المحتوى الرئيسى

مفارقات بين "جزار" الأسد والحجاج بن يوسف

06/23 10:39

بقلم: د. صلاح الدين سلطان

لقد فاق "جزار" الأسد بسوريا الحجاج بن يوسف حتى كاد أن يقول الناس لو قارنوا بين كل جنايات الحجاج وجرائم الأسد كما قال الشاعر:

رب يوم بكيت منه فلما        صرت في غيره بكيت عليه

 

ولقد كان الحجاج بن يوسف حافظًا للقرآن فصيحًا بليغًا سفاكًا للدماء، أما جزار الأسد فلا يكاد يُبين، ويقتل في كل وقتٍ وحين، كان الحجاج على فظاعته يُصغي إلى القرآن أحيانًا، حيث ورد أنه دخل السجون فسأل رجلاً عن جنايته فقال: ما جنيت شيئًا لكن جاء رجالك "الشبيحة" ليقبضوا على ابن عمي فلم يجدوه فأخذوني، فقال الحجاج: بل جنى عليك ابن عمك، كما قال الشاعر:

جانيك من يجني عليك وقد        تُعدى الصحاح فتجرب الجرب

 

فقال الرجل السجين: لكن الله يقول غير ذلك، فقال الحجاج: وماذا يقول الله؟ فقال الرجل: إن إخوة يوسف قالوا: (يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (78) قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلاَّ مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (79)) (يوسف)، فقال الحجاج على الفور: إذن أخرجوه، وأُفرج عن المسكين المظلوم، لكن "جزار" الأسد قد تجاوز ظلمه بدباباته وطائراته وصواريخه وجيشه العلوي وقوات أمنه و"الشبيحة" كل ما فعله الحجاج طوال عمره، فلم يدعُ الحجاج إلى كفر بواح كما تواتر أن جيش و"شبيحة" "جزار" الأسد يبسطون صورة الأسد على الأرض ويطلبون من الناس أن يسجدوا له، ويقولون باللهجة السورية: "وين بدُّوس نسجد ونبوس"، ويُضرب الضحايا من الرجال والشباب والأطفال حتى ينتهوا أن يقولوا لا إله إلا الله بأن يقولوا لا إله إلا "بشار"، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا، لأن عقيدة النصيريين العلويين أن الله تعالى قد حلَّ تناسخًا في الإمام علي، ثم توالت حتى حلت روح الله وتناسخت في حافظ الأسد، ثم لما هلك تناسخت روح الله في بشار أي جزار الأسد، ولذا هتف المتظاهرون المأجورون لمصلحة "جزار" سوريا: "يا ألله حلَّك حلَّك، نحط بشار محلك"، أي أن الله - تعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا- لازم يرحل ليحل بشار محل الله تعالى، هذا الكفر الصراح نرى إلى جانبه هتك أعراض الحرائر في سوريا؛ الأمر الذي تواتر أيضًا أن أعدادًا من جيش النظام وأمنه و"شبيحته" يقومون بهتك جماعي لأعراض الحرائر، فلم تحدث جمعة للحرائر انتصارًا للأعراض المنتهكة إلا في سوريا، ورغم بشاعات وفظاعات بن علي ومبارك والقذافي وعلي "فاسد" لكن دناءة النظام السوري وخسته وجبروته وقهره واستعانته بإيران وأتباعها قد فاق الحدود، وجاوز كل خيال، ووصل لأعلى درجات الخبال، وقد هددوا العلماء، فمنهم من رضخ، ومنهم من نافق، ومنهم من رفع صوته عاليًا مثل الشيخ كريم راجح شيخ مشايخ القراء في الشام وأقرب القراء في سلسلة الرواة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أعلن من منبر جمعته براءته من النظام، فصار حجة دامغة على المفتي الرهيب والشيخ البوطي الذي تمنينا لو أنه سكت لكان الظن به أنه هُدد، لكن المسئولية ليست في رقاب علماء سوريا وحدهم، بل لا بد للأمة أن يسعى بذمتهم أدناهم، وأن يتحركوا من أدناهم لأقصاهم، وقد تدخلت إيران بأتباعها، فهل يبقى السُنة أيتامًا على مجزرة اللئام؟ ويتفرجون على مذابح بالجملة، وهتك أعراض جماعية، وإذلال للشباب العُزَّل ونتف شواربهم وصعقهم بالكهرباء وأمرهم أن يضعوا النعال في أفواههم، وتجريدهم من ثيابهم، وأمرهم بما يخجل القلم أن يخطه!!.

 

هل بقي في الأمة كما قال الله تعالى: (أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ) (هود: من الآية 116)؟!! أم أننا رضينا النحت في رجولتنا ومروءتنا بل وإنسانيتنا بسماع كل خبر مع التخلى عن نصرة أهلنا وإخواننا الذين يعانون أضعاف ما عاناه المسلمون على يد الحجاج بن يوسف.

 

Comments

عاجل