المحتوى الرئيسى

باسل رمسيس : زياد العليمي وإفساد الثورة وشبابها

06/27 10:31

نشر الناشط السياسي، وعضو ائتلاف شباب ثورة الغضب، زياد العليمي، مقالا، أو رسالة مفتوحة في المصري اليوم، بتاريخ ٢٤ يونيو، عنوانها (أرجوكم.. لا تفسدونا). ولأن كلماته تعبر عن قلق حقيقي، وحرص علي ضرورة إنجاز مهام سياسية، في ظل واقع صعب، قررت أن أبوح “علانية”، بما خطر لي بعد قراءة مقالته، حتي لا نكتفي بالنصائح والآراء الشفوية، التي نقولها عادة علي المقاهي، وليكن خطابا مفتوحا له ولأمثاله.

كلمة “أمثاله” ليست تحقيرية، بالعكس، فالمقصود بها هم كل الشباب من النشطاء السياسيين – المناضلين السياسيين باللغة القديمة التي يبدو وكأننا ألقيناها في مخزن التاريخ – ممن ناضلوا خلال السنين الماضية من أجل إحداث تغيير حقيقي في مجتمعنا. أمثاله، ممن وضعتهم اللحظة الثورية في مقدمة بعض الصفوف، مخاطرين بحياتهم خلال ثورة يناير، دون أن يفكروا في التهام بعض أجزاء الكعكة. بالتالي، فإن هذا التفاعل العلني مع كلمات العليمي، لا يتوجه لمن يريدون أن يكونوا نجوما، أو جزءا من النخب الجديدة، حتي وإن قاموا بتسمية أنفسهم بشباب الثورة.

رسالة زياد العليمي، باختصار، تؤكد علي أن شباب الثورة ليسوا قادة عباقرة، هم فقط قاموا بلعب دور هام وقيادي في لحظة ما، وأنه كان من الطبيعي أن يلعب هذا الدور الشباب. وجوهر الرسالة هو النداء بألا يتم إفسادهم، بتحويلهم لنخب جديدة، متصورين بأنهم قادة تاريخيين.

سأتجاهل، عمدا، الجملة التقريرية التي أوردها في مقاله، قائلا: (عرفت كيف أننا كمصريين نبني الاستبداد ونحفزه)!!! وهي العبارة شديدة الخطورة، وتفتقد للدلائل. تأتي في سياق مقالته، فقط لكون الناس توقفه، هو وزملاءه في الشارع، لتلتقط معهم الصور، بحب علي ما أعتقد. بسبب هذا الحب والاحترام الذي أكنه لزياد العليمي، أتمني أن تكون هذه العبارة قد جاءت سهوا في مقاله، أو علي الأقل لم يقصد بها معناها المباشر والخطير.

هناك مسألتان جوهريتان في هذه الرسالة:

المسألة الأولي: يؤكد علي أنهم ليسوا قادة ملهمين، إلا أنه يسلم بأنهم قد قادوا الثورة بمعني ما، أو علي الأقل لعبوا دورا قياديا بها. وهو ما أعتقد بأنه غير صحيح بالمرة. ائتلاف شباب ثورة الغضب، الذي يضم زياد وزملاءه، هو مجموعة من الشباب الممثلين لبعض المجموعات والقوي السياسية التي دعت إلي مظاهرات يوم ٢٥ يناير، هذه المظاهرات التي تحولت إلي ثورة شعبية، تستهدف إسقاط نظام.

أعتقد بأن هناك فرقا كبيرا بين أن تدعو لمظاهرة، تتحول لأسباب كثيرة لثورة، وأن تكون قائدا لهذه الثورة. بالإضافة إلي اعتقادي بأن إحدى السمات الأساسية لثورة يناير هي كونها دون قيادة. بغض النظر عن تقييماتنا حول ما إذا كان غياب القيادة هو أحد أسباب ضعف الثورة أم قوتها. استمرارية هذا الائتلاف، خلال الثمانية عشر يوما الأولي من ثورتنا، كانت نابعة من ضرورة وجود درجة أساسية من التنسيق، داخل الميدان، بين بعض هذه القوي السياسية المتواجدة، ومحاولة لإدارة الخطاب السياسي اليومي من المنصات المختلفة. دون إغفال بعض جوانب التنظيم، الإعاشة، والأمن الذاتي للمعتصمين.

لكنها لم تكن قيادة، فهذه التيارات في حد ذاتها، لم تكن قادرة أصلا علي قيادة ثورة شعبية بحجم وقوة ثورة يناير. الدلائل علي تصوري هذا، كثيرة. من ضمنها، استحالة وجود قيادة “سرية”، قيادة يعرفها النظام وأجهزة أمنه، ولا يعرفها جمهورها المتمثل في (الآلاف من المعتصمين الدائمين). دون إغفال حقيقة أن كل المبادرات الأساسية، الرائدة، والحاسمة التي أنجحت الثورة، كانت مبادرات من المواطنين المصريين، والعقل الجمعي الذي تم إبداعه بطريقة ما، لم نستوعبها حتي هذه اللحظة.

بالطبع، كان بائتلاف شباب الثورة، وقت الميدان، شباب يمثلون الكثيرين منا، شعرنا بأنهم قادرون علي التعبير عنا في لحظات محددة. أن نبحث عن زياد العليمي أو خالد عبد الحميد داخل الميدان، لننقل إليهم تصوراتنا واقتراحاتنا، ليطرحوها علي شباب الائتلاف، وبالتالي يكون لهذه الاقتراحات حضور بين هذه القوي السياسية، لا يعني أن الثورة يقودها هؤلاء الشباب، أو تقودها تياراتهم. وإلا نكون قد انزلقنا للعبة عمر سليمان، التي بدأها يوم ٣ فبراير بحديثه عن ضرورة الجلوس مع القيادة. وهي اللعبة التي لعبها النظام المباركي، ومن بعده المجلس العسكري، والإعلام الفاسد، لتفريغ الثورة من مضمونها الشعبي.

المسألة الثانية: هي صرخة الاستغاثة الآتية في نص زياد العليمي: لا تفسدونا!!! والتي لا أعرف بالتحديد لمن يتم توجيهها. وليكن، كيف تستغيث بنخبة معزولة أصلا، وأنت في الحقيقة لك تواجد شعبي أكبر منها؟ أم أنك تستغيث بإعلام فاسد!!! هو واع لدوره في إجهاض الثورة، ويعلم أن إحدى طرق هذا الإجهاض هو تحويلكم لنجوم، جذبكم للجلوس مع المجلس العسكري، والدعوة لموائد الحوارات والكاميرات. باختصار، أن يجعلكم تتصورون بأنكم قادة هذه الثورة. وبما أن مولد الملايين قد انفض، فستشعر بالعزلة وتبدأ هنا التوهمات.

عزيزي زياد: أنت أقدر من أغلبنا علي لعب دور سياسي جديد، وعلي إنجاز خطاب نضالي عصري، وإنجاز مهام ومعارك بفاعلية. هذه هي الحقيقة، لكن شرطها الأساسي، ألا تصبح وحيدا. الشرط الأساسي أن تحتمي بنا، بالجميع، وفي الأساس أن تكون جزءا من هؤلاء الآلاف من الشباب، الذين أحاطوا بالجميع خلال الثورة. من المفترض أن يكون هؤلاء مجال حركتك الأساسية، وهم من يحددون من هو القائد وما عليه أن يفعل ويقول. أعتقد أن من يفسد، يفسد بمفرده. الوضع المحيط يهيئ له الجو المناسب بالطبع، ويفتح أمامه طريق الإفساد، إلا أن استعداداته الشخصية الانتهازية، وقابليته للإفساد، هي التي تلعب الدور الأساسي. مرة أخري، دون نسيان عامل العزلة.

لأستجيب لنداء زياد العليمي الوارد في رسالته، بأن نشارك معهم، ننتقد، ونشتبك: أعتقد بأن المخرج الأساسي من مأزق “الإفساد” الآن، يتمثل في إنهاء ما يطلق عليه ائتلاف شباب ثورة الغضب، وخصوصا بعد أن تعددت الائتلافات، (ومبقيناش عارفين راسنا من رجلينا ومين مع مين ومين ضد مين). تحديدا، أن يتم حل هذا الائتلاف، والإعلان بأنه لم يمثل كل شباب الثورة في أي وقت، ولم يقدهم. وبدء العمل، لتأسيس مجموعة جديدة تضم جميع الشباب المتفق حول أهداف سياسية محددة، متعلقة بالفترة الحالية، والمهام التي لم تنجزها الثورة. وليس فقط شباب التيارات السياسية والمجموعات الشهيرة. أن يكون هذا التشكيل الجديد واسعا، ديمقراطيا، ينسق العمل مع الجميع، ويلعب دور قوة المواجهة الرئيسية ضد النخب والإعلام الفاسدين، الحكومة العاجزة والرجعية، والمجلس العسكري الذي يدفعنا للوراء ويرهقنا. يتفاعل مع الشباب في كل المواقع، لتحفيزهم علي استمرار ثورة “الجميع”.

عزيزي زياد، أنت تعرف أن كلمة عزيزي هنا ليست تهكما، خطر الإفساد من عدمه في يدك، حاول أن تعبر عن أكثر طاقاتنا حياة وصلابة وإيجابية، لكن في الشارع، وليس في بلاتوهات التلفزيونات. اقتحموا هذه البلاتوهات، وأقيموا بها إن أردتم، حين تصبح ملكا لشعبكم حقيقة وليس كلاما. ساعتها فلنتحدث، إن أردت، حول مخاطر أن تفسدوا في ظل نظام جديد، ديمقراطي، مستنير ويحترم جميع مواطنيه.

للإطلاع علي مقال زياد العليمي:

http://www.almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=301524&IssueID=2176

مواضيع ذات صلة

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل