زملاء دراسة..بهم أعتز وأفخر..!!بقلم:طلال قديح
طلال قديح *
في شرفة الزمن بعيدا عن الضوضاء، جلست استنشق الهواء ، وأقلّب طرفي في السماء،لعله يلاقي طرف زميل من الزملاء الذين ربطتني بهم علاقة حميمة منزهة عن الأهواء، تتميز بالحب والصدق والصفاء..
زملاء دراسة جمعتني بهم أجمل الذكريات وأسعد اللحظات.. وهل هناك أجمل من زمالة الدراسة الجامعية..!! شباب من الجنسين في مقتبل العمر وريعان الشباب يتدفقون نشاطا وحيوية، يتنافسون في طلب العلم .. جمعتنا قاعات المحاضرات جنبا إلى جنب وكلنا آذان صاغية لأساتذة أعلام أجلاء يجودون علينا بما حباهم الله من علم لا ينضب..نفخر ونعتز بأننا تتلمذنا على أيديهم وغرفنا من معين علومهم.. مما يلزمنا أن ننحني لهم احتراما وتقديرا فقد كانوا نجوما لامعة في سماء العلم والمعرفة.
لم أنس أيا من زملاء الدراسة فقد ظللت وفيا لهم كما كانوا أوفياء لي، لا أقوى على البعد عنهم طويلا ، لأن ما يجمعنا من علاقات وذكريات عصية على النسيان ومغروسة في القلب والوجدان.
علاقة مضى عليها نصف قرن من الزمن ، لم تضعف ولم تفتر بل ظلت راسخة رسوخ جبال لبنان ، نضرة نضارة أرز لبنان، ناصعة نصاعة ثلج لبنان.عذبة عذوبة مائه، رقيقة رقة هوائه. صافية صفاء سمائه.
جميل جدا أن تبقى على اتصال مع الزملاء والأجمل منه أن تلتقي بهم وجها لوجه بعد غياب طويل فيكون العناق وتكون الدموع ..دموع الفرح والسعادة..إنها لحظات لا تنسى تظل منقوشة في الذاكرة ما امتدت الحياة . لن أنسى زملائي وأحبائي ورفاق دربي وكيف أنسى من عشت معهم أربع سنوات هي من أجمل سنوات عمري.. وأين ؟ في لبنان بلد المحبة والجمال والعلماء والأدباء .. كم خرجنا معا في رحلات جابت لبنان من أدناه إلى أقصاه..استمتعنا فيها بمناظره الجميلة الممتدة بين البحر والسهل والجبل. كانت تلك الفترة من أزهى الأيام في لبنان، إذ كانت مترعة بحراك عربي ودولي على مختلف الأصعدة سياسيا وثقافيا وفنيا..كانت بيروت عاصمة العرب إليها يتوجهون وفيها يتقابلون في مؤتمرات تضم نخبا يشار إليها بالبنان، لها تأثيرها وثقلها. وسأشير هنا إلي إخواني وزملائي بأسمائهم وفاء وتقديرا لهم.. ** الأخ محمد أحمد قديح ارتبطت معه بعلاقة قربى بأسمى معانيها وكنا زميلين منذ الولادة فقد ولدنا معا في شهر واحد ودخلنا المدرسة معا وتابعنا كل المراحل الدراسية جنبا إلى جنب حتى تخرجنا من الجامعة وذهب كل منا في طريق.. تعاقدنا مع السعودية فاستقر معلّما في مكة وأنا في المدينة المنورة. ** الأخ عبد الرحيم يوسف غزال من قب الياس في بقاع لبنان- رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه- كان مثالا لدماثة الخلق والكرم زرناه في بيته وسعدنا بقضاء أسعد الأوقات معا متنقلين في ربوع قب إلياس وزحلة جارة الوادي..وأنا وأسرتي مازلنا على تواصل مع أسرته وأبنائه.وهم مثال الوفاء. ** الأخ علي ضاهر ابن الجنوب الأصيل والرياضي المخضرم.. وصل إلى مرتبة متقدمة من العمل الحكومي..قمة في رفعة الخلق والكرم اللامحدود.. ونحن على تواصل دائم. ** الأخ حسن علي حمادة الشاعر الرقيق ابن داعل في شمال لبنان, والذي ألقى كلمة تخرّج مؤثرة لم ينسها أحد منا ..وحفرت بعض قصائده مكانا لها في الذاكرة..كم أنا مشتاق لرؤيتك ياأخي حسن .. سقيا لأيام لبنان التي سلفت مضت كأنها سكرات الوصل في الحلم ** ومن الأخوات الفاضلات: فتية هزيمة، نهى كريدية ،هند إمام، ابتسام الحكواتي ، مجدولين خلف، هدية السبع أعين ، سلمى صبري، وإنعام البرازي..وكلهن فاصلات ولهن إسهامات في حقل التعليم. ** الأخ عبد الوهاب أبوبكر حمادي المولهي من تونس الحبيبة..أحببناه حبا لا يجارى ، فرض علينا حبه لسموخلقه ورهافة حسه وصدق انتمائه العربي علاوة على أنه شاعر من الطراز الأول ليتنا نعرف مكانه لنتواصل معه فهو عزيز علينا.. ** الأخ الدكتور عبد الفتاح النجار ابن الفالوجة والمقيم في إربد والأستاذ بالجامعة أتواصل معه وشرفت بزيارته في بيه منذ عدة سنوات.. .** الأخ أحمد أبو عرقوب- رحمه الله- أحد الشعراء المعروفين في الأردن ،خدم في سلك التعليم، صدرت له بعض المؤلفات. ** الأخ صالح سليم- رحمه الله- خدم التعليم في السعودية قرابة أربعين عاما و تخرج على يديه من يشهد له بكرم الخلق وغزارة العلم. ** الأخ أحمد إبراهيم خليل فلسطيني من مخيم نهر البارد كان متفوقا علما وخلقا- متعه الله بالصحة والعافية. ** الأخ حسين لوباني .من نفس المخيم له نشاط أدبي واضح في ميدان الكتابة. **الأخ عمر الأيوبي .. زرناه في بيته ونحن على مقاعد الدراسة فأكرمنا كثيرا وخلاصة القول: كنا جميعا إخوة زملاء جمعتنا صحبة الجامعة وعمقت العلاقة الأخوية والمحبة في نفوسنا جميعا.. ربما بصورة فريدة وبعيدة عن التكرار. ** أما أنا فهم يعرفونني جميعا بل تعدت علاقتي إلى الزملاء في الكليات والأقسام الأخرى إذ كنت أصغرهم سنا، ومواظبا على حضور المحاضرات والندوات ولم أتخلف عنها ولم أتغيب حرصا مني ألا يفوتني شيء منا فاخسر الكثير. ورافقني في ذلك أخي محمد قديح فقد كنا نغدو ونروح معا صنوين لا يفترقان.
سقيا لتلك الأيام.. ما أجملها ! وما أعظمها! ليتها تعود ونعود معها كما كنا شبابا متحابين متآلفين..!! إنها أمنية تدغدغ المشاعر،ليس إلا.؟!
Comments