المحتوى الرئيسى

آخر الأخبار:سرِّي للغاية: الدولة الفلسطينية بين "التواطؤ" الغربي و"النفاق" العربي

06/25 07:07

رماة الحجارة الفلسطينيون

ترغب السلطة الفلسطينية بتحقيق نصر معنوي على ما تراه "صلفا وتعجرفا إسرائيليا".

"إن كنت تعتزم صلب نفسك، فلا تفعل ذلك على صليب صغير."

هذا تعبير مجازي طريف ومثير للانتباه، وخصوصا عندما يستخدمه، كما قيل لي، شخص مثل جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، ليخاطب به بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بلغة الصديق الناصح.

حصل هذا قبل حين، لكن ليس هنالك بعد من علامة تشير إلى أن نتنياهو قد خرج بالفعل ليجوب غابة القدس بحثا عن أشجار طويلة.

رسالة في الكونغرس

فالرسالة التي بعث بها نتنياهو من خلال خطابه أمام الكونغرس الأمريكي الشهر الماضي تشير إلى أنه ليس مستعدا بعد للتضحية بنفسه، إذ لم يكن هنالك ثمة تنازلات قدَّمها سواء إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما أو للفلسطينيين.

لذلك، فقد قال لي عضو بارز في منظمة التحرير الفلسطينية: "سوف تكون هنالك مواجهة أخرى وكشف للأوراق عندما تلتئم الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر/أيلول المقبل."

وفي الوقت الراهن، هنالك الكثير من النشاط الدبلوماسي المحموم لإقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بألاَّ يسعى لإعلان الدولة الفلسطينية في الخريف القادم.

ومن المُحتمل أن يعترف أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية فيما لو طُرح الموضوع على التصويت.

فيتو أمريكي

نتنياهو

ترتفع شعبية نتنياهو في إسرائيل بشكل جنوني كلم تحدَّى واشنطن أكثر.

لكن، لا يمكن لدولة ما أن تحصل على عضوية المنظمة الدولية ما لم تتم الموافقة عليها من قبل مجلس الأمن. وبالطبع، سوف يستخدم الأمريكيون حق النقض "الفيتو" ضد هكذا مشروع.

ويأمل الإسرائيليون من جانبهم، على الأقل، أن يُرفض الاقتراح من قبل غالبية أعضاء مجلس الأمن، فهم يريدون أن يترجموا واقعا ملموسا تلك العبارة الشائعة في اللغة العبرية، والتي تقول: "أن تخسر بشرف".

أمَّا السلطة الفلسطينية، فترغب بتحقيق نصر معنوي على ما تراه صلفا وتعجرفا إسرائيليا وإذعانا واستسلاما أمريكيا لإسرائيل.

فقد قال لي مسؤول فلسطيني بارز: "ما نريده هو الاعتراف (بالدولة). وهنالك ثمة لغة خاطئة يجري تقديمها والتداول بها، وكأننا سوف نعلن الدولة بشكل مفاجئ، وهذا ما لن نفعله".

وأضاف المسؤول الفلسطيني قائلا: "نحن سنطالب الأمم المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهكذا سنسلك في ذلك خيارا متعدد الأطراف، وليس الإعلان عنها من طرف واحد، كما فعلنا في عام 1988."

ويردف بقوله: "نحن نحاول أن نطرح أنفسنا في نادي الأمم بحيث نكون في إطار القانون الدولي، وبحيث تكون حدودنا محدَّدة ضمن أراضي عام 1967 والأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وبحيث نتمكن بعدئذ من الوصول إلى محافل المساءلة الدولية."

فرنسا وبريطانيا وألمانيا

يقول الدبلوماسيون إن الدول ذات الأصوات الأساسية هي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. فألمانيا قد قالت لا للاعتراف (بالدولة الفلسطينية)، وفرنسا تراوح على الحد، وإن كان لديها ميل إيجابي لدعم مسألة الاعتراف. أمَّا بريطانيا، فلم تقرِّر بعد، وهي على أية حال لن تُعلن موقفها حتى اللحظة الأخيرة.

وقد تلعب صياغة مشروع قرار إعلان الدولة دورا حاسما في حصوله على الدعم. فالحكومة الإسرائيلية تعتبرها صياغة مخادعة، إذ قيل لي: "إن فرنسا وبريطانيا ستستخدمان المشروع كتهديد أكثر من كونه خيارا".

وعلى الأرض، فقد أبلغني القادة العسكريون الإسرائيليون في الضفة الغربية إنهم يخشون تدهورا بطيئا بعد سبتمبر، إن لم يلُح في الأفق حل سياسي ما.

نعم سوف تستخدم الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" حيال إعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، فقد قال الرئيس أوباما في خطابه عن الشرق الأوسط في شهر مايو/أيار الماضي: "لقد سئم المجتمع الدولي ذلك المسلسل الذي لا ينتهي، والذي لن يفضي أبدا إلى نتيجة."

الرئيس الأمريكي باراك أوباما

أوباما: لقد سئم المجتمع الدولي ذلك المسلسل الذي لا ينتهي، والذي لن يفضي أبدا إلى نتيجة

وحتى قبل أن يكون الربيع العربي قد بدأ، فقد وصف أحد قادة "المجتمع الدولي" الأمر بأنه "صراع على السباق من أجل من سيكون الضحية".

لقد قال ذلك المسؤول إن نتنياهو لا يتحلَّى بالشجاعة، وهو لا يؤمن أصلا بالمشروع. كما وصف القادة والزعماء العرب في ذلك الوقت بـ "المنافقين الكبار، وأولئك المتعبين المنهكين".

غضب إسرائيلي

وحتى الرئيس أوباما، فلم يجعل العملية أكثر يسرا. فقد أغضب الإسرائيليين قراره الشخصي، على ما يبدو، في نهاية ذلك اليوم بتضمين خطابه في أيار إشارة إلى عملية السلام، وخصوصا الحل على أساس حدود عام 1967.

لقد وصف لي وزير في الحكومة الإسرائيلية شعور الإسرائيليين في حينها بقوله: "لقد شعرنا وكأن كمينا قد نُصب لنا. فما يبدو واضحا في الوقت الراهن هو أن حليف أمريكا الأقوى لا صوت لديه في الدائرة الداخلية."

وأضاف: "لقد أدركنا للمرة الأولى أنَّ أولئك الذين نتحدث إليهم، مثل دينيس روس ودان شابيرو و(جورج) ميتشيل، وهكذا دواليك، ليسوا جزءا من الدائرة الداخلية "لصنع القرار في الولايات المتحدة."

"إن العالم العربي لا يكرهه، بل يخشاه. نعم هم يخافونه كما كانوا يخافون (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل) شارون. هم يخشون ليبرمان ويأخذون ما يقوله على محمل الجد"

مسؤول حكومي عن أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية الإسرائيلي

وأردف قائلا: "إن الدائرة الداخلية مختلفة للغاية، إذ أنَّ هنالك ثمة برنامجا مختلفا وفهما مختلفا."

لقد سألت أحد الوزراء الإسرائيليين إن كان غياب العلاقة الشخصية الطيبة بين نتنياهو وأوباما يجعل من الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لإسرائيل لشرح موقفها، فقال لي: "قد تكون مصيبا. لكن الهوَّة كبيرة للغاية، ليس فقط بيننا وبين الرئيس (الأمريكي)، ولكن بين الرئيس وبين موظفيه من أمثال ميتشيل ودينيس روس ودان شابيرو، فهم يرون الأمور بأعين مختلفة."

وماذا عن الفلسطينيين يا تُرى؟ لقد شعروا بأنهم خُدعوا بعد كل ذلك الأمل الذي ولَّده بهم خطاب أوباما في العاصمة المصرية القاهرة قبل نحو عامين.

"نتنياهو الكارثة"

"إن نتنياهو كارثة، والكل يعرف ذلك". هكذا وصف لي عضو في منظمة التحرير الفلسطينية رئيس حكومة إسرائيل.

وأضاف: "أنا لا أدري كيف يكون بكامل قواه العقلية ويظن أنَّ بوسعه أن يخدع الجميع في كل الأوقات، ما عدا الأمريكيين المستعدين للتواطؤ، فهم أصلا يرغبون بأن يُخدعوا!"

وأردف قائلا: "لكن الأوروبيين لا يريدون أن يُخدعوا، ولذلك فهو يكتشفون خدعه وألاعيبه، وهم يعرفون أن ليبرمان مخادع وابن...."

وعن ليبرمان أيضا، حدَّثني مسؤول حكومي إسرائيلي قائلا: "إن العالم العربي لا يكرهه، بل يخشاه. نعم هم يخافونه كما كانوا يخافون (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل) شارون. هم يخشون ليبرمان ويأخذون ما يقوله على محمل الجد."

"على الرغم من أن العالم العربي يقع على مسافة عدَّة كيلومترات منهم فقط، فإن العديد من الإسرائيليين سيواصلون هذا الخريف الاسترخاء على شواطئ البحر الأبيض المتوسط ويتطلعون إلى الطرف الأخر منه، متظاهرين بأنَّهم في أوروبا، بينما تكون أنظار العالم معلَّقة باتجاه مبنى الأمم المتحدة ومدينة نيويورك"

بول داناهار، مدير تحرير مكتب الشرق الأوسط في بي بي سي

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل