المحتوى الرئيسى

مفاهيم إسلامية (تذكرة بمفاهيم أساسية- 1)

06/22 13:58

بقلم: د. محمد عبد الرحمن

هذه السلسلة من المفاهيم الإسلامية لم تأت بجديد أو تتناول موضوعات مستحدثة، وإنما هي إعادة التذكير بمفاهيم أساسية، وإن غياب المرجعية للأصول والقواعد هو الذي جعل بعض التساؤلات تظهر في وسائل الإعلام وبين بعض الناس، وهي أيضًا تساؤلات قديمة ولكن بألفاظ ورؤية عصرية؛ لهذا فإن ما تقدمه هذه السلسلة من مفاهيم هي رد وتوضيح لبعض التساؤلات.

 

ولا يمكن أن نحيط بكل الجوانب ونستوعب المعنى الكامل إلا بالرجوع لتلك القواعد والأصول في الدعوة؛ فهي الإطار الحاكم والمرجعية لأي تصور، وقد أرسى ووضح أبعادها الإمام الشهيد حسن البنا.

 

وأخيرًا نسأل الله عز وجل أن يوفقنا في حسن العرض ليصل المعنى الذي نريده واضحًا، وما كان في هذا الأمر من صواب وتوفيق فهو من فضل الله أولاً وأخيرًا، وما كان غير ذلك فهو من القصور البشري والخطأ غير المقصود، فليتسع صدر القارئ العزيز لنا، ويغفر لنا هذا القصور، ونسأله صالح الدعاء.

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وهو الهادي إلى سواء السبيل.

 

مقدمة

يطالعنا البعض كل فترة بفتوى أنه لا يجوز في المجتمع تشكيل جماعات أو تجمعات بخلاف التي تحددها الدولة ويرضى عنها الحاكم، وينسب هؤلاء ذلك القول العجيب للإسلام دون دليل شرعي واحد، ودون مناقشة أو استدلال على أن هذا التجمع أو ذاك على الخير أم على الشر.
وكأن الإسلام ونظامه السياسي يقوم على الاستبداد وعلى نظرية الحاكم الأوحد، وأن كل الحقوق الإنسانية والمجتمعية مرهونة برأي ورضى هذا الحاكم.

 

وكأن الحرية والديمقراطية حرام على أمة الإسلام من وجهة نظرهم، أما دول الغرب الرأسمالية، فهي التي يجوز لها أن تتمتع بهذه الحرية وتلك النعمة.

 

ونسي هؤلاء أنه لوقت قريب قبل قيام الثورة في مصر وقبل نشوء قانون الجمعيات، كان يحق لأفراد المجتمع تشكيل الجمعيات والأحزاب والهيئات، وتعرض أمرها على الشعب؛ ليحكم عليه وعلى جدوى هذا التجمع، ويكون القانون الصحيح المعبر عن إراة الأمة والمعتبر شرعًا (وليس قانون الحاكم وبطانته) هو الذي يحاسبها عندما تأتي بأفعال تستوجب المحاسبة.

 

ولم يخرج لنا أحد من العلماء وقتها ببطلان هذا الحال، بل إن الشيخ محمد عبده كان من دعاة الإصلاح والحرية، في المجتمع في هذا الشأن.

 

وهذا الأمر الذي ذهب إليه هؤلاء قد لا يحتاج إلى ردٍّ لبيان مدى الخلل والفساد فيه، لكن للأمر انعكاسات وتساؤلات أخرى تلقي بظلالها، مما يحتاج لإعادة الحديث عن المفاهيم الأساسية للدعوة وتوضيح لجوانبها، لتحديد الرؤية الصحيحة في مجال الدعوة والعمل للإسلام والإصلاح في المجتمع.

 

هل الإسلام هو مجرد أخلاقيات وسلوك شخصي يقف بذلك عنده واجب الفرد وانتماؤه لدينه؟ أم هو تشريع كامل ونظام متقن يقيم دولةً ويربي مجتمعًا ويشكل أمة مترابطة لها قيادة مؤمنة، وشريعة وأحكام تطبقها ورسالة تعمل لها؟

 

 يشير الإمام البنا إلى ذلك الأصل فيقول:(الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعًا، فهو دولة ووطن أو حكومة وأمة.. كما هو عقيدة صادقة وعبادة صحيحة سواءً بسواء..) وهذا ما ذهب إليه جميع علماء الأمة.

 

حول مسئولية الحاكم والفرد

هل إقامة شرع الله وتطبيق أحكامه وحدوده وتشكيل الدولة التي تحمل الرسالة وتؤدي ذلك واجب الحاكم- فإذا توفر وقام بذلك كان بها، وإذا انحرف كان هو الذي سيحاسب عن ذلك فقط أما أفراد الأمة فلا تلزمهم مسئولية تجاه ذلك؟

 

إن المطالع لأحكام الشرع والتكليف بإقامة شرع الله يجدها لم توجه فقط للحاكم، وإنما وجهت للمسلمين، ويكون أداؤهم لهذا التكليف بإقامة الحاكم الذي ينوب عنهم في التنفيذ، وواجبه الأساسي هو سياسة الدنيا وحراسة الدين، وأنه نائب عن الأمة في ذلك.

 

فإذا قام من يؤدي ذلك ويساعد عليه، أصبح من فروض الكفاية المتحققة، وإذا لم يقم هذا الأمر في واقعها فإنها تأثم جميعها، ويصبح تحقيقه فرض عين، كلٌّ على حسب علمه وطاقته وبالضوابط التي حددها الإسلام.

 

وقد رسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الطريق لذلك، فربّى الناس على الإيمان ورسخه في قلوبهم حتى وصل بهم من الانتشار والتأثير أن تحول غالبية المجتمع في المدينة المنورة إلى الإسلام، وأقام بهم دولته.

 

والآن ونحن في مجتمع ينتسب للإسلام وأمة ممتدة عبر العالم بمئات الملايين لكنها متفرقة مشتتة، لا تقام فيها شريعة كما أمر الله، ولا تحمل رسالتها بالمستوى الذي يرضي اللهَ ورسولَه، وبالتالي يصبح والحال كهذه أمرًا واجبًا على كل مسلم أن يصلح نفسه وأن يـدعـو غيره، ويطـالب القائميـن المتغلبين بالرجوع إلى نهج الله؛ حتى يأتي الحاكم الذي تربى على الفهم الصحيح ويؤدي واجبه وينزل على إرادة الأمة.

 

ولا يقتصر هذا الإصلاح على الحاكم بل يمتد ليشمل كل جوانب المجتمع من إصلاح الفرد لنفسه وفي محيطه ومجاله، وبناء البيت المسلم وإصلاح المجتمع ليتمسك بالقيم والمبادئ الإسلامية والارتقاء به، ثم إصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق ولا يكون هذا إلا بتربية الجيل المسلم تربية  صحيحة، فيكون منه الحاكم المسلم والقادة والمسئولون.

 

والحقيقة الأخرى أن هذا الأمر من الإصلاح والدعوة والتربية يحتاج مع الدعوات الصالحة والكلمات الحماسية إلى عمل مرتب ومنظم، فإن تربية الشباب والأجيال لا تنشأ بمسار عفوي، ولكن بجهد جماعي منظم متدرج يكمل فيه اللاحق ما بدأه السابق.

 

ضرورة العمل الجماعي

وينشأ السؤال التالي: هل التجمع للعمل لأي جانب من جوانب الإسلام والدعوة، أو العمل الجماعي من سمات المجتمع المسلم ويتمشى مع منهج الإسلام؟ 

 

 في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت هناك تجمعات لأعمال البر، فهناك طائفة الذين عرفوا بالقرّاء وقد تعاهدوا على منهج تربوي وأعمال للبر والخدمة العامة للفقراء، وقد مدحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت هناك مجالس للذكر ومدارسة القرآن.

 

وكان هناك- فيما بعد- المرابطون على الثغور وقد وهبوا أنفسهم للدفاع عن الإسلام وحماية الدولة.. إلخ.

 

وهاهي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تشير إلى التجمع للعمل الصالح والثبات عليه، فيتحدث عن طائفة تعتبر تجمعًا وجزءًا من الأمة: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.." أو كما قال، وهل تكون هذه الطائفة أفرادًا متفرقين أم تجمعًا وكيانًا منظمًا؟ وفي الآيات القرآنية ما يشير إلى ذلك: (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ) (التوبة: من الآية 122)، وفي قوله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104)) (آل عمران)، وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ (3) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)) (الصف:2-4).

 

فهذا الأمر من روح الإسلام وطبيعته حتى في الأمور الحياتية العادية، يشير إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمِّروا أحدكم"، "يد الله مع الجماعة"، "إنما تأكل الذئب من الغنم القاصية".

 

لقد اتفق العلماء أنه إذا كانت دولة الإسلام قائمةُ مؤديةُ لرسالتها العالمية، وأحكام الشريعة مطبقة وتهتدي بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في عملها ومجتمعها.. إذا كان الحال كذلك، فإن الدعوة إلى الله داخل المجتمع وخارجه تكون فرض كفاية يقوم بها ذوو الهمة ومن اتصفوا بالصفات اللازمة لذلك نيابة عن الأمة كلها.

 

أما إذا كان كل ذلك غائبًا ودولة الإسلام مفككة الأوصال وتطبيق أحكام الشريعة في أغلبه ليس قائمًا، والأعداء قد احتلوا أو سيطروا على أراضيها ومقدراتها، وبغوا عليها وعلى مقدساتها، فإن الدعوة إلى الله والعمل لإقامة كيان الأمة الإسلامية وتطبيقها لمنهج الله ودفع الأعداء عنها، كل ذلك يصبح فرض عين وواجبًا على كل مسلم ومسلمة كلٌ بحسب قدرته وإمكانياته، وبحسب ما يتولى من السلطة سواء من أصغر فرد في الأمة إلى أعلاها سلطةً ومنزلةً، وأقله فيما يجب عليه أن يكون قدوة صالحة في نفسه وفي من يعول، وأن يمتلئ قلبه بالرغبة في تطبيق شريعة الإسلام في كل المجالات واسترداد مجد أمته، وأن يتعاطف مع دعاته والعاملين له، وأن يكره الباطل والفساد وما يحدث من اعتداء على مقدرات الأمة.
لا بدَّ أن يحس المسلم أنه صاحب رسالة وأنه حامل هداية ونور، حتى ولو كان علمه قليلاً وإمكانياته معدومةً، وأن يستشعر أنه جزء من أمة هي أمة الإسلام لها رسالة لهداية العالمين.

 

هذا هو الواجب والحال الذي وضحته الشريعة وذهب إليه العلماء، وإن التفريط في هذا الواجب وإن كان لا يخرجه من دائرة الإسلام أو من انتمائه للأمة الإسلامية إلا أنه تقصير وتكاسل وانشغال عن هذا الواجب حسابه ومرده في ذلك إلى الله الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

 

وبالنظر إلى هذا الحال وإلى الواجب المطلوب تحقيقه، فإن كل وسيلة مجازة شرعًا توصل وتؤدي لتحقيق هذا الواجب الشرعي، تصبح هذه الوسيلة واجبة، والقاعدة الأصولية "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب" توضح هذا، وبالتالي فإن التجمع والتساند والتعاون في أدائها يصبح فرضًا لازمًا على كل من قدر وارتضى العمل بالدعوة إلى الله، وهذا العمل الجماعي للدعوة والإصلاح ينتقل من مرتبة الجواز والندب وفرض الكفاية في حالة وجود الدولة الإسلامية القائمة بواجباتها، إلى درجة أعلى تصل إلى الفرض والوجوب في مواجهة هذا الواقع الأليم.

 

ويؤكد هذا المبدأ أو الأصل متطلبات الواقع الذي تواجهه عملية الإصلاح وأن هذا ضروري؛ حيث إن حجم المطلوب ضخم يمتد لأجيال لا تنفع فيها مجرد الجهود الفردية المبعثرة.
وإن الأمة- وهذا حالها- تتعرض لهجمة شرسة من أعدائها- أعداء الإسلام- وتتعرض لمشروع غربي صهيوني يستهدف عقائدها وأخلاقياتها ورسالتها، ويطمع في خيراتها وأراضيها، وتسهر على هذا المشروع دول ومنظمات فلا يمكن أن يواجه بأسلوب فردي أو تجمعات غير منتظمة تسير بلا خطة أو هوية، لهذا كان وجود عمل وكيان جماعي منظم مكافئ للواقع الموجود سواء في أداء جزئية من واجبات الإصلاح، أو وفق نظرة شمولية لكل مطالب الإصلاح، يعتبر واجبًا من ناحية الأصل في ذاته ومن ناحية أنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.. ومن ناحية أنه المكافئ للواقع والتحدي الموجود، وبالتالي فهو وسيلة واجبة.

 

وتكون بذلك الرؤية الشرعية أن العمل الجماعي المنظم في أي مجال من مجالات الدعوة فريضة وواجب شرعي، ولا يمنع هذا الأفراد أن يقوم كل بما يقدر عليه.

 

من ضوابط العمل الجماعي في المجتمع

وإذا تساءل أحد كيف تنشأ جماعات داخل المجتمع المسلم، والأصل في المجتمع أنه أمة واحدة؟ فالمقصود هنا أنها ليست جماعة بديلة عن المسلمين أو أنها جماعة المسلمين، ولكنها جماعة من المسلمين داخل نظام الأمة تنهض بهذا الواجب لتؤدي هذه الأمانة وتعذر إلى الله، فهي تقوم بذلك كواجب عليها وفرض سوف تحاسب عليه وتدعو غيرها ليقوم به.

 

والتجمع والتساند هنا لا يقفان عند مجرد الوجود والعلاقة الحسنة، بل قد يرتقيان حسب الواجب العملي إلى التجمع كصف وقيادة، وتلزم لصحة ذلك شروط منها:

 

1- ألا يكون بديلاً عن الانتماء الواسع العام لأمة الإسلام.

2- وألا يرفع السيف على أمة الإسلام.

3- وألا يكفر أو يفسق من لم يكن معه في ذلك، ولا يعتبر من تركه وخرج أنه خرج من الإسلام.

4- ألا يعتبر نفسه جماعة المسلمين، بل هو جماعة من جماعات المسلمين التي تشملها عمومية الانتماء لأمة الإسلام.

5- أن تكون رؤيته وأهدافه ووسائله منضبطة بشرع الله.

6- ألا يدخل في حرب أو خصومة مع غيره من التجمعات التي تعمل للإسلام وهي منضبطة بضوابطه العامة ولا تخرج على أصول الشرع.

 

المفهوم الخاطئ لجماعة المسلمين

إن ما جاء من ألفاظ في الآيات القرآنية والأحاديث النبوية مثل حزب الله، جماعة المسلمين، الفئة المؤمنة، الأمة الإسلامية، الفرقة الناجية.. إلخ المقصود بها عموم الأمة الإسلامية، وليس يُخـتصّ بها شريحة أو فريق منها، فهي وصف للمجتمع المسلم وما يجب أن يكون عليه سواء كان هؤلاء موجودين في إطار سياسي ودولة واحدة مثلما كان الأمر في دولة الخلافة أو متفرقين في دول شتى، لكن يبقى الانتماء الإسلامي وعموم لفظ الأمة الإسلامية شاملاً لهم.

 

ومفهوم الحديث الذي جاء فيه أنه ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقةً أو شعبةً الناجية واحدة والباقي في النار، المقصود بها هو الفرق الضالة التي خرجت عن أصل الدين الإسلامي وأصبحت خارج الملة الإسلامية بإجماع الفقهاء أما المذاهب الفقيهة والآراء المختلفة فليست هي الفرقة الضالة المقصودة.

 

ودعوى الانعزال بحجة غياب جماعة المسلمين وإمامهم حسب فهم البعض الخاطئ لمعنى قوله: "فاعتزل كل تلك الفرق ولو أن تعض بأصل شجرة"، خاص بالفرق الضالة، وقد ورد حديث آخر عنهم: "دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها"، وأنه لا عذر لِمَن سار وراءهم حتى ولو بقي بمفرده، وليس يفهم من الحديث اعتزال العمل والدعوة للإسلام.

 

كذلك من الصور الخاطئة لمعنى التمكين في الأرض، أن يدعي أفراد أو فصيل أو تجمع إسلامي أنه على مساحة مسجد أو ساحة قرية أو أي مساحة جغرافية أنه قد أقام إمارة الإسلام، وأنه أصبح أمير المؤمنين، وأن الواجب على كل مسلم في العالم البيعة له، فهذا من الخلل الفقهي والشرعي الذي يؤدي إلى التنازع.

 

إنه لا بدَّ للمجتمع بوحدته الجغرافية السكانية والدولة التي تمثله وتنظم أموره أن ينحاز للإسلام، ويقيم أحكام الشرع من منطلق الفهم والقناعة والإيمان قبل هذا الادعاء وتنصيب نفسه أميرًا للمؤمنين على العالم، لا يجوز هذا شرعًا، أو ادعاء من معه من أفراد أنهم قد أصبحوا هم أهل الحل والعقد للأمة الإسلامية يقررون ما شاءوا، فهذا انحراف؛ لأن تنصيب الخليفة وأمير المؤمنين يكون بالتوافق بين عموم الأمة الإسلامية ويسبق ذلك استعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية ووحدتها وإقامتها للنظام الذي تسير عليه أمورها.

 

وبعضهم يدعي أنه أصبح هو جيش الإسلام الذي أعلن الجهاد والحرب على الكفار ويتحدى دول العالم وأن على الجميع الخروج معه، فهذا الحماس الذي لا يستند لأصل شرعي أو إعداد حقيقي أو فهم للواقع وقدرة على مواجهته هو مغامرة فاشلة تضر ولا تفيد وتخدم الأعداء قبل أن تخدم الأمة الإسلامية.

 

فالإعداد الصحيح يسبق شرعًا الجهاد بمعنى القتال وتضبطه أحكام الشرع ومبادئ الإسلام وليس هوى الأفراد وحماسهم.

 

توضيح الموقف من الحكام المتغلبين وانحرافهم

ويرى البعض أن وجود جماعات وكيانات تدعو للإسلام وتعمل له في هذا العصر الذي تغلب فيه الحكام وتظاهروا بالظلم والفسق، هو مخالف لرأي السلف، وأنه يجب السمع والطاعة لهؤلاء الحكام، ويستدلون بأحاديث، لم يفهموا نصوصها.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل