المحتوى الرئيسى

ما نصيحة السيد حسن نصر الله للنظام السوري؟

06/25 13:42

خالد عبد ربه

عبر سماحة السيد حسن نصرالله عن موقفه وموقف حزب الله بشكل واضح وصريح عن دعمه للنظام السوري وهو لا شك موقف شجاع كما وصفه, فالتصريح علانية بدعم نظام قتل اكثر من الف واربع من شعبه وجرح وشرد الالاف شجاعة ما بعدها شجاعة بالتأكيد, وذكر سماحة السيد ان اسقاط النظام السوري هو خدمة لاسرائيل مستندا الى مواقف النظام الداعمة للمقاومة والممانعة للمشاريع الاسرائيلية, واضعا الشعب السوري امام معضلة ربما تكون اصعب من معضلة اسقاط النظام تتمثل في اختيارين احلاهما مر, فإما القبول في نظام يعتبره دكتاتوريا دموياً قامع للحريات وناهب للثروات او يجد نفسه خائناً وطنه خادماً لاسرائيل. وهو تصنيف ظالم جدا للشعب السوري الذي عرف عنه انه شعبا داعما للمقاومة مدافعا عن قضايا الامة العربية ومن اكثر الشعوب العربية عداءً لاسرائيل, ليجد نفسه بعد هذه التضحيات التي قدمها طلباً للحرية متهما بتحقيق مصالح اسرائيلية.

لا شك ان ثورة الشعب السوري ضد نظام الحكم خلقت جدلا ليس بالقليل في الساحات العربية وخلقت اصطفافات جديدة لم تكن مسبوقة وتبلورت تحالفات غير مفهومة, وذلك ناجم عن الدور الذي كان يلعبه النظام السوري اتجاه قضايا هامة للشعوب العربية المتعلقة بالقضية الفلسطينية ودعم المقاومات العربية كحزب الله وحماس اللتان يعتبران في طليعة القوى العربية المقاومة لاسرائيل والمناهضة لمشاريع الاعتدال المرفوضة على الصعيد الشعبي, لذلك كان الحسم في تحديد الماواقف اتجاه ما يجري في سوريا لم يكن سهلا لدى كثير من الاوساط العربية الشعبية منها والرسمية, واختلفت الدوافع والمسببات في تحديد الاتجاه الواجب سلوكه ازاء الازمة في سورية, فاختلفت البوصلة المحددة للاقطاب السياسية للاطراف المختلفة بدخول عامل لم يكن موجودا سابقاً في المقاييس السياسية وهو الحرية والثورة ضد انظمة غير ديموقراطية بمعزل عن السياسة الخارجية التي تنتهجها.

هذا يجعلنا نتسائل كيف يمكن لنا ان نقيم حركة الشعوب باتجاه الحرية لمن خرج مطالبا بها, ويجعلنا نتسائل عن ماهية المعايير اتجاه الانظمة والاسس التي تبنى عليها الاحكام اتجاهها, وهل نملك الحق في الوقوف في وجه شعب قدم المئات من الشهداء سعيا للحرية, ولماذا على الشعب السوري ان يدخل في مقارنة االقبول بالقمع والعبودية مقابل التصنيف الوطني, وهل نملك الحق او المعلومة القائلة ان سقوط النظام في سورية لمن يعتبره ممانعا وداعماً للمقاومة سيأتي بالضرورة بنظام مهادن وتابع لاسرائيل؟ رغم وجود الكثير مما يمكن قوله والذي ليس مكانه الان عن صفة النظام المقاوم.

بل يحق للشعب السوري ان يتسائل اكثر من ذلك, فهل لنظام دكتاتوري فردي قتل المئات من شعبه وحاصر مدنه بالدبابات يمكن اعتباره وطني؟, هل تمركز المال والسلطة بيد عائلة تحكم بالوراثة نظاماً جمهورياً منذ اكثر من اربعين عاماً هو حماية للمصالح الوطنية؟, هل دعم النظام في سورية لحركات المقاومة تحكمة المواقف الوطنية ؟ والتساؤلات في هذا الصدد كثيرة.

بالطبع يمكن فهم الالية التي تحكم موقف حزب الله اتجاه النظام السوري الذي يعتبر الرئة الوحيدة التي يتنفس منها, ولا يستطيع فقدان هذه الرئة حتو لو كان ثمن ذلك خسارة كبيرة من شعبيته التي بناها على مدار سنوات طوال, وبالتأكيد كانت تفضل القيادة في حزب ان لا تدخل في هذه المفاضلة بين طرفين من اهم حلفاؤها اي بين الشعب السوري الذي دعم حزب الله بكل ما يملك وبين القيادة السورية التي دعمت الحزب كورقة آن لها ان تستثمرها بالكامل.

وادركت القيادة في حزب الله وهي التي تقيس خطواتها جيداً انها خاسرة لامحالة بكلا الحالتين سواء وقفت مع النظام او ضده وهي خاسرة في الحالتين كذلك سواء سقط النظام ام بقي, لذلك دفعتها قرائتها في حساب الربح والخسارة بالحفاظ على النظام السوري كحليف حتى لو كان ثمن ذلك خسارة جمهورها العربي, على اعتبار ان خسارتها للنظام السوري سيؤدي بالضرورة فقدانها الممول والحليف الرئيسي لها وهو ايران التي لن تثق بهذا الحزب فيما لو تخلي عن حليف له بمستوى سوريا, واذا ما حصل وخسر حزب الله كل من النظام في سورية وايران سيكون ذلك تهديدا على وجوده كحزب ومقاومة.

لذلك لم يكن سماحة السيد مقنعا كعادته للجمهور العربي بان اعتبر الدافع واء الموقف الداعم للنظام السوري دوره الممانع, ولم يكن موفقا في تسويق الاصلاحات التي قدمها الرئيس الاسد حين استعرضها كجملة واحدة خشية الدخول في تفصيل اي منها وهو العارف بالتفاصيل, ولم يكن موفقا كذلك بالمقارنة بين سورية والبحرين حين اعتبر ما يجري في البحرين حركة شعبية داخلية وما يجري في سوريا امرا سياسيا خارجيا لخدمة اسرائيل, ولم يوفق السيد ايضاً بنصيحته للشعب السوري الذي خرج ينادي بالحرية والمواطنه داخلياً وبتحرير الجولان خارجيا وتسائل الشعب السوري بدورة هل قدم حزب الله نصائحة للنظام السوري الحليف الرئيسي له؟ وغاب عن سماحة السيد حين اتى على الملف السوري الحديث في العامل الاخلاقي الذي يعتمد عليه في خطاباته بشكل دائم.

ان النظرة المجردة للتغيرات العربية تنبع من كون ان هذه الشعوب العربية لها الحق في تقرير مصيرها ونيل حريتها واختيار انظمتها بمعزل عن مدى انعكاس ذلك على القضايا الوطنية, ولا يجب على حركات المقاومة ان تخاف من هذه التغيرات حتى لو ازاحت انظمة قد تحسب على انها كانت داعمة لها, فكونها في قضية تحرير وطني وهذا التحرير يعني الانسان اولاً فلا يجب ان تسمح للقضايا الوطنية ان تقف عقبة امام تحرير المواطن العربي كإنسان له الحق في حياة كريمة.

فالمصلحة الوطنية لحركات المقاومة والتحرر مع وجود مواطن عربي يعيش في حرية وديمقراطية داعماً لقضايا الامة العربية اكثر بكثير من ان تكون مع انظمة غير ديمقراطية ودكتاتورية حتى لو كان من في هذه الانظمة من يتبنى مواقف داعمة للقضايا العامة, ولا يجب علينا ان نعتبر ان البديل لهذه الانظمة فيما لو كانت ديمقراطية هي انظمة غير وطنية. بل على العكس تماماً ان وجود انظمة ديمقراطية منتخبة شعبياً يعني بالضرورة انها انظمة وطنية بامتياز لاننا نثق بالشعوب العربية التي كانت صادقة دوماً اتجاه القضايا الوطنية ودفعت اثمان باهظة لهذا الدعم في كثير من الاحيان.

لذلك كان ربما على سماحة السيد توجيه النصائح للنظام السوري الذي يملك بين يديه ادوات الاصلاح اذا اراد, ولا ان يتوجه للشعب السوري طاباً منه القبول في الظلم والاهانه,واصفاً ما يجري خدمة لاسرائيل وهو اي سماحة السيد الذي طالما تحدث عن رفض الظلم بكل المعايير السياسية والاخلاقية والدينية كان عليه اذا لم يستطع ان يكون داعماً للشعب السوري ان يكون اكثر حكمة ولا يقع في مطب النظام السوري وينأى بنفسه عن الحديث في الشان الداخلي السوري على احسن الاحوال كما فعلت حماس.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل