المحتوى الرئيسى

من الثورة إلي الدولة، فالأمة بقلم:أ.د. ناصر أحمد سنه

06/21 20:00

من الثورة إلي الدولة، فالأمة.

أ.د. ناصر أحمد سنه.

من "سيدي بو زيد" شرارة تونس، إلي "مصراته" صمود ليبيا، إلي "السويس" تحرير مصر، إلي "تعز" تضحية اليمن، إلي "درعا" درع سوريا الخ.. الثورة العربية الكبري قدمت شهدائها، وحررت إرادتها، وأعلنت قرارها، وتسير سيرها، وستنجز أهدافها ـ بعون الله تعالي ـ شاء من شاء، وأبي من أبي.

لقد أوشكت ثورة الشعب العربي علي الحسم. ومهما فُرض عليها أمور لم ترغبها، فطالت بعض الشيء.. الشعوب باقية، والمتحكمين الطغمة الطغاة الفاسدين المُفسدين إلي زوال. ولن تُغلب الشعوب العربيةـ اليوم ـ من قلة، ولا من قوة، ولا من إرادة، ولا من عزة، ولا من عزيمة، ولا من شجاعة، ولا من تضحية، ولا من وعي، ولا من حكمة الخ.

ومن الوعي والحكمة، وكي ننتقل من الثورة إلي الدولة، فالأمة ثمة أمور عامة ينبغي تحقيقها، والتحقق منها:

- تشكيل لجان "الحقيقة والمصارحة والمكاشفة" كي يعلم الشعب ما كان، ويتجنب سلبيات ما سيكون.

- القصاص والمحاكمات العادلة لكل من قتل وعذّب، وسرق ونهب، وظلم وطغي، وفسد وأفسد الأوطان. يقول تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (البقرة: 178-179).

- أعين الشعب شاخصة، عبر لجان خاصة، لمتابعة تحقيق كل أهداف الثورة, والحفاظ علي مكتسباتها وزخم "الحالة الثورية". ودون التراخي أو التكاسل كي لا ينحرف المسار، أو تضيع الثمار، أو يقطفها آخرون.

- السهر علي مراقبة "تسلل" أعداء الثورة في الخارج والداخل، وكشف مؤامراتهم وألاعيبهم التي يسعون بها من أجل الإبقاء وليّ الأوضاع لصالحهم ولمطامعهم، وعدم خسارة المزيد.

- الأمل معقود ـ وقد شاهدما التوحد والوحدة في ميادين الثورةـ علي ألا "تأكل الثورة أبنائها"، أو يتفرق توحدها، أو يتشتت فرقائها. فليس الوقت ـ ولسنوات قادمةـ وقت مغانم بل مغارم.

- العمل المخلص الجاد علي الحفاظ علي نسيج المجتمعات ووحدة الأوطان وصون الكرامة والحريات العامة والخاصة.

- الشرعيات والسلطات مستمدة من الشعوب وفق أرادتها الحرة النزيهة الماضية، دون تزوير أو تزييف أو وعد أو وعيد. وعدم الوصاية علي الشعب والعودة إليه لأخذ رأيه ومشورته في تحديد مصيره في كل الأمور. فهو الذي قام بالثورات وقدم التضحيات, فلا ينبغي إختزال رغباته وأهدافه وآماله لصالح فئة أفراد أو فئات أو جماعات.

- تطهير وتنقية كل مؤسسات الدولة، وجنبات المجتمع المدني ـ من النادي الإجتماعي، وعُمد القري، والحكم المحلي، والنقابات العمالية والمهنية، وإدارات المحافظات، والإدارات الجامعية، والمنظمات المدنية، والمؤسسات التشريعية والتنفيذية والإعلامية الخ ـ وبنائها علي أسس سليمة وصحيحة، وشفافة، وإجراء إنتخابات ـ لإداراتهاـ مباشرة.. حرة ونزيهة

- يـُولّ كل مسئولية، صغُرت أم كبُرت: الأكفأ والأصلح، والقوي الأمين، الصالح المصلح، الحفيظ العليم ألخ. فليس ثمة "إحتكار لمنصب أو سلطة"، أو"اغتيال لحلم" الأبناء.. الأكفاء الأقوياء الأمناء:" قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ" (القصص: 26)، بتبوء مكانهم ومكانتهم، ومساهماتهم ومشاركاتهم في الشأن العام.

- العمل ثم العمل ثم العمل الجاد. فلم تعد الأوطان "مزارع خاصة" ، وقف علي طغم وأفراد. بل هي أوطان لكل مواطنيها.

- البشر، والدساتير، والمؤسسات معاً. تُُعطي الأولوية لبناء الإنسان وحسن استثمار موارده (التنمية البشرية)، ثم الشجر (التنمية الزراعية)، ثم الحجر (العمران).

- تُعطي الأولوية للنهوض بالتعليم والصحة وتحقيق العدالة الإجتماعية، والتنمية الإقتصادية الحقيقة والمستدامة، والسياسات الخارجية المستقلة التي تحقق مصالح الأوطان.

- سلطة قضائية مستقلة وفاعلة ونافذة وناجزة.. يتحاكم إليها الناس، كبيرهم وصغيرهم،فتنفذ القانون، وتحفظ الحقوق، وتحافظ علي تحقيق العدالة، وتحقق العدل.

-إعلام ـ مرئي ومسموع ومقروءـ هادف.. لا ضال ولا مُضل، لا فاسد ولا مُفسد. إعلام يرعي ـ فقط ـ مصالح الوطن وقضايا الشعب، وقيمه وحضارته دون تهوين أو تهويل، أو تجهيل أو تسطيح أو تغييب.

- بث روح عامة ـ عملاً وحهداً وإنتاجاً وإخلاصاً وإصلاحاًـ تسري في جسد الأوطان والشعوب العربية. روح تحقق وتثمر ـ بحق، لا بزخرف القول ـ حب الأوطان والعمل لأجلها والتضحية في سبيلها، وعودة الطيور المهاجرة وكفاءات وسواعد أبنائها، ثانية، إليها.

- تقوية روابط التعاون والتواصل وتحقيق الأمن، بأنواعه، مع الجوار العربي الإسلامي حتي ما بعد أندونيسيا وماليزيا، شرقاً، وما بعد ألبانيا وكوسوفا والبوسنة شمالاً وغرباً. وما بعد السودان وتشاد ومالي جنوباً.

- بدأت وستوالي الدول العربية مشوار تحررها ممن جعلها في ذيل القائمة قائمة التخلف والفقر والمرض والجهل والفساد، وستكون قاطرة للأمة لتحقيق مشروعها الحضاري العربي الإسلامي.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل