المحتوى الرئيسى

سمير البحيري يكتب:لماذا الاخــــــــوان ولاغيرهم.؟

06/24 14:33

مشكلة التيارات السياسية في مصر بكافة أطيافها أنها كانت في وضع استسلام للنظام السابق بما يشبه استسلام الفريسة لمفترسها دون مقاومة، بفعل نظام دكتاتوري قائم ينقض على من يسير عكس إتجاهه،ففضلت جميع التيارات السياسية أن تُسلم نفسها طواعية لمن يستطيع أن ينقض عليها في أي وقت وهو النظام،باستثناء التيار الاسلامي الذي قاوم بشدة وعلى رأسه "الإخوان المسلمين" الذين بقوا على سياستهم التي أتسمت بتنظيم الصفوف أكثر وهم في وضع الجماعة المحظورة بتسمية النظام السابق،وأثبتوا أنهم الأطول نفساً والأكثر قدرة على تغيير لونهم  بين الفينة والأخرى، للبقاء على الساحة ونفوذاً في الشارع وهو ماتحقق لهم، كما يحسب لهم أنهم كان لديهم الِحس بأن النظام السابق سهل أن يقع وينكسر في أي وقت خاصة في السنوات الخمس التي سبقت رحيله،لتُقدم نفسها للشعب كبديل مناسب ومقبول، وهو ماتحقق لهم بسهولة بفضل تنظيمهم المُسبق،عكس التيارات الأخرى التى فضلت أن تعيش دون مخالب حقيقية، وفضلت إخفاءها واضعة نفسها كفريسة يمكن التهامها في أي وقت مرتضية لنفسها ذلك ولم تثبت أنها قادرة على القيادة والمواجهة، وعلى رأسها حزب الوفد الليبرالي الأكثر عراقة بين الأحزاب الموجودة على الساحة،وكما هو حاله كان الحال نفسه بالنسبة للتيارات الأخرى،لتأتي ثورة 25 يناير وتفاجئهم بذهاب البعبع الذي أنكمشوا داخل جلدهم خوفاً من التهامه لهم طوال ثلاثة عقود متواصلة، وهو ما لم يضعوه في حسبانهم لمبالغتهم بأن النظام السابق كان قوياً وقادراً على مواجهة الرياح العاتية التي سّتهب عليه يوما ما.. ولم يحسبوا أن رياح الشعب دائماً ماتكون بمثابة العواصف التي تقتلع بيوت الديكاتورية بسهولة كما تعلمنا من التاريخ بانهيارات ديكتاتوريات اخري كما جرى سابقاً في أوروبا الشرقية أو أمريكا اللاتينية في العقد الأخير من القرن الماضي، لتنكشف هذه التيارات أمام الشعب، وهو ليس رافضاً لها بقدر ماهو يرى فيها أنها غير قادرة على تحقيق طموحاته،ليتقدم "الإخوان المسلمين" الصفوف بفعل تواجدهم السابق وليس بفعل لحظة آنية جاءت بمبادرة من الشعب ذاته،وهذا مايعطيهم ميزة وراثة النظام السابق برلمانياً على الأقل لدورة قادمة سيكونون هم الأكثر عددأ ونفراً وتنظيماً، وهذا مايتخوف منه الليبراليون وهم ليسوا الأغلبية في المجتمع المصري، وإن حسبوا أنفسهم على أنهم أكثر فهم واهمون، ليس لشيء بل لعوامل ايدلويجية تعود لطبيعة الشعب المصري نفسه، والذي يميل بطبيعته إلى التدين بمسلميه ومسيحيه، بل يؤمن الشعب بالوسطية والتى يرفضها عندما تشطح نحو اليسار بما يّمس دينه وخصوصيته المحترمة والملتزمة، ويرفضها أيضا إذا شطحت ناحية اليمين ذات صبغة دينية متزمتة، محافظاً عليها في الوسط، مفضلاً العيش بما يضمن له حقوقه وكرامته وحريته في حدود معقولة لا تمس جوهر الدين ولاتخترق خصوصيته، هذا هو الشعب المصري.

 و إذا كان "الإخوان المسلمين" يعتقدون بعكس ذلك فهم واهمون ايضاً، ولو رأوا غير ذلك أو سعوا لتبديل عكس ذلك فسيكون الفشل في إنتظارهم ولو فرضنا أنهم سيشكلون قوام المجلس التشريعي القادم، فالشعب عندما قام بثورته لم يكن في حساباته ماهية شكل الدولة المنتظرة وماذا تمثل له، بل كان شغله الشاغل هو التخلص من الدكتاتور وحكم فاسد دام ثلاثة عقود كان فيها سيفاً مسلطاً على رقابه،مطالبا بحياة كريمة تكفل له عيشة مريحة وسط أجواء حرية ديمقراطية تسودها المساواة بين أفراده لا فرق بين هذا وذاك،وهذا ليس معناه أن الشعب غير واع ٍ بل على العكس الشعب أذكى ممن يلعبون على مشاعره الآن ويسعون لتحقيق مكتسبات على حسابه إسلاميين كانوا أو ليبراليين، فالشعب أكثر مايطالب به، أن يرى دولته وقد أخذت طابع الدولة الحقيقية التي تكفل للجميع حق المواطنة واستتباب أمنه الشخصي وأمنه الغذائي وأمنه المتعلق بحريته وكرامته وحرية عقيدته، وتصويته بنعم في استفتاء 19 مارس الماضي بإجراء الإنتخابات أولا تأكيداً لما نقوله فمن صّوت بنعم لم يضع في حساباته لا إسلاميين ولا ليبراليين بل وضع نصب عينيه أمنه وأمانه في كافة مناحي حياته وما يتعلق بمستقبله ولا غير ذلك مستعجلاً إقامة الدولة وعودتها في أقرب وقت ممكن.

وبما أن التجرية لم تتفاعل مكوناتها للآن  انتظاراً للانتخابات المقبلة، تعالت نبرة الخوف من استيلاء "الإخوان المسلمين" على الحكم بالفوز بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي القادم،ومعها تعالت نبرة وضع الدستور أولاً، وهنا يبرز سؤال مهم ..لماذا تتخوف التيارات الأخرى ولاتثق في نفسها وقدراتها على المنافسة.؟ وهي الليبرالية كما تصنف نفسها وتؤمن بالديمقراطية..! وتريد الآن إجهاض أول تجربة ديمقراطية قال فيها الشعب كلمته بإجراء الإنتخابات أولاً والالتفاف حول إرادته وإلغائها مجرد إنها رأت أن الأمر قد يكون في غير أهدافها ومصالحها، وهو مايتعارض مع الإرادة الشعبية فكيف لناس اليوم يريدون أن يطوقوا قراراً ديمقراطياً أتخذه الشعب وغداً سيكونون حاكمين على هذا الشعب..؟! من سيأمن لهم إذن؟،أمر هؤلاء يدعو للدهشة حقاً في الوقت الذي هم فيه مسئولون عن تراجعهم وتراجع أسهمهم في الشارع، ويتهمون الإخوان بالانتهازية واستغلال ظرف ما.. نتج عن موقف ما، ونحن هنا ليس في محل الدفاع عن الإخوان، بل فقط في محل إيضاح سياسة اتبعها هذا فنجح فيها وذاك فشل فيها، مع الاحترام لكل التيارات، لكن يجب في الأساس احترام إرادة الشعب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل