المحتوى الرئيسى

في «قلة أدب» القذافي والنفاق الثقافي بقلم:أوس داوود يعقوب

06/25 22:53

 



 في «قلة أدب» القذافي والنفاق الثقافي

  أوس داوود يعقوب


        [email protected]

 

قرأت منذ أيام قليلة مقالاً للزميل الصحفي كمال قبيسي، يتحدث فيه عن سرقة العقيد معمر القذافي لأبيات من قصيدة لشاعرنا الفلسطيني الكبير هارون هاشم الرشيد، وينسبها لنفسه. ومما جاء في مقال القبيسي: كما استنسخ العقيد معمر القذافي عبارات وأفكاراً بالعشرات، كتبها وأنتجها سواه فضمها إلى «الكتاب الأخضر»، موحياً بأنها من نتاج أفكاره؛ كذلك قام القذافي ليل الثلاثاء (22/3/2011) باستسراق أبيات من قصيدة نظمها شاعر فلسطيني، فبدت بوضوح وكأنه ناظمها حين أنهى بها الكلمة التي ألقاها بجمهور من «مؤيديه» عند باب العزيزية، وبثها التلفزيون الليبي. الكلمة كانت قصيرة للقذافي، وأنهاها بعبارات مختصرة بدت كما في الإعلانات المبوبة: «أيها الشعب الليبي العظيم، إنك تعيش الآن ساعات مجيدة. هذه هي العزة، هذه هي الساعات المجيدة التي نحياها نحن الآن، كل الشعوب معنا. نحن نقود الثورة العالمية ضد الإمبريالية، ضد الطغيان. وأنا أقول لكم أنا لا أخاف من العواصف وهي تجتاح المدى. ولا من الطيايير (الطائرات) التي ترمي دماراً أسوداً. أنا صامد بيتي هنا في خيمتي في المنتدى. أنا صاحب الحق اليقين وصانع منه الفدى.. أنا هنا أنا هنا أنا هنا».

ولو لم ترد عبارة «وأنا أقول» في كلمته لكان يمكن تفسير اعتماده على تلك الأبيات بأنه نوع من الاستخدام المسموح لأفكار شعرية شائعة، أما وقد لفظها فإن من سمعها قد يكون ظن بأنها من تأليفه ونتاج أفكاره، وهي في الحقيقة أبيات من قصيدة «صرخة شاعر» للشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، المولود في 1927 بغزة، والقصيدة جميلة بلحنها الثوري الخاص، يقول مطلعها:

«أنا لن أعيش مشرداً أنا لن أظل مقيداً ... أنا لي غد وغداً سأزحف ثائراً متمرداً

أنا لن أخاف من العواصف وهي تجتاح المدى ... ومن الأعاصير التي ترمي دماراً أسوداً

ومن القنابل والمدافع والخناجر والمدى ... أنا صاحب الحق الكبير وصانع منه الفدى

أنا نازح داري هناك وكرمتي والمنتدى ... صرخات شعبي لن تضيع ولن تموت مع الصدى».

سرقة القذافي التي كشف عنها القبيسي ثابتة، ولا تحتاج إلى أدلة إضافية للوقوف على مدى صفاقة العقيد وقلة أدبه، أوليست السرقة قلة أدب؟ ثم ألا يُعدَّ اغتصاب أبيات من قصيدة لشاعر مناضل من وزن الرشيد، ووضعها في غير مكانها، قلة أدب بل ووقاحة قل نظيرها؟

«قلة أدب» القذافي هذه، وما سبقها من «قلة أدب» ساهم الكثير من الأدباء والنقاد العرب، وبعضهم من الأسماء المعروفة، في الترويج لها عبر حملة تضليل مكشوفة، وطويلة الأمد، وذلك بطرح القذافي أديباً مرموقاً، عبر الاحتفاء بمجموعته القصصية اليتيمة ذات العنوان الطويل، الغريب العجيب «القرية القرية، الأرض الأرض وانتحار رائد الفضاء» التي أصدرها عام 1993.

هذه المجموعة التي احتفت بها «اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام» في مدينة سرت الليبية في تشرين الأول (أُكتوبر) 2009، بحضور وفود من اتحادات الكتاب العربية، بعد انتهاءِ مؤتمرٍ للاتحاد، والتي توجت بإصدار كتاب من ثلاثة مجلدّات ضخمة بعنوان: «دراسات وأبحاث في أدب معمر القذافي»، ضمت زهاء مئة بحث أو دراسة كتبها مئة باحث وكاتب من العالم العربي، كانت قد ألقيت في ثمانية مؤتمرات وندوات عقدت حول «أدب القذافي» في ليبيا ومصر، وقد وطبعت المجلدّات الثلاثة طبعات عدّة.

من هذه المجلدّات نقتطف بعضاً من شهادات لأدباء وكتاب عرب، شاركوا بالخديعة، منهم د. سمير سرحان الذي وصف القذافي بأنه (كاتب كبير)، وشبهّه السيناريست سمير الجمل بالكاتب (مارك توين)! واليكم بعضاً من هذه الشهادات:

 «حملت قصص القذافي استشرافات عميقة ذات دلالات واضحة وبيّنة... ».

عز الدين ميهوبي – الجزائر

 «نصـوص القذافي عارية، خالية من التزويق والتنميق لأنها تريد أن تصل الى القارئ مباشرة وبلا وسيط».

إدريس الخوري – المغرب

«ليس ثمة غضاضة من الاعتراف بأنني لم أكن متحمساً لمطالعة مجموعة "القرية القرية" على الرغم من فرط تقديري لصاحبها معمّر القذافي وسرعان ما حسمت بالقول بأن ثائراً ومناضلاً وقائداً كبيراً مثله هو من تُراد له هذه الأعمال».

 فؤاد قنديل ـ مصر

«ينتمي كتاب القذافي الى فن القصة، سرداً يعتمل في خطابه من خلال تحفيز جمالي أو تأليفي يختزن الخبرة البشرية في قصة فنية».

عبدالله أبو هيف – سورية

«.. الكاتب ليس كاتباً عادياً، وبالوقت عينه ليس كاتبا محترفا، انه مبدع لنص نقف الآن  داخله وعلى هوامشه، نـقراءه، ونستنطقه، نجادله،.... هو مبدع النص الذي نحن بصدد نقده ومناقشته، وبالوقت عينه، انه القائد السياسي والأيديولوجي... إن سيرة الكاتب، وهي سيرة قائد ثورة، وهي بالوقت عينه سيرة مفكر أنتج نظرية ما زال العالم ينشغل بها ،إنما هي سيرة مليئة بالأحداث والمفاجئات، إنها سيرة معاناة».

وجيه عمر مطر ـ فلسطين

 «كانت دهشتي كبيرة وأنا أطالع مجموعة الأديب معمر القذافي القصصية، من عمق الطرح الفكري وتصوير المعاناة الخاصة والعامة، وطول باع الكاتب في ميدان الكتابة والمعالجة السياسية والأدبية».

ياسين الأيوبي - لبنان

«في قصص القذافي التحام بالنبض اليومي للناس».

عبدالرحمن مجيد الربيعي - العراق

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل