الفوضى.. فى مقابل رأى عمر بن الخطاب المعروفة عنه شدة الطباع وقوته وجسارته فى الحكم، الذى طلب منه أن «تمهل يا أمير المؤمنين على هؤلاء، ولنحسب لهم حسباناً كل من ارتد على الدولة، وكان ذلك شيئاً مغايراً لطبيعة عمر..

 إذ كان من الأولى أن يأخذ أبوبكر موقف عمر من الأزمة والعكس، إلا أن الرجل قال قولته الشهيرة: «والله لو منعونى عقال بعير لحاربتهم عليه...» والمعنى هو أن أمير المؤمنين وقائد البلاد «أبوبكر الصديق» أراد أن يضرب بقوة على دعاة الفوضى لحفظ الدولة وهيبتها ويُحكم سيطرته عليها حتى لا تنفلت.

وبالفعل نجح أمير البلاد وانتصر فى حروب الردة واستطاع، بفضل قوة القرار والإرادة ونبل المقصد، أن يحافظ على دولته.

هكذا فعل أبوبكر، وعلى القائمين على الدولة المصرية الآن أن يفعلوا.. لأن الفوضى عندما تتأتى على الناس ستأكل كل شىء: الزهر والشجر.. والأخضر واليابس.

المطلوب الآن هو أن تؤمن القيادة المصرية بأن يد الأمن العام، بكل أنواعه سياسياً واجتماعياً، لابد أن تعلو على يد الفوضى، وأن تعلو يد دولة القانون على يد دولة البلطجية.. وأن ترتفع مصالح العباد والبلاد عن الخوف والحسابات.

إن الشارع المصرى الآن فى أحوج ما يكون إلى الانضباط والحزم.. فلكل عصر أدواته.. وليعلم الجميع أن الفرق بين الديمقراطية والفوضى كبير جداً وليس شعرة كما يفتى البعض.

أدرى أن ما تشهده ثورة مصر هو أمر طبيعى على أساس أن عقب أى ثورة يحدث نوع من أنواع الارتباك فى البلاد، ولكن الشعب المصرى بطبيعته الاجتماعية والدينية، متماسك ويشعر بأن الأمن لديه أغلى من حياته.. ولذلك فلابد أن تضرب الدولة المصرية بيد من حديد على كل مثير للشغب وعلى كل مزايد.

وأود فى ذلك أن أرسل رسالة إلى أسر الشهداء وهى أن الله عز وجل قد تحدث عن الشهيد وعظَّم أجره، وأن دمه الذى سال يقابله الله عز وجل بالأجر العظيم، فكل تعظيم آخر يدنو أمام تعظيم الله الكريم، والإيمان بذلك من أبواب الاحتساب والصبر والعوض عن مصيبة الموت.. فلا تكونوا مخالب قط.. ولا تكونوا دعاة فتنة حتى يرقد الشهيد بسلام فى قبره.

والرسالة الأخرى إلى أجهزة الأمن، خاصة ضباط الشرطة وهى أنكم تعملون لدى الدولة وليس لدى أشخاص.. الولاء للبلد وليس للأشخاص.. من هنا يأتى الإخلاص فى العمل.. ويأتى التوفيق من عند الله.

أن تدرك أن عملك فيه رزق، وفيه لله حب وإخلاص، وفيه حماية من الله.. وفيه تقدير وإكرام، وفيه إعزاز ومحبة.. لا أن نعبد الأصنام التى نصنعها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل