المحتوى الرئيسى

قوم جب التخلف بقلم:د.عمر فوزي نجاري

06/24 17:28

الدكتور عمر فوزي نجاري

قوم جب التخلف

كان صبوراً بلا يأس, عاملاً بجد بلا كلل, يتلفت حوله ملتقطاً ما تقذفه أيدي المارة هنا وهناك من محارم ورقية وقشور موز وأعقاب سجائر وعلب مشروبات غازية, والناس من حوله لا يلتفتون إليه أو يعيرونه أدنى اهتمام, بل لعّل بعضهم كان ينظر إليه نظرة ازدراء واستعلاء!..

هو عامل تنظيفات في حيّ يدّعي ساكنوه أنّهم من أبناء الطبقة الراقية في المجتمع, هو يعمل بجد, وهم أيضاً يعملون بجد, هو يؤدي واجبه خدمة للمجتمع وللبلد الذي ينتمي إليه, وهم ريح ثقيلة تدفع بالقاذورات اينما وقعت, لا فرق بين حاوية القمامة وجوانب الأرصفة وأماكن السير والتنزه!..

منظر يثير الاشمئزاز في النفس الطيبة ويدعو إلى تبني مشاعر متباينة فيها التعاطف إلى جانب والتحامل على الجانب الآخر, وإذا كانت قيمة الإنسان في عمله, فإنّ ما يقوم به عامل التنظيفات يعتبر بحق لمسات دافئة لنفض الغبار عن تحفة فنية رائعة هي طبيعة بلادنا الجميلة, أمّا ما يقوم به الآخرون فإنّ أقل ما يمكن أن يقال عنه أنّه تصرف غير مسؤول لا يتصرف مثله إلاّ من أخرج للتو من غيابات جب التخلف.

إنّ العالم المتحضر اليوم يسعى حثيثاً نحو بيئة نظيفة أرضاً وسماء وماءً, بيئة لا يتطاول عليها أحد لأنّها ملك للجميع, وعلى الجميع السعي للاحتفاظ بها نظيفة لا تشوبها شائبة, وإلاّ فإنّ ليل التخلف سيغمر الجميع دون تمييز بين متخلف أو مدّعي رقي وتحضر ولن يكون حالنا بأحسن ممن يركب متن عمياء أو يخبط خبط عشواء, وأمّا من يدّعي التمسك بدفة الرقي والحضارة, فلن يكون حالهم إلاّ كما قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:

نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل