المحتوى الرئيسى

عصام شرف متهم بسرقة بحث علمي

06/29 20:45

القاهرة-دنيا الوطن

كتب محمد الباز في صحيفة "الفجر" المصرية  الأحد, 26 يونيو:"  دخل الدكتور عصام شرف وزارة النقل وخرج منها وهو أستاذ جامعة، ودخل رئاسة الوزراء في 3 مارس 2011 وهو لا يزال أستاذ جامعة أيضًا، ومن هنا تحديدًا تأتيه هذه الضربة، إن أهم ما يشغل أستاذ الجامعة أن يكون أمينًا، أصعب وأقسى ما يمكن أن يتهم به هو السرقة العلمية، ورغم أن الدكتور عصام شرف قدم لمجال الهندسة 105 أبحاث معظمها في مجال تصميم وصيانة ونظم إدارة رصف الطرق وفي مجالات نظم تحليل حوادث المرور، إلا أن اتهامًا بأنه سرق بحثًا علميًّا لا يزال يطارده منذ أكثر من عامين.

الاتهام تدور تفاصيله بين أوراق القضية رقم 667 لسنة 2010 إداري الدقي والمقيدة برقم 405 لسنة 2010 حصر أموال عامة عليا، ولأن القصة طويلة فإننا سنعتمد على نصوص النيابة في القضية، فهي لا تزال معلَّقة حتى الآن ولم يتم البتّ فيها، وربما يكون هذا من الصعب الآن لأسباب لا تخفى على أحد.

القضية بدأت ببلاغ تقدَّم به عبد الرحمن عوض عطية رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية الإفريقية للخدمات اللوجستية للنقل، ضد عصام أحمد عبد العزيز شرف (والذي كان رئيسًا سابقًا لمجلس إدارة نفس الجمعية)، وكذلك ضد عمرو عثمان عسل رئيس مجلس إدارة شركة "لوجنيك" للاستشارات الإدارية، ومصطفى العشيري المسؤول في نفس الشركة.

كانت التهمة التي حملها البلاغ هي استغلال شرف ورفاقه الدراسة الفنية التي أعدَّتها الجمعية العربية لمشروع ربط بلدان اتفاقيات أغادير بالاتحاد الأوروبي، حيث قامت الجمعية بإعداد هذه الدراسة بمعرفة فريق بحثي خاص بها، إلا أن الدكتور شرف – كما يقول بلاغ عبد الرحمن عوض - تقدم بهذا المشروع للوحدة الفنية لاتفاقية أغادير بالأردن على أنها من إعداده، وحصل على المبالغ التي كانت تستحقها الجمعية.

الاتهام ليس سرقة علمية فقط، ولكنه سطو على أموال كانت من حق الجمعية أيضًا، لكن عبد الرحمن عاد ليتهم عصام شرف مرة أخرى بأنه حصل على مبلغ 106 آلاف و652 جنيهًا من أموال الجمعية العربية دون وجه حق.

هذا هو الاتهام الذي جرت بعده تحقيقات في النيابة، وهي التحقيقات التي يمكن اعتبارها مواجهة بين عبد الرحمن عوض وعصام شرف، وبين أقوال الرجلين يمكن أن نقول الكثير.

1-    أقوال (الشاكي) عبد الرحمن عوض

أمام النيابة في 12 يوليو 2010 أثبت عبد الرحمن عوض وجوده، اسمه بالكامل عبد الرحمن عطية بدوي وعمره 69 سنة ويقيم في 2 شارع 10 بالمعادي ويعمل مديرًا للمركز العربي الإفريقي للتنسيق والاستشارات.

تركزت أقوال عبد الرحمن في الآتي: الدراسة التي تم تقديمها للوحدة الفنية لاتفاقية أغادير دراسة أعدت بمعرفة الجمعية وأشرف على إعدادها أمين عام الجمعية الدكتور فاروق شاقوير، وكذلك السفير جمال الدين البيومي عضو مجلس إدارة الجمعية ومستشار أمين عام الجمعية العربية، والدليل على ذلك شركة لوجيك التي قدم الدكتور شرف الدراسة على اسمها ليس لها خبرة في هذه الأعمال، كما أن كل المكاتبات المتبادلة بين الدكتور شرف والجمعية وكذلك المكاتبات الخاصة بتشارلز شكميري وهو باحث مالطي وكان رئيس فريق العمل بالبحث، تؤكد أن الجمعية هي صاحبة البحث وليس عصام شرف.

تكلَّفت هذه الدراسة حوالي 118000 يورو، وقد تكلفت الجمعية العربية مصاريف انتقال فريق البحث واستقدام الخبراء، ورغم ذلك - طبقًا لما يقوله عبد الرحمن - فإن الدكتور عصام شرف أخذ المشروع بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية وقدمه لشركة لوجيك دون موافقة الجمعية على أساس أنه هو الذي تولي إعداده، وهي شركة متخصصة في النواحي التسويقية الخاصة بالمؤتمرات.

كان الدكتور شرف قد طلب من الجمعية العربية أن يستعين بشركة لوجيك للاستفادة من خبراتها في النواحي الإدارية، إلا أن الجمعية تحفظت على ذلك بشدة، فلديها متخصصون في التسويق ولا تحتاج لخبرة شركة لوجيك، لكن الجمعية فوجئت بعد ذلك أن الدكتور شرف وعن طريق شركة لوجيك تقدَّم بالدراسة إلى الوحدة الفنية بأغادير، دون حتى أن يشير إلى أن الجمعية قامت بإعداد الدراسات الفنية المتعلقة بها.

هامش: (الدراسة محل الخلاف بين الجمعية والدكتور عصام شرف عبارة عن دراسة لوسائل النقل متعدد الوسائط، وهو نقل بحري أو سككي أو بري أو جوي أو نهري بين دول اتفافية أغادير (وهي أربع دول عربية هي، مصر وتونس والمغرب والأردن) ودول الاتحاد الأوروبي) لإنشاء شبكة نقل تربط بينها، وقد قام الاتحاد الأوروبي بتمويل الدراسة بالكامل، على أن تشكل لجنة لتسيير المشروع من ممثلي الدول العربية الأربع، ورأس فريق العمل بالدراسة تشارلز شكميري الذي كان وزير النقل في مالطا، وكان وجوده شرطًا في التعاقد الذي نص على أن يكون رئيس فريق العمل من إحدى دول الاتحاد الأوروبي).

في أقواله يتطرَّق عبد الرحمن عوض إلى كيفية حصول عصام شرف على 106 آلاف جنيه، يقول: أنا فوجئت أن الدكتور عصام اتصل بإدارة الجمعية وقال إن والدته بالمستشفى وتعبانة، وأنه محتاج فلوس، وهو طلب مني أي فلوس أبعتها وماكانش متوفر في الجمعية هذا المبلغ، وأنا وقعت على شيك مع أمين الصندوق السفير أحمد الغمراوي وسحبت المبلغ بمعرفة أحد موظفي الجمعية واسمه حمدي، وهذا الموظف أخذ الفلوس وسلمها للدكتور شرف.

بعد أن وقعت المشاكل طالب عبد الرحمن عوض عصام شرف برد المبلغ، إلا أنه لم يفعل، ورغم أن الدكتور شرف أقر أكثر من مرة أنه تسلم المبلغ من موظف الجمعية إلا أنه رفض أن يقوم بالتوقيع على إيصال باستلامه له، ويقول عبد الرحمن: عصام شرف أقر باستلامه المبلغ أمامي وأمام الدكتور فاروق شاقوير أمين عام الجمعية والوزير صفوت النحاس، الذي تدخل لإقناع شرف بالتوقيع على استلام المبلغ، لكنه رفض التوقيع تمامًا.

لقد وقعت الجمعية العربية في ورطة بسبب ما فعله شرف، فقد رفضت الوحدة الفنية لمشروع أغادير تقرير شرف المقدم لها بمعرفة شركة لوجيك، ولم تصرف بقية مستحقات الجمعية، وكانت الوحدة قد صرفت فقط مقدم البحث بقيمة 36 ألف يورو، أي أن شرف نسب البحث لنفسه وأضاع على الجمعية مستحقاتها لأن البحث لم يقبل من الأساس.

2-    أقوال عصام شرف (المتهم) أمام النيابة.

في 1 أغسطس من العام الماضي ذهب عصام شرف إلى النيابة ليدلي بأقواله، لكنه لم يصطحب معه محاميًّا، فتأجّل استجوابه إلى 4 أغسطس، ويومها أثبت اسمه بالكامل عصام عبد العزيز أحمد شرف، عمره 58 عامًا ومقيم في 4 شارع إلهامي الكرداني بالدقي.

سأله المحقق مباشرة:

ما قولك فيما هو منسوب إليك من أنك بصفتك موظفًا عامًّا (رئيس مجلس إدارة الجمعية العربية الإفريقية للدراسات اللوجستية والنقل) استوليت بغير وجه حق وبينة التملّك على الدراسة الفنية المقدمة للوحدة الفنية لاتفاقية أغادير بشأن إنشاء شبكة نقل تربط بلدان الاتفاقية والمعدّة من قبل باحثي الجمعية ونسبتها لنفسك وحصلت على مقابلها النقدي من الوحدة الفنية؟

عصام شرف قام بتفنيد الاتهام الموجه إليه قال: أنا اللي أشرفت على إعداد الدراسة بالاشتراك مع خبير مالطي اسمه تشارلز شكميري، وكان هناك باحثان معي تولوا جمع المادة العلمية، أما التنسيق والإخراج فكان بمعرفتي، ثم إن الجمعية العربية الإفريقية ليس لها أي دور في الدراسة، فضلاً عن أنها ليس لها أي أحقية في التقدم بها إلى الوحدة الفنية لاتفاقية أغادير، لكون هذه الاتفاقية لا تتعامل مع جهات ومؤسسات، إنما تتعامل مع أشخاص، ولو كان هناك باحث ينتمي للجمعيات قد استعنت به، فإن الاستعانة كانت بشكل شخصي ليس للجمعية دور فيها، هذا فضلاً عن أن الجمعية ليس بها متخصصون لإعداد مثل هذه الدراسة، ولا يوجد معها سند الملكية الخاصة بها.

ولما سأله المحقق عما قاله عبد الرحمن عوض من أن الجمعية هي التي استقدمت الخبير المالطي للمشاركة في إعداد الدراسة، رد عصام شرف نصًّا: حتى لو كان ده حصل، فهذا يؤكد أنها ليس لها دور في إعداد النواحي الفنية للدراسة، فكونها استقدمت خبيرًا، فهذا ليس معناه أنها مالكة للدراسة.

عاد المحقق ليسأله مرة أخرى عما قاله متهموه حيث أشاروا إلى أنه استولى على الدراسة وقام بتنفيذها عن طريق شركة لوجيك ولحسابها، فقال شرف: هذا الكلام مش منطقي علشان شركة لوجيك متخصصة في النواحي التنظيمية والإدارية للمؤتمرات، وهي التي قامت بتنظيم الاجتماعات اللازمة، وتنقلات فريق البحث، وما قالوه يؤكد أن الجمعية ليس لها دور في النواحي الفنية، لأنهم لا يملكون متخصصين لإعداد مثل هذه الدراسات فضلاً عن أنهم لم يقوموا بأي دور تنظيمي فيها.

واجه المحقِّق عصام شرف برسالة إلكترونية وردت على البريد الإلكتروني للجمعية من الخبير المالطي يقر فيها بصفة الجمعية في إعداد الدراسة، لكن الدكتور شرف قلل من أهمية هذه الرسالة، وقال نصًّا: أنا ليس لي علاقة بها، وحتى لو الكلام ده مظبوط فإيه دور الجمعية في الدراسة الفنية، وهل تنسيق العمل يعد مساهمة في الدراسة.

وصل التحقيق مع عصام شرف إلى نقطة مهمة أخرى، سأله المحقق: ما قولك فيما قرره عبد الرحمن عوض عطية من أنك اتصلت به وقررت له بمرض والدتك وطلبت منه إرسال مبالغ نقدية وأنك استلمت مبلغ 14 ألف و650 يورو؟ فرد شرف: ماحصلش، والفلوس دي أنا أخدتها من زينب عبد الرحمن عوض سكرتيرة المشروع في هذا الوقت، وأنا تلقيت الاتصال من شركة لوجيك وبلغتني فيه إن الفلوس وصلت، فأنا قلت لهم ابعتوها لي عن طريق زينب.

ويمضي التحقيق.

المحقق: وما قولك فيما قرره كلٌّ من عمرو عثمان ومصطفى العشيري بتحقيقات النيابة العامة من أنك طلبت منهم عقب ورود الدفعة الأولى من مستحقات الدراسة من الوحدة الفنية لاتفاقية أغادير وقدرها 36 ألف يورو، طلبت منهم تحويل هذا المبلغ لحساب الجمعية؟

شرف: لا أنا طلبت منهم الحديث مع زينب عوض لتتولى توجيه المبلغ لحسابي؟

المحقق: وما سبب إجراء هذا التحويل؟

شرف: هو التحويل نظير أتعابي في إعداد الدراسة وكذلك أتعاب الخبير المالطي.

المحقق: وما قولك وقد أنكرت في الإنذار الصادر منك لرئيس مجلس إدارة الجمعية استلامك لهذا المبلغ؟

شرف: أنا أنكرت استلامي من الجمعية لهذا المبلغ، واستلمته من زينب باعتبار إنه جاي من لوجيك، ولم أكن أعلم أن هذا المبلغ تم تحويله من حساب الجمعية.

المحقق: وما قولك في المكاتبات الصادرة من بريدك الإلكتروني للأستاذة زينب عوض وتتناول فيها بعض الجوانب الفنية عن الدراسة؟

شرف: زينب كانت سكرتيرة المشروع وكانت تتولى بعض النواحي التنظيمية ولكن ليس لها أي دور في النواحي الفنية للدراسة.

المحقق: وما قولك فيما قرَّرته زينب عبد الرحمن عوض من أنها قامت بتسليمك مبلغ 14650 يورو؟

شرف: أيوة حصل، ولكني استلمت هذه الفلوس على أساس أنها مستحقاتي ومحولة من شركة لوجيك.

المحقق: وما قولك فيما قرره فاروق عبد الحليم شاقوير بتحقيقات النيابة العامة أن دورك إشرافي بالدراسة وأن الباحثين بالجمعية هم القائمون على أداء الجزء الرئيسي بالدراسة؟

شرف: هذ الكلام مش مظبوط والدكتور فاروق شاقوير لم يشارك إلا في خمس نقاط من إجمالي 60 نقطة تم إعدادها بشأن المشروع، وشاركه فيها مجموعة من الخبراء، وعايز أقول إن دوره ضعيف وغير محسوس بالدراسة وأنا دوري إشرافي وتوزيع للمهام، والدور ده يعتبر الدور الرئيسي علشان ده اللي بينظم العمل وبيحط فكرة المشروع وبيوزع المهام على فريق البحث.

3-    هل تصل ورطة شرف إلى الفضيحة؟

أيا كانت الحقيقة فإن الدكتور عصام شرف ورط نفسه فيما لا يليق، لقد قضى في وزارة النقل من عام ونصف فقط، دخلها في يوليو 2004 مع الدكتور أحمد نظيف وخرج منها في ديسمبر 2005، وفي الفترة من 30 يونيو 2007 إلى 19 أغسطس 2009 كان رئيسا لمجلس إدارة الجمعية العربية الإفريقية، أي أنه أدَّى هذا العمل وهو يحمل على كتفيه إشارة الوزير السابق، ورغم أن شرف أكد في التحقيق أنه تم دعوته ليكون رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية لأنه من الشخصيات العامة، إلا أنه لم ينفِ أن الجمعية كان تسيء استخدام اسمه وتخاطب المسؤولين في الدولة باسم الوزير السابق دون أن يخطروه بالأمر، وهو ما سبب له حرجًا، وجعله يقرر تقديم استقالته.

الدكتور عصام شرف رجل نزيه ما ذلك شك، لكنه بالفعل في ورطة حقيقية الآن، خاصة أن ما قاله في التحقيقات يمكن أن يدينه، دعك من الخلاف المالي الذي يمكن تسويته بأي طريقة من الطرق، لكن الأزمة الحقيقية التي يواجهها الآن، أنه أمام اتهام يمكن أن يلوث سمعته العلمية تماما، ويشكك في نزاهته، وهو ما يمكن أن ينعكس بشكل سلبي تمامًا على أدائه السياسي، فالرجل لم يكن أمينًا على بحث علمي، فهل يمكن أن يكون أمينًا على مصير ثورة دفع المصريون دماءهم ثمنًا لها.

لقد تعجبت من اللغة التي استخدمها شرف في التحقيق، وهنا سؤال وجواب يمكن أن يكشفا ما أقصده، سأله المحقق: ما قولك فيما قرره فاروق شاقوير بتحقيقات النيابة العامة من أن الجمعية هي صاحبة فكرة إعداد هذه الدراسة وهي التي تولت تنظيم إعدادها؟

رد شرف نصًّا: أنا ما اعرفش هو بيقول كدة ليه، ولكن على فرض صحة كلامه فما دور الجمعية في إعداد النواحي الفنية للدراسة، ولا سيما وهي لا يجوز لها التعامل مع الوحدة الفنية أو مع جهات أجنبية وغير مصرح لها بذلك إلا بترخيص.

لا أعرف معنى لأن يكرِّر الدكتور عصام شرف أمام كل إجابة له: على فرض صحة كلام من يقول، ثم يبني بعد ذلك ما يشاء من آراء، قد لا يعني ذلك شيئًا مهمًّا، لكنه في النهاية يضع أيدينا على بعض الثغرات في موقف الدكتور معالي رئيس الوزراء حاليًا.

إن هذه القضية بها ألغاز عديدة ومواقف قدرية غريبة أيضًا، وكان الزميل محمد طرابية رئيس تحرير جريدة صوت الملايين قد أشار إليها قبل ذلك، وبعد أن وقعت بين يدي نصوص تحقيقات القضية تأكدت أن الأمر جد لا هزل فيه.

لقد تقدمت الجمعية ببلاغات ضد الدكتور شرف، وتم التحقيق فيها بعد أن خاطبت الجمعية المستشار عادل السعيد مدير المكتب الفني للنائب العام بأن يستدعي المشكو في حقهم لسؤالهم، لكن وبعد التحقيق معهم إلا أن شيئًا لم يتحرك على الإطلاق.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل