المحتوى الرئيسى

أم الشهيد

06/24 08:09

المسافة بين الحياة والموت قصيرة جدا، لكنها مرة بطعم الحنظل، وشديدة القسوة، فلم تمض سوى دقائق بين السؤال الذى وجهه زميلى «محمد فايد» إلى والدة النقيب الشهيد محمد إبراهيم، وبين معرفتها أنه قدم روحه فداء لرسالته مع الشرطى محمد حسن وهما يحرسان منطقة البنوك فى العريش.

عندما وصل «فايد» إلى مسكن الضابط، كان جاهزا لتسجيل لحظات قاسية يواجهها كل من يعملون فى حقل «الحوادث»، لحظات يتحول فيها قلم الصحفى إلى «ترمومتر» يقيس صدمة الفراق، ويرصد وحش الخراب وهو يهجم على عش هادئ دون مقدمات، لكن ما حدث كان أشد قسوة، فبيت الشهيد لم تزل ضحكات متفرقة تنتشر فى جنباته، وابتسامات صافية ترفرف فى أركانه، وحين التقى «فايد» والدة الشهيد وجدها سعيدة، سألها عن ابنها فأجابته: إنه بخير، حدثها يوم أمس وأخبرها بأنه سيكون بين أحضانها فى نهاية اليوم ليقضى معها راحته الأسبوعية، وهى منذ الصباح فى المطبخ، تجهز له كل الطعام الذى يحبه، وتنتظر قدومه بفارغ الصبر.

هربت كل المفردات من رأس مراسل «المصرى اليوم» أخرست المفاجأة لسانه، وحبس دمعة فى عينيه، وانطلق بعيدا عن وجه الأم الطيبة، تمنى أن تبتلعه الأرض، فلم يكن فى وسعه أن يلقى على مسامعها كلمات، أشد قسوة من رصاصات الغدر التى أزهقت روح فلذة كبدها الوحيد.

والضابط الشهيد محمد إبراهيم والشرطى الشهيد محمد حسن وزميلاهما المصابان، كلهم أشقائى وأشقاؤك، أقسموا يوم أن حملوا شرف حمايتنا أن يبذلوا أرواحهم فداء لنا، «منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر»، من نال منهم شرف الشهادة سمت روحه فى عليين، ومن بقى بيننا ندعو له بملايين السلامة، لكن أمى وأمك، وأمنا جميعا «مصر»، انفطرت قلوبهن جميعا وسكن الحزن صدورهن، وأصبح لنا ثأر عند من غدروا بأشقائنا، وعار علينا أن نتركه.

عار علينا أن نرى بلطجيا أو خارجا على القانون، سرق أو نهب، ولا نبلغ عنه الأجهزة المعنية ونتصدى له، عار علينا أن نترك من سرق سلاحا – كان يحرسنا - وأصبح مصدرا لإرهابنا ولا ندل عليه، عار علينا أن نغمض أعيننا عن مصاص دماء يبيع السموم لأبنائنا وإخواننا، عار علينا أن نصمت ونردد العبارة القبيحة «وأنا مالى» فهو مالنا ولابد أن نحميه وندافع عنه حتى لو متنا من أجله.

لقد عادت ألينا مصر، بعد أن فقدناها سنوات طويلة، وحمايتها وصون أمنها هما الخطوة الأولى فى مشوار البناء، ومن العار أن نتركها مرة أخرى مرتعا للصوص.

* رسالة

الذين يريدون أن يقروا قانون «منع التمييز» فى مصر، إنما يريدون أن يصموا مصر بعار ليس فيها، فنحن كلنا مصريون، لم يكن يوما ولن نقبل أن نكون فريقين «مسلم ومسيحى»، فمثل هذا القانون يشق الصف ويفصل الجسد الواحد إلى نصفين.

[email protected]

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل