المحتوى الرئيسى

الطلب على الطاقة يرتفع بأقوى المعدلات منذ السبعينيات

06/22 07:28

سعود بن هاشم جليدان

ارتفع الطلب على الطاقة في عام 2010م بأقوى المعدلات منذ بداية السبعينيات، حيث وصل معدل نمو الطلب عليها في العام المنصرم إلى 5,6 في المائة مقارنةً بالعام الذي قبله. ولم يقتصر النمو في طلب الطاقة على النفط فقط، كما يتصور البعض، ولكنه شمل معظم أنواع الطاقة، بل إن معدلات نمو أنواع الطاقة الأخرى كانت أعلى من معدل نمو الطلب على النفط، وذلك لارتفاع أسعار النفط مقارنةً بأنواع الطاقة الأخرى. وقد وصلت مستويات استهلاك معظم أنواع الطاقة العالمية إلى مستويات قياسية، بما في ذلك الغاز الطبيعي والفحم الحجري والطاقة الكهرومائية وبقية أنواع المصادر المتجددة.

وزادت العديد من الدول الرئيسة الكبرى استهلاكها من وسائل الوقود الأخرى بسرعة أكثر من استهلاكها من النفط فقد توسعت الولايات المتحدة في استهلاك الغاز الطبيعي بعد التطورات الإيجابية في تقنية إنتاج الغاز، كما تصاعد استهلاك الصين من الفحم الحجري في العام الماضي. ويعتقد بأن الطلب على الطاقة ينمو بمعدلات أسرع من معدلات نمو الاقتصاد بسبب تفاعله بشكل إيجابي مع نمو الاستثمار، وفي المقابل فإنه يتراجع بشكل أسرع مع تراجع النشاط الاقتصادي.

من جهةٍ أخرى يرجع النمو القوي في الطلب على الطاقة إلى أن مصادر النمو العالمية آتية بالدرجة الأولى من الدول النامية، التي يرتفع فيها الطلب على الطاقة بصورة أسرع من الدول المتقدمة عند تحقيق معدلات النمو الاقتصادي نفسها. ولهذا يمكن رؤية معدلات نمو مرتفعة على الطاقة حتى لو انخفضت معدلات النمو الاقتصادي العالمي.

ويعزو البعض تركز نمو الطلب على الطاقة في الدول النامية إلى انخفاض كفاءة استخدامها في تلك الدول. ومع أن هناك جزءا من الحقيقة في هذا التفسير، إلا أن هناك أسباباً إضافيةً ترفع معدلات نمو استهلاك الطاقة في الدول النامية، التي من أبرزها ارتفاع معدلات الاستثمار وطبيعة مشاريع التنمية، كما يقود نمو الدخل الفردي في الدول النامية التي تنخفض فيها معدلات الناتج المحلي للفرد إلى زيادة الأنشطة المستهلكة للطاقة وزيادة الطلب على السلع المعمرة المستهلكة للطاقة بسرعة أكبر من معدلات النمو الاقتصادي.

وكانت الأزمة المالية العالمية قد قادت إلى تراجع معدلات النمو الاقتصادي العالمي مما أدى إلى تراجع كبير في الاستهلاك العالمي من النفط في عام 2009م، ولكن الانتعاش الاقتصادي في الدول الصاعدة ساعد على رفع معدلات استهلاك النفط العالمية في عام 2010م بأكبر معدل نمو منذ عام 2004م. ونما الاستهلاك العالمي من النفط وسوائل الغاز في عام 2010م بنحو 3,1 في المائة متجاوزاً النمو في إنتاج النفط الخام وسوائل الغاز، الذي بلغ نحو 2,2 في المائة. ونتج عن تجاوز كميات استهلاك النفط وسوائل الغاز كميات إنتاجهما الضغط على أسعار النفط ودفعها إلى أعلى في عام 2010م.

ودفع استمرار نمو الاقتصاد العالمي فوق التوقعات في عام 2011 إلى إضافة المزيد من الضغوط على أسعار النفط. كما قادت حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط ونشوب الأزمة الليبية إلى رفع مخاطر توافر الإمدادات مما ولد طلباً إضافياً للتأمين ضد مخاطر انقطاعها. وأدت هذه العوامل إلى نمو الطلب على النفط الخام وسوائل الغاز إلى مستويات تجاوزت الإنتاج مما دعم استمرار ارتفاع أسعار النفط في النصف الأول من عام 2011م. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على النفط وسوائل الغاز في النصف الثاني من عام 2011م، حيث يرى كثير من المحللين أن السوق بحاجة إلى ما لا يقل عن مليون ونصف مليون برميل إضافي.

وترك اجتماع أوبك الأخير السوق النفطية في حيرة من أمرها، حيث رفع رفض طلب المملكة ودول مجلس التعاون زيادة الإنتاج النفطي مستويات عدم اليقين بخصوص الإمدادات المستقبلية للنفط. ويوجد في الوقت الحالي نقص في إمدادات النفوط الخفيفة منخفضة الحموضة بسبب غياب الإنتاج الليبي عن الأسواق العالمية، ومع هذا ترفض منظمة أوبك رفع الإنتاج مما زاد الشكوك حول قدرة المنظمة على توفير إمدادات كافية. وتصور منظمة أوبك نفسها بأنها مسئولة عن تأمين إمدادات الطاقة ولكن إصرارها على عدم توفير الكميات المطلوبة في وقت الأزمات يضر بسمعتها وبثقة المستهلكين فيها، ويرفع في الوقت نفسه تخوف الأسواق من عجز أعضائها عن توفير إمدادات كافية وقت الأزمات.

ونظراً لأن الطاقة الفائضة في إنتاج العالم من النفط تتركز في منظمة أوبك وخصوصاً الدول الخليجية فإن عدم رفع المنظمة لإنتاجها سيقود إلى رفع أسعار النفط إلى مستويات قد تتجاوز 130 دولارا للبرميل في النصف الثاني من عام 2011م. ويهدد هذا المستوى من الأسعار النمو الاقتصادي العالمي الهش وخصوصاً في عدد من الدول المتقدمة. ويرى كثير من المراقبين أن خطة المملكة لرفع الإنتاج نحو مليون برميل ستساعد على الحد من ارتفاع أسعار النفط ومع هذا فإنها غير كافية لخفض الأسعار. ويتوقع العديد من المختصين أن تنجح مساعي المملكة في حال تطبيقها في جعل الأسعار ترفرف حول مستوى 100 دولار للبرميل لبقية العام. ويبدو أن اختيار هذا المستوى السعري من قبل المملكة جاء لكونه لا يهدد نمو الاقتصاد العالمي، كما يوفر عوائد مجزية للدول المصدرة للنفط، ويطمئن في الوقت نفسه الأسواق على قدرة أوبك على تحمل مسؤولياتها وتوفير إمدادات كافية من النفط عند الحاجة.

*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل