المحتوى الرئيسى

قناة الجزيرة

06/23 08:04

كان العالم العربى من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر لا يعرف وسيلة إعلام واحدة تنطق بغير تمجيد الحاكم العربى وحكمته وخلع أوصاف النبوة وأصحاب الرسالات عليه، بل ووصفه بأخلاق الصديقين والشهداء وما تندرت به البشرية من كل جلال وحسن.. كانت المعارضة العربية لا يعدو صوتها أن يخرج سوى من حجرة سوداء ظلماء صماء عليها آلاف الحراس من العسس والعيون الاستخباراتية.. كانوا خونة، عملاء، مرتزقة، جبناء، مجرمين، آثمين.

أوصاف خلعتها بالمقابل جحافل وسائل الإعلام العربية الرسمية الجرارة لكل من عارض الأصنام التى صنعوها!.. كانت الحياة فى العالم العربى قاتمة السواد فى الوقت الذى كنا نعلم فيه أن هؤلاء ما هم إلا أشباه ذكور احتلوا أراضينا الطاهرة..مهد الأنبياء الحقيقيين.. لا هؤلاء المزيفين.. كان الجميع يوقن بأن هذه البقعة من العالم.. بقعة العالم العربى.. بكل دولها ودويلاتها تقبع خلف العالم الحاضر بأكثر من 600 عام، بسبب هؤلاء.. سرقة، نهب، قتل، ترويع، محاكمات عسكرية، حتى كدنا نشك أن لدينا جينا نحن العرب يقبل الخنوع، ويصنع منا ظهرا ذلولا لكل راكب.. بل كدنا ننسى فى غمرة مآسينا، أننا أحرار كرماء، أصلاء، لنا تاريخ عريق مشرق.. وأننا لو لم يخرج من ظهرانينا إلا رجل واحد فقط.. هو الرسول الأكرم محمد- صلى الله عليه وسلم- أكبر من ثار على الظلم والعبودية لكفى.

فى غمرة كل هذه المشاعر السلبية خرجت علينا قناة الجزيرة.. لتكون صوتاً للمحرومين والمعذبين والشرفاء والمظلومين والمعارضين لهؤلاء الذين ما فتئ الإعلام الرسمى أن جعل منهم آلهة لا تخطئ.. ولا تظلم.. بل حتى لا تمرض!

كانت «الجزيرة» أول معول حقيقى يعيد للحق صوته فى كل بلد عربى وفى كل بيت وفى كل حارة، بل كما قال أحد هذه الأصنام فى كل زنقة.. وتلقّفها المشاهد العربى ليعلن أنها قناته.. وحياته.. وصوته.. وعينه التى يرى بها.. كان ينظر إليها، ولا يزال وسيظل، على أنها قلبه النابض.. وأن كل ما تنطق به وسائل الإعلام العربية الرسمية ما هو إلا تُرَّهات.. خدَام لفرد واحد.. هو الحاكم الإله المعصوم من الزلل والخطيئة!.

شيئا فشيئا.. كبرت «الجزيرة» بداخلنا.. وكبرنا نحن بداخلها..فمُنحت حصانة تعيش عليها أبد الدهر.. وشيئا فشيئا آخر بدأت تُسقط لنا الأصنام.. لتقول إنهم بشر.. وإنهم يأكلون الطعام.. ويمشون فى الأسواق.. ثم إنهم يخطئون.. ويكذبون.. ويذنبون.. ويسرقون.. وينهبون.. ويقتلون.. ويذبحون.. ويبيعون الأرض والعرض.. وليسوا أبطالا كما يزعمون، بل شياطين مداهنون.

بدأت تكشف ستر أسرارهم.. ومكائدهم.. وأوزارهم.. وأفعالهم الدنيئة.. فأجبرتهم على أن يقبلوا بأن يقال عنهم إنهم بشر.

«الجزيرة» كانت ولا تزال وستظل أكبر من مجرد وسيلة إعلامية.. وأكبر من مجرد قناة إخبارية، إنها صوت سماء هادرة.. وقولة حق.. وصيحة مجاهد.. ونفرة حجيج إلى الحق والعدل.. صارت أيقونة داخل كل بيت عربى.. أنفاً لكل متنفس حر كريم.

وبينما كانت تبنى بكل أنفة وكبرياء قواعد المجد الإعلامى والسياسى العربى وحدها- خرج عليها الظالمون ولا يزالون ليخلعوا عليها كل مسىء.. قالوا عنها يهودية.. وأمريكانية.. ومؤامراتية.. وتدليسية.. وتكذيبية.. كل ما كان بهم من أوصاف ألصقوه بـ«الجزيرة».. وقالوا عنها شيطان رجيم.. سلَطوا عليها كتائبهم لشن حملات تدعو لمقاطعتها.. وأعلنوا عدم التعامل معها.. وقالوا لا أحد يتكلم لـ«الجزيرة».. ولا يسمع لها.. ولا يشاهدها.. أصدروا الأوامر والفرمانات والمقاطعات.

ومع كل مقاطعة كانت تعلو «الجزيرة» وتعلو ترتفع إلى السماء، فأصبحت ولا تزال قمرا منيرا بين النجوم حتى صارت رمزا عربيا خالصا فى فضاء العالم كله.

الآن «الجزيرة» وبعد ستة عشر عاما من السعى من أقصى المدينة، كما يصف القرآن داعى الحق الذى يأتى دوما من أقصى المدينة، تحصد نجاح رسالتها المخلصة من خلال فصل الربيع الذى يعيشه الوطن العربى.. وسيأفل نجم الظالمين كما أفل نظاما مبارك وبن على، وستعلو كلمة الحق على الرأس والهامة كلما زادت الكتائب من ضراوتها فى الهجوم عليها والدعوة إلى مقاطعتها.. ألا لعنة الله على الظالمين!!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل