المحتوى الرئيسى

آلاف الأسر المغربية تلجأ للإقتراض للإنفاق على العطلة الصيفية

06/28 08:52

الرباط - حسن الأشرف

بحلول فصل الصيف تقبل الأسر المغربية بشكل لافت على العروض الخاصة بالأسفار والعطل الصيفية، التي تقدمها شركات القروض والمؤسسات المختصة في التمويل لقضاء فترات من الإجازات السنوية.

وتعتمد شركات القروض الخاصة على الإغراء بالإشهار لجلب ملايين العملاء بالمغرب الذين يرغبون في قضاء عطلهم داخل أو خارج البلاد، وذلك عبر إجراءات وشروط تبدو ميسرة لكنها تفضي بالعديد من الأسر إلى دخول دوامة لا تنتهي من القروض.

وانتشرت ظاهرة السفر في الصيف بالديون لدى العديد من الأسر المغربية بسبب تحملها مسؤولية الأعباء المادية المتراكمة طيلة السنة، فضلا عن الارتفاع المضطرد للأسعار، مقابل "جمود " في الرواتب والأجور للطبقة الدنيا والمتوسطة.

العطلة بأي ثمن

وتلجأ آلاف الأسر بالمغرب إلى مؤسسات وشركات مختصة في تقديم القروض الاستهلاكية، ومنها العروض الخاصة بالترفيه والسفر من أجل العطلة الصيفية، لفائدة ذوي الدخل المحدود أو المتوسط الذين لا يستطيعون ادخار جزء من رواتبهم طيلة أشهر السنة، لاستثمارها في قضاء عطلة مريحة بعيدا عن تعب وروتين العام بأكمله.

وتتجه القروض الخاصة بنفقات العطلة الصيفية إلى الارتفاع خلال هذه الأشهر الساخنة، بالرغم من هيمنة القروض الخاصة بالسكن سواء باقتنائه أو تأثيثه، والتي تحتل الرتبة الأولى في خريطة توزيع القروض الاستهلاكية.

وبحسب إحصائيات جديدة أصدرتها أخيرا الجمعية المهنية لمؤسسات التمويل بالمغرب، فإن حجم القروض بلغ إلى حدود نهاية عام 2010 حوالي 83.3 مليار درهم، أي بزيادة 7.1% مقارنة مع نهاية السنة التي سبقتها، ووصلت القروض الاستهلاكية زهاء 41.4 مليار درهم بارتفاع 1.7 مليار درهم، أو 4.4%.

ويرى الباحث في علم الاقتصاد الاجتماعي عبد الرزاق بلملاح أن الأسر المغربية أضحت لا تتحرج في البحث عن كافة السبل المادية من أجل تحقيق غاياتها، ومنها السفر في الصيف لمدن بعيدة داخل البلاد، أو حتى السفر إلى بلدان سياحية مثل تركيا وغيرها لمدة بضعة أيام.

ويعزو الباحث تهافت الكثير من الأسر المغربية على قروض الصيف إلى عوامل عديدة، منها العولمة الكاسحة والرغبة في التمييز والتماثل الاجتماعي مع الآخرين، مما جعل العديد من الأفراد يسقطون في دوامة الديون من صيف إلى صيف، فما إن ينتهي سدادهم لفواتير وأقساط تلك الديون حتى يصل فصل الصيف من جديد، وهكذا يجد هؤلاء الذين لديهم رواتب ومداخيل محدودة أنفسهم يعيشون في حلقة مفرغة لا يستطيعون الفكاك منها بسهولة.

ويؤكد المتحدث بأن دوامة القروض هذه تخلق نوعا من القلق الدائم لدى طالبي الديون، والذي يؤثر على علاقاتهم الاجتماعية والنفسية تأثيرا سلبيا، يجعلهم دائمي التفكير في حلول الخروج من مشاكلهم المادية، وعاجزين عن تقديم حلول إنتاجية مفيدة لتطوير حياتهم الخاصة والعامة.

إغراء الإشهار

ولا يكفي فاطمة، الموظفة في إحدى الوزارات بالرباط، ما تتقاضاه في راتبها الشهري ولا حتى راتب زوجها الموظف البسيط، لتغطية تكاليف السفر إلى مدن سياحية بالبلاد، فتلجأ إلى ما تعرضه الشركات المختصة في قروض الاستهلاك، ومنها قروض السفر في الصيف خاصة عن طريق الملصقات واللوحات الإشهارية التي تبثها في الشوارع الرئيسة للمدينة.

وتتصل فاطمة بأكثر من شركة قروض لتبحث عن الشركة التي تلائم إمكاناتها، والتي تمنح تسهيلات في الأداء من قبيل الأقساط المريحة كل شهر، وعدد أشهر سداد القرض وباقي العروض التفضيلية للسفر في الصيف.

وحينما تجد العرض المناسب، لا تتردد فاطمة في الاتصال بالشركة المختصة وتوقع معها المستندات المطلوبة، لتبدأ سفرها بمعية زوجها وأبنائها والاستمتاع بوقتهم، ولا تفكر ـ كما تقول ـ في موضوع متعلقات الديون إلى حين عودتها، وإلا فسدت عليها فرحة السفر والاستجمام.

ويلتقط الحديث الباحث المتخصص في علم الإشهار سعيد العايدي، الذي يعتبر أن الوسيلة الإشهارية لها الأثر الكبير في تشكيل التوجهات الاستهلاكية لدى العديد من المغاربة، باعتبار أن للإعلان الإشهاري إغراء كبير على ذهنية ونفسية المستهلك وتمثلاته الاجتماعية.

وفي حالة اللوحات الإشهارية أو الإعلانات في التلفزة التي تحض على الاقتراض من أجل الصيف، يرى الباحث بأنها مثل الهدية المسمومة، فظاهرها الرحمة ولكن في باطنها العذاب الشديد.

ويشرح: هذه الوسائل الإشهارية المغرية المختلفة تقدم خطاب إيجاد الحلول السريعة والمريحة للزبون، لكنها من جهة أخرى توسع فترة سداد القرض إلى أشهر عديدة، وبفوائد ربحية لا مناص من تأديتها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل