المحتوى الرئيسى

هل من خريطة طريق؟

06/26 08:15

أثار مقالنا الأخير «الدستور ثانيا.. ما العمل؟» كثيراً من الجدل وردود الأفعال، فاعترض المؤيدون لـ«الدستور أولا» على كثير مما جاء فيه، أما من قالوا «الدستور ثانيا»، فقد أرسل لى بعضهم معترضين على بعض ما جاء فى المقال، واعتبروا أن عنوانه يدل على أن خيار «الدستور ثانيا» وضعنا فى ورطة، وهو ما لا يرونه.

والحقيقة أننا وُضعنا بسبب مسار «الدستور ثانيا» فى ورطة بعد أن اختار المجلس العسكرى أن يكون «ديمقراطياً» أكثر من اللازم فى قضية كان يمكن أن يتقبل الناس فيها بسهولة وجود لجنة تضع الدستور الذى يشمل المواد الثمانى، التى وافق عليها الشعب (رغم تحفظنا على موضوع جنسية آباء المرشح للرئاسة)، وتقوم بإلغاء نسبة الـ«50% عمال وفلاحين»، ثم يأتى البرلمان المقبل أو بعد المقبل ويضع دستور آخر أو يعدل ما نراه فى هذا الدستور، كما جرى فى كل بلاد العالم التى لم تر فى تاريخها دستوراً خالداً.

ولأن هذا المسار لم يحدث، فما العمل الآن للخروج من هذه الورطة بطريقة لا تؤدى إلى تجاهل إرادة الناخبين (مهما كانت التحفظات على مسار الاستفتاء)؟

هناك ثلاثة مسارات يمكن بحثها للخروج من هذا المأزق:

أولا- أن تتوافق القوى والتيارات السياسية الكبرى مع النخب السياسية والقانونية المستقلة على وضع دستور جديد، ويُعرض الأمر على الشعب للاستفتاء مرة أخرى، وهو سيناريو لا توجد مؤشرات على إمكانية حدوثه الآن.

ثانيا- وضع مجموعة من المواد فوق الدستورية أو الحاكمة للدستور تلتزم بها اللجنة التى ستضع الدستور المقبل، (المواطنة، مدنية الدولة، والنظام الجمهورى)، كما يجب أيضا وضع معايير لاختيار أعضاء اللجنة التى ستكتب الدستور، ويحق للمجلس العسكرى الاعتراض على تشكيلها فى حال إذا لم تراع التنوع الموجود داخل المجتمع المصرى واعتبرت كتابة الدستور جائزة كبرى للتيار الفائز فى الانتخابات التشريعية.

ثالثا- لابد من الترتيب لـ«وفاق قومى» حقيقى يضم القوى الفاعلة والمختلفة، ولو بعمق فيما بينها (من الحرية والعدالة إلى المصريين الأحرار)، مع رموز سياسية مستقلة للتوافق على شكل النظام السياسى وطبيعة الدستور، وإرجاء حسم القضايا الخلافية لما بعد الانتخابات البرلمانية.

صحيح أن الوضع الحالى أصبح أكثر صعوبة مما لو كان المجلس العسكرى اختار لجنة تضع الدستور وليس فقط التعديلات الدستورية، وأجرينا استفتاء على دستور لن يكون خالداً، لكننا الآن نجرى انتخابات تشريعية فى ظل تنافس صحى ودستور غير ناقص الشرعية.

الناس لا تفكر كثيرا فى قضية الدستور أولا أو ثانيا، فقد أوقفنى رجل فى المقطم بعد أن أنهيت مناقشتى مع صديقى باسل الحيوان، القيادى فى «المصريين الأحرار» (الذى اختلف مع كثير مما جاء فى مقالى الأخير) وقال لنا: هل قضية الدستور أولا أو ثانيا تهم المواطن البسيط المطحون.. وهل القضية التى تشغل النخبة ولا تهم كثيرا الشعب من شأنها أن تعمق الفجوة بينهما وتجعل الناس تكفر بـ«ديمقراطية الثرثرة» والأجندات الخاصة على حساب مصالح الوطن؟.

لا نستطيع أن نقول إن الشعب غير مهتم بقضية الدستور، ولكن طريقة إدارة الصراع حولها، من شأنها أن تنسف تجربتنا الديمقراطية الوليدة

[email protected].

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل