المحتوى الرئيسى

صوت النخبة العالي.. لا للوصاية

06/26 22:46

 

المواطنون:

- البعض يفرض الوصاية على الشعب ويحتقره

- أغلب وسائل الإعلام تسير حسب رؤى مالكيها

- صناديق الاقتراع هي مكبرات الصوت للشارع

- نعاني غياب ثقافة الديمقراطية وتقبُّل الآخر

- دعوة لتدشين حملة بعنوان "لا تتكلم باسمي"

 

الخبراء:

صالح: تصرفات النخبة كفر بالديمقراطية التي ينادون بها

حسن: جامعو التوقيعات "ترزية" يريدون دستورًا على مقاسهم

 

تحقيق: مي جابر

انتشرت حملات الانقلاب على الديمقراطية على صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات؛ حيث تصدرت مانشتات المطالبة بوضع الدستور أولاً الصفحات الأولى لأغلب الصحف، كما اقتصرت النقاشات بالبرامج الحوارية على تدعيم هذه الحملات؛ لتظهر كأنها رأي الشارع المصري الذي أدلى بصوته بالفعل في الاستفتاء على التعديلات الدستورية منذ ما يزيد عن 4 أشهر؛ لتأتي النتيجة بموافقة الأغلبية عليها.

 

هذه الحملات أثارت استياء قطاعات واسعة من المواطنين الذين قالوا كلمتهم في الصناديق، معتبرين ذلك تهميشًا لهم، وسيرًا على نهج النظام البائد، الذي كان يروج أن الشعب المصري غير مؤهل لممارسة الديمقراطية، بالإضافة إلى احتكار التحدث بالنيابة عن الجماهير العريضة كأنها قاصرة عن تحديد مصيرها.

 

(إخوان أون لاين) استطلع آراء المواطنين والخبراء حول هذه الحملات.. فإلى تفاصيل التحقيق:

 

جزر منعزلة

يصف أحمد عبد الرحمن "مدرس" الحملات التي تشنها بعض الجرائد بالالتفاف على رأي الشعب ومخالفة الديمقراطية التي ينادون بها، موضحًا أنهم يسعون إلى تسفيه آراء المواطنين.

 

ويضيف "هذه النخبة معزولة عن الجماهير، وتقيم فقط بمدينة الإنتاج الإعلامي؛ حيث لا يعرفهم الشعب سوى من خلال صفحات الجرائد وشاشات الفضائيات" مستنكرًا لغة التعالي على الشعب التي يتحدثون بها، منتقدًا ترديدهم لمقولة "نظيف" رئيس الوزراء في عهد النظام البائد أن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية، مشيرًا إلى أن أصواتهم العالية دليل على ضعف موقفهم، فهم لا يمتلكون الشعبية الكافية التي تدعمهم في سباق انتخابات مجلس الشعب المقبلة.

 

وتقول فاطمة سعد "طالبة بجامعة الأزهر": إنها لم تستغرب من الحملات الرافضة لنتيجة الاستفتاء؛ حيث إن الكثيرين لا يفهمون معنى الممارسة الديمقراطية، وإن كانوا يتغنون بها طوال السنوات الماضية، موضحة أنه يجب عدم الاهتمام بهذه الأحاديث التي لن تفيد، ما دامت نتيجة الاستفتاء سارية، ولا يستطيع أحد تغييرها.

 

وترفض فرض الوصاية على الشارع المصري، والحجر على رأيه الذي ظهر بالفعل من خلال الاستفتاء على التعديلات الدستورية، مقترحة تدشين حملة مضادة تحت اسم "من فضلك لا تتكلم باسمي"، لتبدأ رصد هذه المشكلة، واستطلاع رأي الناس حولها، وكيفية مواجهتها، متوقعة أن تنال هذه الحملة الاهتمام من جانب الشباب خاصة، بالإضافة إلى إجبار النخب على عدم التحدث بلسانهم، كما ستجعلهم يلتزمون برأي الأغلبية.

 

مصالح خاصة

ويلفت مجدي سعد "مدير تنفيذي بإحدى الشركات الخاصة" إلى أن وسائل الإعلام المستقلة بمصر ترتبط برجال الأعمال المقربين من النظام السابق، وأغلب الجرائد المستقلة تسير حسب رؤى مالكيها ومصالحهم؛ لتقوم بدور الإعلام التوجيهي الذي يدفع الجماهير لاتجاه محدد، ويتجاهل الدور الراصد لرأي الشارع المصري.

 

ويقول: إن صناديق الاقتراع هي مكبرات الصوت للشعب، التي لن تتأثر بالصوت العالي للأقلية الكارهة للديمقراطية، مضيفًا: "أعتقد أن المؤسسة العسكرية لن تزج بنفسها في صراع سياسي ضيق، وستلتزم بنتيجة الاستفتاء السابق، وستنال القوى المنادية بالدستور أولاً جزاءها الطبيعي في الانتخابات المقبلة؛ حيث إن الشعب لن يتسامح مع من حاول الاستخفاف به".

 

ويضيف محمد صالح "طالب بكلية الآداب جامعة المنصورة" أن السجال الدائر حاليًّا حول وضع الدستور أولاً يظهر كأنه صراع بين النخب السياسية فقط، مرجعًا ذلك إلى مصالح بطانة النظام السابق ممن يضرهم استقرار البلاد سياسيًّا واقتصاديًّا؛ ولذلك يحاولون تخويف الشعب من أن الانتخابات ستفرز برلمانًا ذا اتجاه واحد، يخلق دولة دينية متشددة.

 

ثقافة الديمقراطية

ويرجع علي محمد علي "طبيب بشري" السجال الظاهر على صفحات الجرائد حول "الدستور أم الانتخابات أولاً" إلى أن المجتمع المصري حديث عهد بالديمقراطية، ويظهر ذلك من خلال عدم تقبُّل الأقلية لرأي الأغلبية الحاكمة، مشيرًا إلى أن من يدعون أنهم نخبة سياسية وثقافية يعانون من هذا الأمر أكثر من رجل الشارع البسيط.

 

ويقول: "ما زال أمامنا الكثير لتدعيم القيم الديمقراطية في نفوس النخب السياسية التي تربت ونشأت في ظل نظام مستبد قمعي لا يقبل سوى الرأي الذي يتفق مع مصالحه فقط".

 

ويرى الدكتور عبد الرازق الكومي "أستاذ الجغرافيا بجامعة طنطا"، أن ما يحدث نوع من العبث بمصير الثورة الشعبية التي أبهرت العالم بالأخلاق الراقية التي ظهر بها المصريون، معتبرًا هذه الحملات إعلانًا لإفلاس هذه القوى التي تدعي أنها ليبرالية، بينما تأتي أفعالها لتخالف ما تؤمن به، موضحًا أن الحل الأمثل لمواجهة هؤلاء أن يُترًكوا يتحدثون لأنفسهم على شاشات الفضائيات؛ ليُصدَموا في النهاية بأن الشعب يريد شيئًا آخر غير الذي يتوقعونه.

 

نبض النخبة

ويقول عبد الرحمن الجزار "محاسب": "الصحافة المصرية لا تعبر عن رأي الشارع كما يعتقد البعض، ولكنها منبر لبعض رجال النخبة والمثقفين الذين يفتقدون الشعبية، وهو ما أكده الاستفتاء السابق؛ حيث سادت حالة من توجيه الرأي لرفض التعديلات، بينما جاءت النتيجة مخالفة لذلك؛ بسبب فقدانهم الأرضية التي يعملون عليها".

 

وتبين هبة الديب "مدرسة بإحدى مدارس البحيرة" أن هناك عددًا من رجال الأعمال أصحاب المصالح والأهداف الخاصة يعملون على التأثير في وسائل الإعلام بما لديهم من سلطات على هذه الوسائل، مشيرة إلى أن ما يحدث الآن يشبه السجال الذي دار قبل إجراء الاستفتاء على التعديلات، حتى ظن البعض أن النتيجة ستأتي بالأغلبية لـ(لا).

 

وتستطرد: "على الرغم من ارتفاع الصوت المنادي برفض التعديلات فإن المفاجأة كانت بأن 78% وافقوا عليها؛ لتثبت لنا أن الشارع لا يتأثر بما يدور بين النخب السياسية في الصالونات المغلقة".

 

وتقول: إن البعض يستهدف التأثير النفسي على الجماهير لتضغط على الرأي العام لإلغاء نتيجة الاستفتاء، مشيرة إلى أنهم يستغلون رغبة الإنسان في ألا يكون شاذًّا عن المجموع؛ ولذلك يحاولون إظهار أن الأغلبية تسير في الاتجاه الذي يريدونه.

 

نشر الوهم

وتؤيدها في الرأي إسراء أيمن "طالبة بكلية الصيدلة جامعة أسيوط"، فتقول: إن بعض التيارات السياسية تحاول نشر الوهم بين الناس بأن رأيهم الرافض لإجراء الانتخابات التشريعية أولاً هو رأي الشارع، مستبعدة تأثير ذلك على الشارع المصري، الذي لا يقتنع سوى بِمَن يحتك به على أرض الواقع ويشعر بمعاناته.

 

ويرى حسام الهواري "طالب بكلية التجارة- جامعة الزقازيق" أن الصوت العالي هو النتيجة التي تأتي بها الصناديق، وليس ما ينشر على الجرائد، مضيفًا أن الأغلبية الصامتة هي التي حسمت نتيجة التعديلات الدستورية، غير مبالية بما يدور من نقاشات ساخنة بين القوى السياسية المختلفة.

 

ويتابع قائلاً: "ما يساعد في اشتعال الأزمة هو أننا نعطيهم أكبر من حجمهم، بينما يمكن تجاهل هذه الأحاديث والسجالات، وفي نفس الوقت نهتم بالتوعية السياسية للشعب المصري الذي عاش 30 عامًا في ظلام سياسي واجتماعي وثقافي".

 

تطهير الإعلام

 الصورة غير متاحة

د. سليمان صالح

ومن ناحيته يقول الدكتور سليمان صالح، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن هذه الحملات التفاف وانقلاب على الشعب المصري، الذي وافق على تأسيس لجنة صياغة الدستور بعد إجراء أول انتخابات برلمانية، مشيرًا إلى أن من يطلقون على أنفسهم المثقفين والنخبة يناقضون خطابهم السياسي المنادي بتطبيق ديمقراطية الدولة؛ حيث إن مطالباتهم بتأجيل الانتخابات تعمل على إطالة تولي المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمقاليد الأمور.

 

ويضيف أنهم اكتشفوا ضعفهم في الشارع المصري؛ ما دفعهم إلى محاولة تعطيل الانتخابات عن طريق فرض الوصاية على المجلس العسكري والجماهير العريضة، موضحًا أنهم يخشون من سيطرة الإسلاميين على مجلس الشعب المقبل، وهو الأمر الذي جعلهم يكفرون بالديمقراطية التي كانوا ينادون بها.

 

ويقول: "ربما كان للرأي الرافض للتعديلات الدستورية وجاهته قبل إجراء الاستفتاء، ولكن بعد ظهور نتيجته لم يعد هناك مجال لإبداء الرأي المخالف؛ لأن رأي الأغلبية ملزم للجميع، كما إننا نؤكد احترامنا للرأي الآخر، ولكن عندما يتعارض مع رأي الأغلبية، فيجب أن يكون الاحترام للشعب وليس للنخبة".

 

ويطالب د. صالح وسائل الإعلام بإدراك أنها ملك للشعب كله، وليست فقط للنخب السياسية والتيارات المعارضة للديمقراطية، مشددًا على ضرورة تطهير وسائل الإعلام من أذناب النظام السابق التي تعمل بعقلية صفوت الشريف؛ حيث تُقصي جميع الرؤى باستثناء ما يتماشى مع مصلحتها.

 

ويستنكر غياب النقاشات الحرة بين جميع الأطراف المختلفة عن وسائل الإعلام، متمنيًا وضع إستراتيجية مستقبلية وسياسة إعلامية تتفق مع ثورة 25 يناير، حتى تصبح وسائل الإعلام معبرة بصدق عن الشارع المصري.

 

الوجه الحقيقي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل
 الصورة غير متاحة