المحتوى الرئيسى

رِسالةُ حِوَارِيّةْ ثَانِيَةْ بقلم: حسين أحمد سليم

06/29 18:15

رِسالةُ حِوَارِيّةْ ثَانِيَةْ

بقلم: حسين أحمد سليم

إليكِ أنتِ, يَا سَلِيلَةَ حَوَّاءَ, إِمْرَأَةً لاَ تُشْبِهُ بِقِيَّةَ النِّسَاءِ, أَيَّتُهَا السَّيِّدَةُ الجَمِيلَةُ الجَلِيلَةُ الفَاتِنَةُ فِي الإِغْوَاءِ وَالإِغْرَاءِ, وَالّتِي تَوَدَّيْنَ الحِوَارَ سَامِياً رَاقِياً شَفِيفاً أَثِيرِيّاً, وَأَوَدُّهُ حِوَاراً نَاضِجاً وَاعِياً عَارِفاً مُسْتَنِيراً وَمُعَمَّقاً, يَتَجَلَّى فِي رَسَائِلَ حُبٍّ وَعِشْقٍ, مُتَبَادَلَةٍ فِيمَا بَيْنَنَا, تَبْقَى بِشَارَاتَ قَدَاسَةٍ وَطَهَارَةٍ وَأَقَانِيمَ لِلْحُبِّ وَالعِشْقِ فِي المَكَانِ وَالزَّمَانِ...

حَبِيبَتِي:

صَوْتُكِ الهَامِسُ حَنَاناً وَدِفْئاً بَالحُبِّ, المُمَوْسَقُ دَنْدَنَاتَ تَرَانِيمٍ وَأَنَاشِيدٍ بِالعِشْقِ, تَكْرُزِينَ بِهِ تَهَجُّدَاتَ خُشُوعٍ عَلَى الهَاتِفِ, تَتَنَاهَى لِجَلاَءِ سَمْعِي عِبْرَ الأَثِيرِ مِنَ البُعْدِ, صَوْتُكِ المَرْيَمِيُّ يُنْعِشُ رُوحِي بِالحَيَاةِ آمَالاً مُرْتَجَاةً, وَيُرْعِشُ نَفْسِي بِالإِطْمِئْنَانِ فِي رِضَى الرَّجْعَةِ لِلْتَوَحُّدِ, وَيُشْغِفُ قَلْبِي بِالشَّوْقِ المُتَّقِدِ بِالوَلَهِ المُتَنَامِي, وَيُشْعِلُ أَحَاسِيسِي بِالهِيَامِ مِنَ التِّتْيَامِ المُسْتَدَامِ, وَيُوْقِدُ جَذْوَةَ الحُبِّ وَالعِشْقِ فِي صَمِيمِ كَيْنُونَتِي, وَيُحَرِّضُ فِي ذَاتِي الهَاجِعَةِ ثَوْرَةَ الرَّفْضِ لِلْوَاقِعِ, وَيُثِيرُ تَفَكُّرِي الهَادِيءِ بِالتَّخَاطُرِ وَالتَّجَلِّي, فَتَنْسَابُ المَشْهَدِيَّاتُ فِي صُوَرٍ مُلَوَّنَةٍ بِلَوْنِ قَوْسِ السَّمَاءِ, تُشَكِّلُهَا رِيشَتِي المُغَمَّسَةُ بِهَالاَتِ الأَلْوَانِ, ويَرْسُمُهَا يَرَاعِي الحَانِي بِتَشْكِيلٍ شَاكِرَاتٍ مِنَ جَرْأَةِ البَوْحِ...

صَوْتُكِ الحَنُونُ فِي نَسَائِجِهِ, يَحْمِلُنِي عَلَى صَهَوَاتِ الأَثِيرِ, يَرُودُ بِي إِلَى أَبْعَدِ مِنَ رُؤَى الآمَالِ المُرْتَجَاةِ, هُنَاكَ يَعْرُجُ بِي سُمُوّاً, وَيُصَعِّدُنِي لِلْعُلاَ فِي رِحَابِ السَّمَاءِ, أَرُودُ انْسِيَابِيّاً الفَرَادِيسَ الآلِهِيَّةَ المُوَشَّاةَ بِاللِّينُوفَارِ المُقَدَّسِ... صَوْتُكِ يُذِيبُنِي وَيُطَهِّرُنِي وَيَسْكُبَنِي, وَيَصْنَعَنِي وَيُشَكِّلُنِي بِكُلِّ المَقَايِيسِ مِنْ جَدِيدٍ, يُجَرِّعُنِي التِّرْيَاقَ بَعْدَ رَمِيمٍ, فَأَنْتَفِضُ طَائِرَ حَيَاةٍ مِنْ قَلْبِ الرَّمَادِ, أَنْتَعِشُ بِالحُبِّ وَالعِشْقِ فِي الرُّوحِ, أَنْتَشِي مِنْ صَدَى الصَّوْتِ وَأَتَحَفَّذُ, وَأَنْطَلِقُ مُحَلِّقاً فِي فَضَاءَاتِ الحُبِّ وَالعِشْقِ... أَرْتَحِلُ فِي الإِمْتِدَادَاتِ عِبْرَ الَّلامُتَنَاهِيَاتِ, طَائِرَ حَيَاةٍ أَرُومُ التَّوَحُّدَ بِالرُّوحِ الكُلِّيَّةِ, أَمْتَطِي الهِلاَلَ سَفِينَةَ نَجَاةٍ وَنَجْمَةُ الصُّبْحِ تُشْرِقُ فِي قَلْبِي, أَحُجُّ البَيْتَ وَأُقِيمُ فِي رِحَابِ البَيْتِ صَلَوَاتَ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَأَرْكَعُ وَأَسْجُدُ لِهَمْسِ الرَّحْمَةِ وَالمَوَدَّةِ, وَأُبِسْمِلُ وَأُسَبِّحُ لله حًمْدَلَةً وَشُكْرَاناً...

صَوْتُكِ الآتِي مِنَ البُعْدِ عَلَى صَهَوَاتِ الأَثِيرِ اللَّطِيفِ, يَحْمِلُ كُلَّ أَبْعَادِ التَّجَلِّيَاتِ بِالآمَالِ المُرْتَجَاةِ, كَأَنَّهُ الوَحْيُ المُنَزَّلُ مِنَ السَّمَاءِ, جِبْرِيلُ أَتَى بِهِ كَارِزاً بِالحُبِّ وَالعِشْقِ فِي قَلْبِي, دَاعِياً وَمُبَشِّراً بِدِينٍ إِنْسَانِيٍّ جَدِيدٍ, قِوَامُ نَسَائِجِهِ الحُبُّ وَالعِشْقُ... فَأَصَابَنِي مَا أَصَابَ المُصْطَفَى المُرْسَلُ لِلْهَدْيِ وَالرَّشَادِ, أَرْتَجِفُ بَرْداً مِنْ شِدَّةِ الوَلَهِ فِي الصَّيْفِ الحَارِقِ, فَأُزَمِّلُ جَسَدِي بِكُلِّ أَنْوَاعِ أَرْدِيَةِ الدِّفْءِ, وَيَزْدَادُ جَسَدِي مُرْتَجِفاً مِنْ قَشْعَرِيرَةِ الحُبِّ وَالعِشْقِ... كَأَنَّ الحَقَّ اخْتَارَنِي سَفِيرَ الحُبِّ وَالعِشْقِ فِي هَذَا الزَّمَنِ, فَنَزَرْتُ نَفْسِي وَرُوحِي وَفِكْرِي وَقَلْبِي, وَكُلَّ تَفَاصِيلَ جَسَدِي فِي خِدْمَةِ الوَافِدِ المُقَدَّسِ المُطَهَّرِ, قَدْ هَلَّ تَبْرِيكاً لِرُوحِي الحُبُّ, وَبَارَكَنِي العِشْقُ بِطَهَارَةِ تَعَفَّفَتْ لَهَا رُوحِي وَتَبَتَّلَتْ...

مَا وَدَدْتُ الحَيَاةَ يَوْماً بِلاَ حُبٍّ وَعِشْقٍ, فَلَيْسَ لِلْحَيَاةٍ مَعْنىً, مُجَرَّدَةً مِنَ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَلَسْتُ أَخَافُ الحُبَّ وَإِنْ تَعَاظَمُ فِيهِ الشَّوْقُ, وَلَيْسَ يُرْهِبُنِي العِشْقُ وَإِنْ تَشَاغَفَ فِيهِ وَاهْتَاجَ القَلْبُ... فَأَنَا طَائِرُ حَيَاةٍ أَمُوتُ وَأَحْيَا, وَمِنْ قَلْبِ الرَّمَادِ انْبَثَقْتُ, وَوُلِدْتُ بِالحُبِّ أَتَرَنَّمُ, وَأَتَمَوْسَقُ بِالعِشْقِ, أَمْتَطِي صَهْوَةَ الهِلاَلِ كُلَّ لَيْلَةٍ, وَأُبْحِرُ عَلَى مَتْنِ سَفِينَةِ النَّجَاةِ, أَمْخُرُ الإِمْتِدَدَاتِ فِي الَّلامُتَنَاهِيَاتِ, تَتَلأْلأُ نَجْمَةُ الصُّبْحِ فِي قَلْبِ هِلاَلِي المُشْرِقِ... إِيمَاناً رَاسِخاً فِي قَلْبِيَ المُطْمَئِنِّ, لَسْتُ أَخَافُ الأَيَّامَ فَأَنَا قَاهِرُ الأَيَّامَ بِالحُبِّ وَالعِشْقِ, وَلَسْتُ مِمَّنْ يَضْعُفُ فِي الحُبِّ وَالعِشْقِ, أَرْبَأُ بِقَلْبِي العَاشِقِ مِنَ البُكَاءِ دَماً, نَازِفاً عَلَى مَذْبَحِ الحَيَاةِ... وَرُغْمَ كُلِّ القَهْرِ وَالفَقْرِ, إَنْبَثِقُ مِنَ المُعَانَاةِ عُنْفُوَاناً, أَحْتَفِي بِالحُبِّ الوَافِدِ وَأَنْتَشِي بِالعِشْقِ, وَأَنْتِ فِي الله حَبِيبَتِي تَوَّجْتُكِ, يَا إِمْرَأَةً أَحْبَبْتُهَا عِلِى حِينِ وَمْضَةٍ, أَتَتْ مِنْ حَوَّاءَ وَلاَ تُشْبِهُ بَقِيَّةَ النِّسَاءِ...

أَشْتَاقُكِ حَبِيبَتِي فِي المَكَانِ وَالزَّمَانِ, أُنَاجِي المَكَانَ وَالزَّمَانَ بِالحُبِّ وَالعِشْقِ, وَأَهْمُسُ هَائِماً فِي أذُنِ الحَيَاةِ, أَذْكُرُكِ مَوْسَقَةَ تَرَانِيمِي فِي مُنَاجَاتِي وَفِي تَهُجَّدَاتِ خُشُوعِيَّاتِي... قَلْبِيَ المُتَشَاغِفِ شَوْقاً إِلَيْكِ, يَنْبُضُ حُبّاً وَعِشْقاً وَوَلَهاً بِكِ, وَيَمْنَحُ عَنَاصِرَ كَيْنُونَتِي نَسْمَةَ الحَيَاةِ... إِنْ وَفَّيْتِ الحُبَّ حَقُّهُ بِالحُبِّ, وَأَخْلَصْتِ العِشْقِ تِتْيَاماً بِالعِشْقِ, فَأَنْتِ فِي الله حَبِبَتِي أُتَوِّجُكِ, تُصْبِحِينَ شِرَاعِي فِي بِحَارِ الحَيَاةِ, وَتَكُونِينَ مَرْفَأَ الأَمَانِ عِنْدَ شَاطِيءِ الحُبِّ وَالعِشْقِ... وَلَسْتُ أَخَافُ الإِبْحَارَ فِي يَمِّ الحُبِّ وَالعِشْقِ, وَإِنْ تَرَبَّصَ بِيَ الزَّمَانُ أَتَحَدَّى الزَّمَانَ بِالحُبِّ وَالعِشْقِ... وَلَيْسَتْ تَعْنِي لِي الفَرَائِضُ شَيْئاً, وَلَسْتُ أَرْضَى بِطَلاَسِمَ بِعِقْدِ وَهْمٍ تُقَيِّدُنِي, وَتَرْمِي بِي فِي مَتَاهَاتِ الضَّيَاعِ... بِالحُبِّ وَالعِشْقِ وُلِدْتُ وَبِالحُبِّ وَالعِشْقِ أَحْيَا, وَتَتَحَقَّقُ آمَالِي المُرْتَجَاةِ بِالحُبِّ وَالعِشْقِ, فَامْنَحِينِي وَعْداً صَادِقاً بِالحُبِّ, وَاعْطِنِي عَهْداً وَاعِداً فِي العِشْقِ, وَخُذِي مَا يُدْهِشُ العَالَمَ, خَلْقاً وَإِبْدَاعاً وَإِبْتِكَاراً, بِالحُبِّ وَالعِشْقِ...

أُرِيدُ الحُبَّ وَالعِشْقَ, انْتِعَاشَ رُوحِي, وَخَفْقَ قَلْبِي, وَإِطْمِئْنَانَ نَفْسِي, وَتَجَلِّيَاتَ وِجْدَانِي, وَصُوَرَ خَوَاطِرِي... وَأُرِيدُ الحُبَّ وَالعِشْقَ, عَقْلَنَةً لِقَلْبِي, وَقَلْبَنَةً لِعَقْلِي, وَإِسْتِنَارَةً لِبَصِيرَتِي, وَوَعْياً لِبَاطِنِي, وَعَرَفَاناً لِذَاتِي... وَمَهْمَا تَعَاظَمَ التَّشَاغُفُ فِي القَلْبِ, بِالحُبِّ وَالعِشْقِ, فَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِالله, لاَ هَمَّ لِي, وَلاَ يُضِيرُنِي, كَيْفَ الحُبُّ أَتَى, وَكَيْفَ العِشْقُ حَدَثَ... فَحَبِيبَتِي هِيَ حَبِيبَتِي, أُهَاتِفُهَا سَاعَةَ أَشَاءُ, وَأُدَاعِبُ أَرْقَامَ هَاتِفَهَا بَالحُبِّ وَالعِشْقِ, وَأَلْقَاهَا بِالرُّوحِ أَثِيرِيّاً, وَتَخَاطُراً بِالتَّجَلِّيَاتِ, إِنْ لَمْ أَلْقَاهَا بِالجَسَدِ, وَأَضُمُّهَا إِلَى صَدْرِي حَنَاناً, وَأُعَانِقُهَا شَوْقاً, وَأُقَبِّلُهَا تَعَفُّفاً, وَأَتَبَتَّلُ خُشُوعاً, وَأَضْرَعُ مُتَهَجِّداً لله, يَمُنَّ عَلَيَّ وَأَلْقَى حَبِيبَتِي وَيتَحَقَّقُ اللِّقَاءُ بَعْدَ الإِنْتِظَارَ بِحَبِيبَتِي, وَأَرْسُمَهَا لَوَحةَ الحَيَاةِ تَتَجَلَّى مَشْهَدِيَّةَ الحُبِّ وَالعِشْقِ...

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل