المحتوى الرئيسى

بلاغ للنائب العام‏..‏ ضد ممثلي الثورة المضادة في هيئة الأوقاف

06/27 03:18

ورغم اضمحلال هذه العمليات بمرور الزمن حتي كادت تختفي إلا أن عمليات نصب واحتيال أخري استجدت عليهم ليس في المدن والموالد بل في عقر دارهم في القري‏,‏ ولم يكن الجناة هذه المرة من صعاليك المدن بل من السادة وعلية القوم‏,‏ ولا يولون الأدبار بعد كل نصباية بل يضطجعون علي كراسيهم في نشوة وتحد مستفزين‏.‏

هذا ما يعانيه قطاع واسع من الفلاحين من جبروت هيئة الأوقاف المصرية‏,‏ حيث يتعلق الأمر بالتضييق علي قطاع برفع إيجار الأرض المستأجرة من الهيئة بما يضاعف من تكلفة الزراعة‏,‏ وفي قطاع آخر يتعلق بتجريدهم من وسيلة إنتاجهم الوحيدة‏(‏ الارض‏)‏ ومن ثم تحويلهم لمشردين‏,‏ ويتطور هذا الجبروت إلي جريمة عندما يتم خرق القانون في وضح النهار واستخدام الحيل والألاعيب والتهديدات التي تنتهي أحيانا بإزهاق الأوراح التي لم ترتكب ذنبا سوي رفضها ترك الأرض التي هي حياتها ووجودها ومستقبل أسرها‏.‏

وقصص هيئة الأوقاف مع الفلاحين لا تنتهي‏,‏ لكن قصتنا اليوم من محافظتي الإسماعيلية والشرقية وتبدأ من عهد الخديوي إسماعيل حيث كان الخديوي وابنته فاطمة هانم وبعض ملاك الأراضي الكبار قد أوقفوا‏(‏ أي خصصوا‏)‏ مساحات من الأراضي التي يحوزنها لأعمال البر والخير‏,‏ وتسلمتها وزارة الأوقاف وأدارتها بتأجيرها للفلاحين جيلا بعد جيل‏.‏

بعد ثورة‏1952‏ صدر القانون‏152‏ عام‏1957‏ بنقل الأراضي الزراعية الموقوفة لأعمال الخير والبر العامة‏(‏ لمساعدة ملاجيء وجامعات ومستشفيات ومدارس‏)‏ من وزارة الأوقاف لهيئة الإصلاح الزراعي مقابل دفع الأخيرة لثمنها علي‏30‏ قسطا سنويا بفائدة‏4%.‏

‏*‏ وحدث نفس الشيء في الأرضي الزراعية الموقوفة لأعمال الخير والبر الخاصة‏(‏ لمساعدة أفراد‏)‏ والمعروفة بالوقف الأهلي بالقانون‏44‏ عام‏1962,‏ وبذلك صارت أراضي الأوقاف الزراعية في مصر مسجلة ومشهرة باسم هيئة الإصلاح الزراعي التي قامت بتوزيع جزء منها بنظام التمليك التقسيطي علي الفلاحين لتحصل ثمنها علي‏40‏ سنة بينما وزعت الجزء الآخر منها بنظام التأجير‏.‏

وفي عام‏1971‏ وفي عهد السادات تأسست هيئة الأوقاف بالقانون‏1971/80‏ الذي أكد حظر أي دور للهيئة الجديدة في هذه الأراضي التي آلت للإصلاح الزراعي‏.‏

أما في عام‏1973‏ فقد قام السادات بإعادة بعض الأراضي المذكورة‏(‏ المؤجرة للفلاحين لهيئة الأوقاف وقصر دورها علي إدارتها‏(‏ أي تأجيرها وتحصيل إيجارها‏)‏ مع بقاء ملكيتها لهيئة الأوقاف التي ابتزت به المستأجرين ونحلت وبرهم بالذات بعد تطبيق قانون العلاقة الإيجارية الذي حدد مدة عقد الإيجار اعتبارا من‏1997‏ وأبطل العقود غير محددة المدة‏.‏

ولم يقتصر الابتزاز علي رفع قيمة الإيجار عدة أضعاف وبشكل مستمر بل وصل إلي حد قيام هيئة الأوقاف بسلب صلاحيات هيئة الإصلاح الزراعي مالكة الأرض والتصرف في بعضها بالبيع ـ بالاتفاق مع المحافظين ـ لهيئات سيادية في الدولة رغم أنها لا تملكها كما حدث في المعمورة بالإسكندرية والدقهلية والبحيرة‏,‏ كذلك شرعت في طرد الفلاحين مدعية التحضير لإنشاء مناطق تجارية وصناعية كما حدث في الغربية لكنها فشلت‏.‏

وفي المنطقة المحصورة بين العباسة‏/‏ شرقية والمحسمة‏/‏ إسماعيلية يتخذ الإبتزاز ابعادا غير مسبوقة ليس بشأن الأرض الزراعية بل بخصوص أرض الكتلة السكنية حيث انتقلت في عام‏1970‏ مساحة‏2549‏ فدانا من وقف الخديوي إسماعيل بالقانون‏1957/152‏ من وزارة الأوقاف إلي هيئة الإصلاح الزراعي بالعقد رقم‏516‏ ذلك العقد الذي لايفصل بين الأرض الزراعية وأرض الكتلة السكنية‏,‏ وقد ملكتها هيئة الإصلاح للفلاحين الذين دفعوا ثمنها كاملا وحصلوا علي عقود التمليك الخضراء‏.‏

قلبت هيئة الأوقاف في أضابيرها وتوصلت لحيلة شيطانية لإيهام الفلاحين بأن الدولة لم توزع عليهم الأرض التي بنوا عليها منازلهم ضمن المساحات الزراعية التي تملكوها‏,‏ وأطلقت عليهم عددا من أعضاء مجلس الشعب ليدفعوهم للموافقة علي طلب شرائها حتي لايطردوا من منازلهم‏.‏

وبهذه الطريقة تسلل موظفو الأوقاف لعشرات القري في المنطقة وشرعوا في قياس مساحات المساكن التي بناها الفلاحون وأعدوا كشوفا بالمبالغ المطلوبة من كل منزل‏.‏

فوجيء الفلاحون بأن المبالغ المقدرة ليست ثمنا للأرض التي بنيت عليها المساكن بل إيجار لها ومنذ حصولهم علي الأرض الزراعية من الإصلاح الزراعي‏.‏

ـ وهكذا نفذت الأوقاف الحيلة الشيطانية وبدأ بعض الفلاحين في دفع ما تم تقديره بشكل جزافي ـ كإيجار للبيوت التي بنوها بأيديهم ومن عرقهم‏-‏ علي أقساط‏,‏ ومن كان يتلكأ كانت تتم مطاردته بالإنذارات ثم بالدعاوي القضائية حتي يسارع إليهم طالبا العفو والدفع‏.‏

ـ والمذهل أن المبالغ المطلوبة من الفلاحين إيجارا لقيراط واحد من أرض المسكن تراوحت ما بين‏5‏ إلي‏19‏ ضعفا لما دفعوه ثمنا لفدانين من الأرض الزراعية‏.‏

لكن بعض الفلاحين رفضوا الدفع بل ووقفوا أمام القضاء وصدرت الأحكام لصالحهم وأوضحوا للمحكمة بطلان ما تطلبه هيئة الأوقاف منهم‏..‏ إلا أن بعض الفلاحين مازال يدفع المعلوم‏.‏

ـ وجدير بالتوضيح أن أراضي الأوقاف الزراعية ومنها هذه المنطقة تم تخصيصها لأعمال الخير بمستندات رسمية لا تمييز فيها بين جزء زراعي وآخر سكني وهو ما يؤكده العقد المسجل رقم‏1970/516‏ الذي نقل الأرض من الأوقاف للإصلاح الزراعي‏,‏ ومن ناحية أخري فإن أراضي الكتلة السكنية هي جزء من منافع الأرض الزراعية كالحظائر والأجران ومأوي أدوات العمل والطرق الموصلة بين المساكن والحقول‏..‏ إلخ‏,‏ أيضا فإن هيئة الإصلاح الزراعي إبان توزيعها للأرض علي الفلاحين كانت تعتبر المنافع بكل أنواعها جزءا لا يتجزأ من الأرض الزراعية لأن الأخيرة لا يمكن أن تزرع بدونها سواء كانت الأرض موزعة بالتمليك أو بالإيجار وهو ما يؤكد أن القائمين علي إصدار القانون وتنفيذه كانوا يدركون ذلك جيدا بدليل عدم مطالبتهم للفلاحين حتي إنشاء هيئة الأوقاف عام‏1971‏ بأي ثمن أو إيجار لتلك المنافع علي اختلاف أنواعها‏.‏

سيل من المفاجآت

وعندما لجأ لنا فلاحو منطقة العباسة والمحسمة ناقشناهم واطلعنا علي مستنداتهم فباغتتنا المفاجآت حيث ينص البند ثالثا من عقد الأرض المحرريين الفلاحين وهيئة الإصلاح علي‏:‏ تعتبر نسبة‏25%‏ من الثمن الأصلي للأرض المبيعة مقابل ما يخصها من منافع رئيسية وملحقات وقت أيلولتها للدولة‏.‏

كما ينص خطاب الجمعية الزراعية للإصلاح الزراعي بالظاهرية‏/‏ إسماعيلية التي تتبعها‏4‏ قري صغيرة علي أن‏:‏ مساحة واحد وسبعين فدانا هي منافع التمليك وهي مساحة الأرض المقام عليها سكن لقري الظاهرية والغرابوة وكفر الشيخ عطية وتل البعر وتل أبو حامد‏.‏

ووجدنا أن موظفي هيئة الأوقاف لم يقيسوا مساحة أرض الكتلة السكنية فقط بل وحصروا عدد الطوابق‏(‏ الأدوار‏)‏ في كل منزل‏,‏ وأعدوا قائمة بالمبالغ المطلوبة من كل منزل‏,‏ ولم تكن المنازل المتساوية في المساحة تتساوي فيما هو مطلوب من أصحابها من مبالغ بل كانت تختلف بناء علي عدد الطوابق الموجودة في كل منزل‏,‏ كما لو كانت هيئة الأوقاف هي من قامت ببناء المنازل وليس الفلاحون‏.‏

كما أن معظم إعلانات الدعاوي القضائية الموجهة من هيئة الأوقاف للفلاحين في منطقة العباسة‏/‏ المحسمة غير قانوني ولا تحمل أختاما للمحكمة التي صدرت منها وهو ما يعني تواطؤا فاضحا من قلم المحضرين المختص غرضه الأساسي تهديد الفلاحين وترويعهم وإجبارهم علي الدفع‏.‏

وقد توقف الكثير من الفلاحين عن الدفع وانتقلت العدوي من قرية لأخري واحتجوا بمظاهرات تضم الآلاف في فبراير‏2011‏ بالشرقية والإسماعلية إلا أن هيئة الأوقاف لم تيأس واستمرت في حصارها لمن سبقوا من الفلاحين في دفع أجزاء من المبالغ التي فرضتها عليهم لأنهم أصبحوا بمثابة الطعم الذي يجذب بقية جيرانهم نحو صنارة هيئة الأوقاف‏,‏ وهكذا تأزم الموقف وأصبح قاب قوسين من صدام ربما لاتحمد عقباه‏.‏

لابد من التفتيش وراء مسئولي هيئة الأوقاف وعلي وجه التحديد رئيسها ووكيلتها ومحاسبتهم وتقديمهم للعدالة واستبعادهم من مناصبهم‏,‏ ولأن مسئوليتهم مركبة جنائية وأمنية وسياسية فلا يمكن توصيفهم إلا بأنهم ركائز الثورة المضادة التي مازالت تدبر وتخطط لتضرم الحريق وتبعد الشعب عن الطريق الذي بدأه من شهور معدودة ويسعي لبلوغ نهايته‏.‏

 

 

 

 

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل