المحتوى الرئيسى

سحب الدعم الحكومي للفقراء وغلاء الإيجارات.. هل يجعل لندن مدينة للأثرياء فقط؟

06/22 07:59

دبي – العربية.نت

يعد حي "سانت جونز وود" من الأحياء الراقية في لندن بشوارعه المزدهرة بالأشجار المورقة والمصطف على جانبيها منزل بول مكارتني وإيوان ماكريغور وكيت موس. لكن المفاجئ أن لهم جيرانا مثل عائلة كاستراتي، حيث يحاول المهاجرون الفقراء الصمود في أكثر المدن ارتفاعا في مستوى المعيشة، وتتكون هذه الأسرة من أربعة أفراد يعيشون في شقة من حجرتين تدخلها أشعة الشمس في أحد الأحياء الراقية.

وتتكفل الحكومة البريطانية بدفع 85% من الإيجار الشهري للوحدة السكنية والذي يقدر بـ3600 دولار من خلال دعم تقدمه لآلاف من محدودي الدخل حتى يستطيعوا الإقامة في أفضل الأحياء السكنية، لكن يبدو أن زمن دعم السكن في لندن قد أوشك على الانتهاء.

أثر جانبي خطير

وذكر تقرير نشرته صحيفة الشرق الأوسط أن الحكومة التي يقودها المحافظون بدأت لأول مرة تطبيق أكبر برنامج إصلاح منذ أربعينات القرن الماضي.

ويستهدف هذا البرنامج خفض النفقات المتضخمة في مدن مثل لندن، حيث تحصل القليل من الأسر على 160 ألف دولار سنويا وذلك من أجل ضمان التنوع الاقتصادي وتوفير مساكن جيدة للفقراء في بعض الأحياء الراقية.

لكن مع انخفاض الدعم يحذر الأكاديميون من أثر جانبي خطير هو إقصاء عدد كبير من الفقراء لم تشهده لندن منذ هدم العشوائيات التي صورها ديكنز في رواياته في القرن التاسع عشر عن وسط لندن.

ويعد هذا التغير في سكان لندن من أوضح الأمثلة على المحاولة الجادة لخفض العجز في أنحاء أوروبا والتي يدور جدل حولها في واشنطن حاليا. على هذا الجانب من المحيط الأطلسي تعمل الدول التي تعاني من عجز في السيولة النقدية من اليونان إلى آيرلندا، والتي غرقت في الديون في أعقاب الكساد الكبير، على خفض ميزانية برامج الرعاية الاجتماعية، حيث لم يعد باستطاعتهم تحمل تلك التكاليف.

ويقول منتقدو هذا التوجه إن برامج الإصلاح قد تؤدي إلى حالة من الاستقطاب الطبقي في مدينة يبلغ تعداد سكانها 8.6 مليون نسمة، مما يؤدي في النهاية إلى تقسيم المدينة إلى جيتوهات على النسق الأميركي.

ويرى الخبراء إنه على مدى السنوات الأربع القادمة من المرجح أن تُضطر 82 ألف أسرة فقيرة إلى الانتقال من شقق ذات إيجار مرتفع في وسط لندن إلى شقق ذات إيجارات أقل على أطراف المدينة أو أبعد من ذلك.

وتوضح دراسة أجرتها جامعة كمبريدج أنه بحلول عام 2016 ستبلغ نسبة ساكني أحياء لندن من محدودي الدخل 36% فقط بعد أن كانت 75% عام 2010.

وتقول هيلين دينت، الرئيس التنفيذي لمؤسسة فاميلي أكشن الخيرية ومقرها لندن: "ستنتقل الأسر من السكن في وسط لندن إلى ضواحيها. ومع ارتفاع الإيجارات ربما يضطرون إلى الانتقال إلى أبعد من هذا. سيغير هذا طبيعة لندن".

وندد روان ويليامز، كبير أساقفة كنيسة كانتربري، بالإصلاحات ووصفها بتقسيم اجتماعي للمناطق من شأنه أن يدفع الفقراء إلى خارج لندن، بينما وصفها بوريس جونسون، عمدة لندن بالتطهير الاجتماعي على غرار كوسوفو.

مدينة التناقضات

ورغم تراجعه عن هذه التصريحات بعدما أثارت استهجان زملائه من حزب المحافظين، تظل المقارنة محزنة لبشبيجتيم كاستراتي البالغ من العمر 25 عاما، والذي هربت أسرته من كوسوفو إلى لندن في التسعينات. يقول إنه وزوجته وابنتيه ربما ينضمون إلى طبقة اللاجئين في لندن قريبا، فقد استلموا إخطارا يفيد بضرورة العثور على منزل آخر في يناير/كانون الثاني، حيث سيتم خفض الدعم على الإيجار الشهري من 3100 دولار إلى 1660 دولارا.

وليس أمام كاستراتي الذي يعمل نادلا في فندق ويتقاضى 800 دولار شهريا سوى الانتقال إلى حي تكون إيجارات المساكن به أقل أو إلى مسكن مؤقت في ملاجئ المشردين نتيجة لارتفاع الإيجارات في حي سانت جونز وود الراقي الواقع ضمن التقسيم الإداري لمدينة لندن مثل ويستمنيستر آبي وبيغ بين.

ويقول وهو يحمل ابنته الصغيرة ذات الأربعة أعوام التي كان من المقرر أن تلتحق بصف الحضانة في مدرسة سانت جونز وود الخريف المقبل: "إنهم لا يريدون سوى الأثرياء هنا".

وتوجد أغلى شقة في العالم فوق مبنى فخم مصنوع من المعدن والزجاج في جنوب شرق هايد بارك بمدينة لندن. وكان عبق عارضات الزهور الاستوائية النفّاذ يفوح في مدخل المبنى ذي الأبواب الزجاجية الضخمة التي لا تصدر أي صوت عند انفتاحها أمام السكان والضيوف الأثرياء.

وتم بيع شقة في الطابق العلوي مساحتها 30 ألف قدم مربع في مبنى مكون من ثلاثة طوابق في وان هايد بارك مقابل 216 مليون دولار. وأسقف الشقة مزودة بنظام تبريد إلكتروني للتحكم في درجة حرارة جو الشقة. وتم استجلاب رخام الحمامات من 15 دولة مختلفة.

وبيعت الشقة التي في الطابق الأدنى مقابل 108 ملايين دولار. وتتكون من خمس غرف وتقدم لنا نوعا جديدا من سكان مدينة لندن الذين ينتمون إلى طبقة من الأثرياء من مختلف الجنسيات الذين يتحدث أكثرهم الروسية أو الصينية أو العربية كلغة أولى لا الإنجليزية. مساحة الغرفة الرئيسية التي تبلغ 1500 قدم مربع أكبر من مساحة منازل كثيرة في لندن. لم يكن مثل ذلك المبنى موجودا منذ عشر سنوات على حد قول سيمون واكر، الوكيل العقاري لهذا المبنى "لقد أصبحت لندن الآن مركزا عالميا لذوي الدخول المرتفعة".

Comments

عاجل