المحتوى الرئيسى

البلطجية‭ ‬احتلوا‭ ‬‮‬التحرير‮ ‬والثورة‭ ‬راحت‭ ‬عليها

06/24 20:44

حال‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬يضع‭ ‬احتمالين‭ ‬لا‭ ‬ثالث‭ ‬لهما،‭ ‬الأول‭ ‬أنها‭ ‬مخطط‭ ‬من‭ ‬الثورة‭ ‬المضادة‭ ‬لتشويه‭ ‬سمعة‭ ‬الميدان‭ ‬الذي‭ ‬تحول‭ ‬إلي‭ ‬رمز‭ ‬لإسقاط‭ ‬نظام‭ ‬مبارك،‭ ‬والاحتمال‭ ‬الثاني‭ ‬أنها‭ ‬آفة‭ ‬الإهمال‭ ‬واللامبالاة‭ ‬التي‭ ‬يبدو‭ ‬أنها‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬وزراء‭ ‬نظيف‭ ‬إلي‭ ‬حكومة‭ ‬شرف‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نعتقد‭ ‬أنها‭ ‬ستحج‭ ‬للميدان‭ ‬صباحاً‭ ‬ومساء‭ ‬باعتباره‭ ‬اليد‭ ‬التي‭ ‬وضعتهم‭ ‬علي‭ ‬كراسيهم‭.‬

الاحتمالان‭ ‬يجب‭ ‬التوقف‭ ‬أمامهما،‭ ‬بتعزيز‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬تدمي‭ ‬قلوب‭ ‬الثوار‭ ‬الغيورين‭ ‬علي‭ ‬رمز‭ ‬حاضن‭ ‬ثورتهم،‭ ‬فجولة‭ ‬‮«‬الوفد‭ ‬الأسبوعي‮»‬‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الثورة‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬الحالة‭ ‬المزرية‭ ‬التي‭ ‬وصل‭ ‬إليها‭ ‬التحرير،‭ ‬وتستدعي‭ ‬محاسبة‭ ‬المسئول‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العار‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬حقاً‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬دخول‭ ‬عصر‭ ‬جديد‭ ‬قائم‭ ‬علي‭ ‬المكاشفة‭ ‬والمحاسبة‭.‬

هنا‭ ‬البلطجة‭ ‬تحكم‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬والقبح‭ ‬يكسو‭ ‬كل‭ ‬ركن،‭ ‬فأمام‭ ‬مجمع‭ ‬التحرير‭ ‬يرتع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬الشوارع‭ ‬ويتحرشون‭ ‬بالمارة‭ ‬بكل‭ ‬حرية‭ ‬بل‭ ‬ويطاردون‭ ‬السياح‭ ‬القليلين‭ ‬المارين‭ ‬بالميدان‭ ‬لمطالبتهم‭ ‬بالأموال،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬غالبية‭ ‬السياح‭ ‬القادمين‭ ‬إلي‭ ‬مصر‭ ‬باتوا‭ ‬يحرصون‭ ‬علي‭ ‬زيارة‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير‭ ‬الذي‭ ‬حظي‭ ‬بشهرة‭ ‬عالمية‭ ‬لمشاهدة‭ ‬الموطن‭ ‬الأصلي‭ ‬للثورة‭ ‬المصرية،‭ ‬حتي‭ ‬إن‭ ‬شركات‭ ‬السياحة‭ ‬باتت‭ ‬تضم‭ ‬إلي‭ ‬جولات‭ ‬السياح‭ ‬بالمناطق‭ ‬الأثرية‭ ‬والتجارية،‭ ‬جولة‭ ‬بميدان‭ ‬التحرير،‭ ‬لكن‭ ‬بالتأكيد‭ ‬بعدما‭ ‬يرون‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬لن‭ ‬يعودوا‭ ‬إليه‭ ‬مجدداً‭.‬

علي‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬يفرش‭ ‬الباعة‭ ‬الجائلون‭ ‬بضائعهم‭ ‬علي‭ ‬الأرصفة‭ ‬بصورة‭ ‬أقرب‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬إلي‭ ‬ميدان‭ ‬العتبة‭ ‬والموسكي،‭ ‬كل‭ ‬السلع‭ ‬متوفرة‭ ‬من‭ ‬الأجهزة‭ ‬المنزلية‭ ‬مروراً‭ ‬بعدد‭ ‬العمال‭ ‬والبرفانات‭ ‬ولعب‭ ‬الأطفال‭ ‬ووصولاً‭ ‬إلي‭ ‬الملابس‭ ‬والأجهزة‭ ‬الكهربائية،‭ ‬سوق‭ ‬مفتوح‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تحمل‭ ‬الكلمة‭ ‬من‭ ‬معني،‭ ‬والباعة‭ ‬ينادون‭ ‬علي‭ ‬بضاعتهم‭ ‬بكل‭ ‬أريحية‭ ‬وكأن‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬طبيعي‭ ‬وكأن‭ ‬الأمن‭ ‬لم‭ ‬يوجه‭ ‬لهم‭ ‬ولو‭ ‬لوماً‭ ‬لما‭ ‬يقترفونه‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬ميدان‭ ‬الثورة‭.‬

وبالقرب‭ ‬من‭ ‬نزلة‭ ‬المترو‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬الجامعة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يقف‭ ‬رجل‭ ‬علي‭ ‬عربة‭ ‬خشبية،‭ ‬بجواره‭ ‬جوال‭ ‬فحم‭ ‬ضخم‭ ‬وأمامه‭ ‬‮«‬قصعة‮»‬‭ ‬يشوي‭ ‬فيها‭ ‬الذرة‭ ‬وحوله‭ ‬يلتف‭ ‬الزبائن‭ ‬في‭ ‬انتظار‭ ‬نضج‭ ‬طلبهم،‭ ‬وفي‭ ‬الخلفية‭ ‬بائع‭ ‬يستغل‭ ‬السور‭ ‬الفاصل‭ ‬بين‭ ‬الرصيف‭ ‬والشارع‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الملابس‭ ‬الجاهزة‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬ببيعها‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬تيشيرتات‭ ‬وبنطلونات‭ ‬وشرابات‭ ‬وغيرها‭.‬

 

وأمام‭ ‬مجمع‭ ‬التحرير‭ ‬أصبح‭ ‬بيع‭ ‬المخدرات‭ ‬عيني‭ ‬عينك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الفراغ‭ ‬الأمني‭ ‬وضياع‭ ‬هيبة‭ ‬الشرطة،‭ ‬وتمثلت‭ ‬البلطجة‭ ‬في‭ ‬أوضح‭ ‬صورها‭ ‬بسرقة‭ ‬السلاح‭ ‬الميري‭ ‬للملازم‭ ‬الذي‭ ‬دافع‭ ‬عن‭ ‬الصحفية‭ ‬ماريانا‭ ‬عبده،‭ ‬وتكرر‭ ‬السيناريو‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سرقة‭ ‬سلاح‭ ‬ميري‭ ‬آخر‭ ‬لأمين‭ ‬شرطة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البلطجية‭ ‬الذين‭ ‬يعيثون‭ ‬فساداً‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬الثورة‭.‬

‮«‬يلا‭ ‬هنرجع‭ ‬تاني‮»‬‭ ‬بهذه‭ ‬الكلمات‭ ‬تحدث‭ ‬أحمد‭ ‬رمضان‭ ‬منفعلاً‭ ‬مع‭ ‬زوجته‭ ‬وأبنائه‭ ‬بعد‭ ‬وصولهم‭ ‬إلي‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬زيارة‭ ‬له‭ ‬بعد‭ ‬الثورة،‭ ‬مؤكداً‭ ‬أن‭ ‬المكان‭ ‬تحول‭ ‬إلي‭ ‬تجمع‭ ‬للشباب‭ ‬المنحرف‭ ‬وضاعت‭ ‬كل‭ ‬علامات‭ ‬وذكريات‭ ‬الثورة،‭ ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬المعتاد‭ ‬أن‭ ‬تشاهد‭ ‬المعاكسات‭ ‬والتحرش‭ ‬دون‭ ‬اعتراض‭ ‬من‭ ‬أحد‭.‬

وقال‭ ‬رمضان‭ ‬ونبرة‭ ‬حزن‭ ‬واضحة‭ ‬تسيطر‭ ‬علي‭ ‬صوته‭: ‬كان‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬زيارتي‭ ‬هو‭ ‬مشاهدة‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬فيه‭ ‬الثورة‭ ‬العظيمة‭ ‬وآثارها‭ ‬التي‭ ‬توقعت‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬عنها‭ ‬كل‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬الميدان،‭ ‬لكن‭ ‬المفاجأة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬انهيار‭ ‬رمز‭ ‬الثورة‭.‬

أما‭ ‬رامي‭ ‬صلاح‭ ‬ويعمل‭ ‬في‭ ‬إحدي‭ ‬شركات‭ ‬السياحة‭ ‬بميدان‭ ‬التحرير،‭ ‬فقال‭: ‬تحملنا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬الثورة،‭ ‬وبعد‭ ‬انتهاء‭ ‬الاعتصامات‭ ‬توقعنا‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الأمور‭ ‬إلي‭ ‬طبيعتها‭ ‬وتبدأ‭ ‬حركة‭ ‬السياحة‭ ‬في‭ ‬العودة،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬الفوضي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬لها‭ ‬نهاية‭ ‬حتي‭ ‬الآن،‭ ‬متسائلاً‭: ‬لماذا‭ ‬نحاول‭ ‬تشويه‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬جميل‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬البلد‭.‬

فيما‭ ‬أوضح‭ ‬رضا‭ ‬عواد،‭ ‬موظف‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬القاهرة،‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير‭ ‬أسوأ‭ ‬استغلال‭ ‬لهذا‭ ‬المكان،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أن‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير‭ ‬كانت‭ ‬له‭ ‬مكانة‭ ‬كبيرة‭ ‬حتي‭ ‬قبل‭ ‬الثورة،‭ ‬فكان‭ ‬المكان‭ ‬الذي‭ ‬يقصده‭ ‬الجميع‭ ‬للتنزه‭ ‬والسهر‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأسر‭ ‬الفقيرة،‭ ‬لكنه‭ ‬الآن‭ ‬أصبح‭ ‬نسخة‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬ميدان‭ ‬العتبة،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬تواجد‭ ‬الباعة‭ ‬الجائلين‭ ‬أصبح‭ ‬أمراً‭ ‬معتاداً‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬تحدث‭ ‬بينهم‭ ‬مشاجرات،‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلي‭ ‬تعطيل‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭ ‬في‭ ‬الشارع،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الغياب‭ ‬الأمني‭.‬

ويقول‭ ‬صلاح‭ ‬الشيمي،‭ ‬موظف‭ ‬أمن‭ ‬في‭ ‬مجمع‭ ‬التحرير‭: ‬الكارثة‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الليل،‭ ‬حيث‭ ‬يتحول‭ ‬الميدان‭ ‬إلي‭ ‬تجمعات‭ ‬لأطفال‭ ‬الشوارع‭ ‬والبلطجية‭ ‬ومروجي‭ ‬المخدرات‭ ‬الذين‭ ‬ينتشرون‭ ‬علي‭ ‬نواصي‭ ‬الشوارع‭ ‬المتفرعة‭ ‬من‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬الشرطة‭ ‬ليلاً‭ ‬شبه‭ ‬معدوم‭ ‬وإن‭ ‬وجدت‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تحاول‭ ‬الاحتكاك‭ ‬بهذه‭ ‬العناصر،‭ ‬محذراً‭ ‬من‭ ‬تحول‭ ‬الميدان‭ ‬إلي‭ ‬بؤرة‭ ‬موبوءة‭.‬

ويقول‭ ‬اللواء‭ ‬عماد‭ ‬أبوالفتوح،‭ ‬مساعد‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬للعلاقات‭ ‬العامة‭ ‬والإعلام‭: ‬إن‭ ‬تواجد‭ ‬الشرطة‭ ‬بدأ‭ ‬تدريجياً‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخالفات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬وبدأت‭ ‬الشرطة‭ ‬تفرض‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬بصورة‭ ‬ملحوظة،‭ ‬فما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬مأمور‭ ‬قسم‭ ‬مصر‭ ‬القديمة‭ ‬خير‭ ‬دليل‭ ‬علي‭ ‬ذلك،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير‭ ‬أصبح‭ ‬رمزاً‭ ‬للثورة‭ ‬وتتوالي‭ ‬فيه‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬المشروعة،‭ ‬لكن‭ ‬المظاهر‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬ميدان‭ ‬التحرير‭ ‬تحتاج‭ ‬إلي‭ ‬تعاون‭ ‬المواطنين‭ ‬مع‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التوجه‭ ‬الجديد‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬للقضاء‭ ‬عليها،‭ ‬وتطبيق‭ ‬القانون‭ ‬علي‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬تجاوز‭ ‬الشرعية‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الشرطة‭ ‬أو‭ ‬المواطنين‭.‬

ويشدد‭ ‬أبوالفتوح‭ ‬علي‭ ‬دور‭ ‬الإعلام،‭ ‬وضرورة‭ ‬تقديمه‭ ‬معالجات‭ ‬إعلامية‭ ‬ترفع‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬ورجال‭ ‬الشرطة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬علي‭ ‬الجميع‭ ‬بالخير،‭ ‬وإبراز‭ ‬المواقف‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬من‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬كما‭ ‬تذكر‭ ‬السلبيات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭.‬

 

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل