المحتوى الرئيسى

عبد الباقى الدوى يكتب: العرب والسلام المهين

06/27 22:45

منذ قيام حرب فلسطين فى أربعينيات القرن الماضى بين العرب والعصابات الصهيونية، وحتى يومنا هذا، والموقف الأمريكى تجاه الصراع العربى الإسرائيلى لم يتغير، ورغم تعاقب أكثر من عشرة رؤساء على البيت الأبيض، والموقف الأمريكى كما هو، تختلف السياسة والاستراتيجية الأمريكية من حكومة إلى أخرى فى التعامل مع الطرفين، ولكنَّ الفكر والهدف واحد، فهى كقوة عالمية مهيمنة تتحدث عن العدل والمساواة، بصورة تخدم مصالحها ومصالح حلفائها، والعمل على نشر السلام فى ربوع العالم المتقدم، وتدعو إلى نبذ التطرف والعنف فى دول الغرب، ودائما تدعو إلى وقف انتشار الأسلحة النووية لغير أصدقائها، وعقاب أى دولة تعمل على امتلاك التكنولوجيا النووية ماعدا إسرائيل، لكن أمريكا تنظر للسلام نظرة تتناقض مع العقل والحق والعدل، الذى تتشدق به، وتتعامل معه بطريقة الكيل بمكيالين، طريقة الوقوف بجانب الطرف القوى حتى ولو كان ظالما ومعتديا، ضد الطرف الضعيف المسالم حتى ولو كان مظلوما والحق معه، وهذا هو السلام والحرية من وجهة النظر الأمريكية.

منذ ظهور أمريكا كقوة عظمى على الساحة الدولية، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، وصولاً لعصر القطب الأمريكى الأوحد، عقب انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1990، والعقلية التى تحكم البيت الأبيض، عقلية لا تعرف إلا الانحياز الدائم لطرف ضد طرف، الانحياز لإسرائيل ضد العرب، وحتى والحق مع العرب لا تسطيع السياسة إلا الميل ناحية حليفتها، والوقوف ضد رغبة المجتمع الدولى والأمم المتحدة، عند أى محاولة لإدانة إسرائيل، فى أى جريمة ترتكبها فى حق جيرانها العرب، وما أكثر تلك الجرائم، ودائماً ما نجد الفيتو الأمريكى يجهض أى استجواب فى مجلس الأمن قد يمس حليفتها من قريب أو من بعيد.

الفكر االسياسى الأمريكى فى التعامل مع قضية السلام فى الشرق الأوسط، وهى راعية السلام، دائما له اتجاهان، اتجاه مساند للعدو الصهيونى وهو اتجاه ملزم لأى رئيس أمريكى، حتمية توفير أقصى حماية ودعم لإسرائيل على حساب العرب، وضمان تفوق إسرائيل عسكريا واقتصاديا ودعمها سياسيا ومساندتها عالميا، وحمايتها من صدور أى قرار عقابى أو حتى إدانة من مجلس الأمن أو المنظمات الدولية ضد جرائمها فى حق الفلسطيينين والعرب، وفى حالة صدوره تقوم بتوفير الغطاء اللازم لحمايتها من تنفيذه، فى استعراض للقوة ضد طرف عاجز ومجتمع دولى ضعيف وراضخ أمام الغطرسة الأمريكية.

الاتجاه الآخر وهو الوقوف ضد حقوق العرب المشروعة، فى استرداد أراضيهم التى نُهبت منهم، أو الحصول على تكنولوجيا عسكرية متقدمه، تنافس بها إسرائيل المتفوقة عسكريا بالأسلحة الأمريكية، أوالوصول إلى سلام عادل وشامل، يحفظ للعرب كرامتهم الجريحة, ويرد إليهم بعضاً مما سُلب منهم، والوقوف ضد العرب فى أى قضايا دولية بينهم وبين العدو، وآخرها وقوفها ضد صدور قرار إدانة من مجلس الأمن يدين الجرائم الوحشية، والإبادة الجماعية التى تمارسها إسرائيل، ضد أهالى غزة.

العجيب فى الموضوع ورغم الانحياز الأمريكى للطرف المعتدى، لا يقبل العرب سوى أمريكا راعية للسلام، فهم ينصبونها قاضياً وخصماً فى نفس الوقت، وكأنهم لا يدركون أن أمريكا تعاديهم مثل إسرائيل، دائما يقبل العرب القرارات الأمريكية وينفذونها بلا تحفظ، رغم أنها قرارات فى صالح العدو، قرارات تسلبهم حريتهم وأرضهم، وتمنحها للعدو، غنيمةً سهلة لا تعب فيها ولا عناء، ورغم كل هذا يصر العرب على تسمية هذا الظلم سلاما، رغم أنه سلام مهين، وقديما قال الشاعر:

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل