المحتوى الرئيسى

حكاية سياسيةهذه الأم الشجاعةولعنة الاستعباد والاستبداد

06/25 01:45

فتاة ينبض قلبها بالرحمة ويفيض وجدانها بالود‏,‏ تزوجت أستاذا جامعيا مستنيرا‏,‏ وغمرته السعادة عندما اكتشف أن لديها ارهاصات موهبة الكتابة‏,‏ حثها علي القراءة وشجعها علي تأليف الروايات.

لكنها لم تجد متسعا من الوقت لاختبار موهبتها, فقد صارت أما لستة أطفال, وأرقها كثيرا وطويلا أن حالتهم الصحية لم تكن علي ما يرام, وهو ما أنهك قواها, وأصابها بوسواس الخوف من المرض.

وبرغم هذه المعاناة العائلية, فإن السيدة الأمريكية النبيلة هارييت بيتشر ستو أقلقها نبأ مروع, ففي عام1850, وإبان احتدام الصراع بين ولايات الشمال والجنوب علي استرقاق السود صدر قانون مجحف يقضي بمطاردة أهل الجنوب العبيد الهاربين إلي الحرية في الشمال, واعتقالهم وتعذيبهم حتي الموت إذا اقتضي الأمر.

وأطلق هذا النبأ المأساوي العنان لغضب هارييت, وتوهج خيالها, وعكفت علي تأليف رواياتها الأولي كوخ العم توم ونشرتها فصولا في إحدي المجلات, ثم أصدرتها في كتاب 1852, وكانت آنذاك في الحادية والأربعين من عمرها.

وأدهشها أن الرواية حققت نجاحا كبيرا, وأطلقت جدلا صاخبا, ففي الوقت الذي شن فيه أهل الجنوب حملات شعواء وهوجاء علي هارييت نظرا لحاجتهم للسود لتسخيرهم في العمل في مزارع القطن وقصب السكر, أعرب أهل الشمال عن تأييدهم لها.

وأضحي كوخ العم توم ظاهرة ثقافية وسياسية في ولايات الشمال, وتأسست عشرات الفرق التمثيلية التي أطلقوا عليها تومرز نسبة إلي توم, وعرضت مأساته علي مسارح شتي, وتوم كان عبدا أسود في نحو الأربعين من عمره, وعندما رفض, في إباء وشمم الوشاية باثنين من السود الهاربين من جحيم العبودية, انهال عليه مالك الأرض ضربا بالسياط حتي الموت.

وأصبح العم توم رمزا ساطعا للنضال من أجل الحرية والتحرر من الاستعباد والاستبداد, وليس أدل علي ذلك من أن فلاديمير لينين الذي فجر الثورة البلشفية في روسيا عام1917, وأطاح بحكم القياصرة قد أفصح عن ولعه برواية كوخ العم توم, ويقول البروفسير ديفيد رونولدز أستاذ الدراسات الأمريكية, واللغة الإنجليزية في جامعة نيويورك إن كوخ العم توم كانت أول رواية أمريكية تتم ترجمتها في الصين, وكان تأثيرها عظيما علي حركات المناهضة للعبودية في كوبا والبرازيل.

وثمة إجماع في الرأي علي أن الرواية تعد وثيقة إنسانية مناوئة للعبودية, ولذلك, لاتزال هارييت ستو في صدارة رواد الحرية والتحرر من الاستعباد والاستبداد, وتحتفل أمريكا, وبلاد شتي هذه الأيام بذكري مرور مائتي عام علي مولد هارييت عام.1811

>>>

الاستعباد الذي ناصبته الأم الشجاعة هارييت العداء, هو أصل البلاء السياسي والاقتصادي, ويندرج الاستبداد في سياقه, وقد يمكن القول إنهما وجهان لعملة سيئة واحدة, وكان هذا ما فطن إليه الثائر المصري العظيم أحمد عرابي عندما تحدي سلطان الخديو توفيق وسلطته الغاشمة.

ففي ذاك اليوم المصري المشهود للمواجهة بين عرابي والخديو في ميدان عابدين.. قال الخديو في استعلاء: لقد ورثت أنا ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي, وما أنتم إلا عبيد احساننا.

ورد عليه عرابي قائلا: لقد خلقنا الله أحرارا, ولم يخلقنا تراثا وعقارا, ووالله إننا لن نورث, ولن نستعبد بعد اليوم.

>>>

ولم يكن غريبا أن تدوي أصداء صيحة عرابي التي أطلقها في ميدان عابدين عام1881 في ميدان التحرير في25يناير.2011

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل