المحتوى الرئيسى

علي بريشة يكتب: الدستور "جنب" شباك الموتوسيكل

06/21 12:15

"الدستور أولا هي خناقة يفتعلها واحد راكب ورا سواق الموتوسيكل عشان عايز يركب جنب الشباك" ..

جملة تويترية عبثية بليغة قالها أحد النشطاء على تويتر معلقا على "خناقة" الدستور أولا التي تمسك بتلابيب الحياة السياسية في الوقت الحالي .. وهي تلخص عبثية هذا الصراع الوهمي الذي يخوضه العديد من النشطاء والتيارات السياسية الذين يستمتعون بالجدل بدلا من العمل وبحالة التنظير والتقعير في المناقشة للقضية السياسية الأزلية التي أسقطت بيزنطا بينما البيزنطيون يتساءلون عمن خلق أولا هل البيضة أم الدجاجة ..

بيضة الدستور وفرخته هي ما يشغل تيارات سياسية تتلكأ وتضيع وقتا غاليا في الصراع على لاشئ .. وتحاول أن تحشد أنصارا وتدعو لمليونيات تفرق ولا تجمع ، وتشرذم ولا تصنع توافقا وطنيا .. فالدستور يجب أن تضعه لجنة .. واللجنة يجب أن تعبر عن الشعب .. والشعب جاهل ولا يعرف كيف يختار ممثليه في البرلمان .. سوف يضحك عليه السلفيون والإخوان والفلول والعصبيات .. وبالتالي يجب أن نؤجل الإنتخابات حتى تأتي قوى كونية مجهولة لتختار أعضاء اللجنة التي ستضع الدستور الذي سيؤدي للإنتخابات .. و"اللجنة عايزة نجار والنجار محتاج منشار" .. جدل غير مفهوم ويعبر عن سيناريو لتوريط المجلس العسكري في مد الفترة الإنتقالية وتفريغ الحراك الديمقراطي الحقيقي من معناه .

يدرك كل المتجادلين أن 90 % من مواد الدستور لا تتغير في جوهرها .. فهي تتحدث عن مبادئ عامة تتعلق بالحريات ومؤسسات الدولة ..وأن المواد التي يمكن أن يجري خلاف بينها تنقسم إلى نوعين : الأول يتعلق بتقسيم السلطات والصلاحيات بين السلطات الثلاث .. وسلطات وصلاحيات رئيس الجمهورية .. وهذا النوع من المواد يتحدد بشكل أساسي على ضوء ما يقرره المجتمع حول النظام السياسي للدولة هل يكون رئاسيا أم برلمانيا ..

والنوع الثاني يتعلق بالتوجه الأيدلوجي للدستور .. هل سيظل محافظا على بقايا الإتجاه الإشتراكي العتيق الذي ترك أثرا على العديد من مواده مثل ال50% عمال وفلاحين أو سيتجه أكثر إلى ليبرالية تستنكف فكرة التمييز الإيجابي عبر "الكوتا" بأي صورة من صورها بحجة المساواة التامة بين جميع المواطنين

هذه المواد المتعلقة بهذين النوعين من النقاط الخلافية لن تحسمها بالتأكيد لجنة معينة تكتسب شرعيتها من الهيئة التي عينتها سواء كانت المجلس العسكري أو لجان للوفاق الوطني أو أي مسمى آخر .. وإنما لن تحسمها إلا لجنة تستمد شرعيتها بشكل مباشر أو غير مباشر من الشعب عبر آلية واحدة وحيدة هي صندوق الإنتخاب .. وفي هذه الحالة تستطيع القوى السياسية أن تتحدث وتختلف وتتوافق على أرضية نسبة تمثيلها الطبيعي والشرعي داخل المجتمع .

كل هذه الأمور يدركها جيدا أصحاب هذه الخناقة المفتعلة حول الدستور أولا .. والمشكلة الحقيقية أن بعضهم يدرك أيضا أن لهذه الخناقة تداعيات أخرى تتعلق بشق صفوف الشباب والقوى السياسية وتشرذمها وتعميق الخلافات والإتهامات بين التيارات المختلفة والأسوأ من ذلك استمرار حالة السيولة السياسية وعدم اليقين التي تفتح الباب أمام سيناريوهات مغايرة تماما لما تأمله مصر في المرحلة المقبلة.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل