المحتوى الرئيسى

الكنز الإفريقي يا دكتور شرف

06/21 12:03

أيمن الجندي

أتوسل إليك يا دكتور شرف أن تيمّم وجهك صوب أفريقيا. لا أقصد دول منابع النيل فقط، فقد أجبرتنا الحوادث غير مختارين على خطب ودها والتحبب إليها، ولكنى أتحدث اليوم عما هو أبعد، عن أفريقيا بجملتها، عن الفاتنة السمراء الغامضة، عن أصل الحياة البشرية، عن الأشجار المتعانقة والأمطار المتساقطة والغابات الاستوائية، عن القمر الأفريقى يسطع فى سماء صافية، عن روائح العشب وأحراش السافانا والثمار البرية، عن البراءة والفطرة والجاذبية، عن الأكواخ المصنوعة من سعف النخيل وأشجار البامبو وأوراق الموز العريضة، عن قطعان الأسود والنمور والفيلة! عن الممالك الإسلامية المتعاقبة التى طواها التاريخ ولم نعد ندرى عنها شيئا.

عن أفريقيا أتحدث يا دكتور شرف، عن الفرص الضائعة، عن طلاق المُجبَر الذى لا يقع، عن صور جمال عبدالناصر المُعلّقة فى المتاجر البسيطة! عن الأزهر الذى يخشعون إذا تردد اسمه! عن الحرف العربى المقدس الذى يتوضئون قبل لمسه، عن مصر التى هجرتهم ونبذتهم وتعالت عليهم، وبرغم ذلك ينتظرون إشارة منها ليرتموا فى أحضانها.

أى كنز أضعناه حين أهملنا أفريقيا؟! أى سطل لبن سكبناه وهو الدسم والنعمة والبركة؟! أى صندوق مُغلق على جواهره تتضاءل بجواره مغارة على بابا؟! تعويذته السحرية هى: «افتح يا عبدالناصر. افتح يا أزهر». هذه هى قوتنا الناعمة التى أهملناها. تحدّث بهاتين الكلمتين السحريتين (الأزهر وعبدالناصر) أمام أى أفريقى تجد أسنانه البيضاء التمعت كشمس فى ليل وجهه الأسمر. الأزهر كوكب دُرىٌّ يسطع فى السماء السابعة. من المؤسف أننا نجهل قيمة ومقام الأزهر، وما يمكن أن يعطيه لنا إذا دعمناه بسخاء وقوة.

ما زلت أذكر هذا الفتى الذى التقيته يوماً من «أفريقيا الوسطى». قال لى بعربية طليقة إن أمنية حياته كانت أن يدرس بالأزهر. لكن - صدّق أو لا تصدق - كل ما يمنحه الأزهر لهذه الدولة هو عشر منحات دراسية فقط! يحتشد لها الآلاف ويتنافسون عليها! أليس محزناً أن نهدر قوتنا الناعمة! لو منحنا كل دولة أفريقية مئات المنح الدراسية فسوف يعودون إلى بلادهم سفراء لنا، أجسادهم فى أوطانهم وقلوبهم عندنا.

هذه البلاد هى جنان الله فى الأرض. لا توجد صحراء، فقط تربة خصبة وأمطار منهمرة. يكفى أن ترمى البذرة لتُنبت شجرة! قال الفتى بصوت حزين: «إن وفرة الموارد الطبيعية عندنا لا تُصدق، لكن المشكلة أن مصر أهملتنا. لو جاءت الشركات المصرية عندنا ستحقق نجاحا ساحقا. لدينا المحاصيل الزراعية ولديكم المنتجات الصناعية، فلماذا لا يحدث التبادل بيننا؟! فقط تعالوا إلينا».

أستحلفك بالله يا دكتور شرف أن تزيد المنح الدراسية بالأزهر الشريف عشرات الأضعاف للطلبة الأفارقة! أستحلفك بالله أن تحصر ما نستورده منهم من المواد الغذائية، وما يمكن أن نصدره لهم من السلع الإنتاجية، ثم تذهب إليهم وتُدعّم التكامل الاقتصادى بيننا وبينهم. أرجوك يا دكتور شرف.. أفريقيا تنتظرنا.

* نقلاً عن (المصري اليوم)

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل