المحتوى الرئيسى

بشار الأسد بعد خطابه- هل بدأت رحلة اللاعودة؟

06/20 23:49

خرج الرئيس السوري بشار الأسد الاثنين (20 يونيو/ حزيران 2011) مرة أخرى على شاشة التلفزيون الرسمي مخاطباً شعبه ومتعهداً بإجراء إصلاحات في غضون الأشهر القادمة لمعالجة موجة الاحتجاجات المطالبة بالتغيير وإنهاء سلطة الحزب الواحد، الذي يحكم سوريا منذ عقود. ومرة أخرى أنحى الأسد باللائمة على من وصفهم بالمخربين في الاضطرابات قائلاً إنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع مسلحين. الإجابة على خطاب الأسد لم تتأخر، فقد خرجت تظاهرات رافضة في عدة مدن سورية. كما رفض نشطاء ومحللون سوريون وعوده، قائلين إنه فشل في التعامل مع مطالب المحتجين، الذين يتحدون حملة عسكرية ممتدة منذ ثلاثة أشهر ويحتشدون من أجل مزيد من الحريات.

فما الجديد الذي جاء به خطاب الأسد؟ سؤال طرحته دويتشه فيله على الناشط السوري وأستاذ العلوم السياسية بجامعة اركنساس في الولايات المتحدة الأميركية، الدكتور نجيب الغضبان، الذي أكد أنه لا جديد في خطاب الأسد، وأن خطاب النظام لم يتغير. وفي هذا الإطار أضاف الغضبان: "السبب يكمن في أن رأس النظام، مثلما هو الحال في كل الأنظمة الاستبدادية، يعيش في عالم معزول. فطبيعة النظام لا تسمح بنقل صورة حقيقية لهذا الشخص. والنظام السوري ليس متفرداً بذلك، وهذا ما لاحظناه في العراق وتونس ومصر. فرأس النظام يعيش في عالم وهمي، والسلطة مسيطرة على الوضع والشعب يحبك".

أما الخبير الألماني في الشؤون السورية من المعهد الألماني للسياسات الدولية والأمنية، هايكو فيمين فقد أكد على أن خطاب الأسد بقي على نفس النغمة القديمة التي تتحدث عن أن النظام يعمل على الإصلاح وان هناك مطالب حقيقية من المتظاهرين. أما الجديد، حسب الخبير، فهو أن "الأسد قسم الناس هذه المرة إلى ثلاث فئات: أصحاب الحاجات الحقيقية، والمخربين، والمجرمين". لكن الغضبان يعلق على هذا التقسيم بالقول: "هذا الجو (الذي يوحي به الخطاب) لا يمكن أن يطرح حلولاً حقيقية وجذرية لما تواجهه سوريا".

قمع الجيش المتظاهرين في سورياBildunterschrift: قمع الجيش المتظاهرين في سوريا

 إلى من وُجِهَ الخطاب؟

أوروبياً جاء رد الفعل على خطاب الأسد على لسان وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه، قائلاً إن الرئيس السوري بشار الأسد بلغ "نقطة اللاعودة"، ومشككاً في أن يكون باستطاعته التغيير بعد القمع "المريع في عنفه"، الذي مارسه على شعبه. كما شكك الوزير الفرنسي في التصور الذي يتحدث عن أن هناك متسعاً من الوقت أمام الأسد للتغيير وبدء عملية إصلاحات.

حول هذه النقطة يضيف نجيب الغضبان حول طريقة الأسد في اللعب على ورقة الاستقرار، بالقول "ركز على مفهوم المؤامرة. وإرسال رسائل للخارج على أن التغيير سيؤثر على الاستقرار. وأن النظام هو حامي هذا الاستقرار". أما عن استخدام الأسد للورقتين الصينية والروسية فيقول الناشط السوري: "اللعب على مصالح بعض الدول، التي لا تؤيد عادة دوراً للمجتمع الدولي أو الأمم المتحدة للتدخل في قضايا داخلية لبعض الدول، رغم أن هذا الأمر تم تجاوزه في دول مثل ليبيا وغيرها". يُذكر أن روسيا أكدت اليوم على معارضتها لأي قرار تصدره الأمم المتحدة لإدانة قمع النظام السوري للمحتجين، وحثت المعارضة على إجراء محادثات مع الرئيس بشار الأسد حول الإصلاح.

هايكو فيمن من جانبه، يشير إلى أن خطاب الأسد بالدرجة الأولى كان موجهاً إلى الداخل وليس إلى الخارج، قائلاً "إن الأسد يحاول إرسال رسالة إلى الجزء الكبير من السوريين، الذين يرغبون بالتغيير ولا يفصحون عن رأيهم لأنهم خائفون. ما يدفع الأسد إلى محاولة كسبهم إلى جانبه". ويضيف الخبير الألماني موضحاً: "يقول لهم نعم، فهمنا الرسالة. ورغم القتل الذي طال الكثيرين عليكم البقاء معنا وألا تتخذوا جانب المخربين. بينما الحقيقة أن النظام هو من يقود البلد إلى حرب أهلية". غير أن الغضبان يشير إلى أن المراهنة على تناقضات المواقف الدولية لها حدود "ولا يمكن استغباء الشعب السوري والقوى الخارجية إلى ما لانهاية، وأن الحديث عن الإصلاحات قد جاء متأخراً جداً مؤكداً على أن الأنظمة الدكتاتورية هي واحدة ويبدو أنهم يقرؤون من نفس الكتاب".

"النظام ورأسه يعيشان في عقلية قديمة"

هايكو فيمن:Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift:  هايكو فيمن:" خطاب الأسد بقي على النغمة القديمة نفسها". ردود الفعل الإقليمية جاءت أيضاً سريعة، فالرئيس التركي عبد الله غول وصف خطاب الرئيس السوري بشان الإصلاح في سوريا بأنه "لا يكفي"، مضيفاً أن الأسد ينبغي أن يحول سوريا إلى نظام التعددية الحزبية. وهذا ما دعت إليه المعارضة السورية، حتى قبل اندلاع الثورات العربية، والتي انتظرت طويلاً أن يخطو الأسد خطوات إصلاحية، كما يرى نجيب الغضبان. لكن الغضبان في الوقت نفسه يرى أن إمكانية الإصلاح ما زالت قائمة. ويوضح بالقول: "الإصلاح في سوريا يعني تحول الدولة من دولة الحزب الواحد إلى التعددية، دولة مؤسسات، دولة قانون تكون فيها المواطنة هي الأساس، وليست دولة مخابرات".

وفي خطابه تحدث الأسد عن أن الحوار الوطني سيبدأ قريباً لمراجعة تشريعات جديدة تشمل قوانين خاصة بالانتخابات البرلمانية ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية وبحث التغييرات الممكنة في الدستور، مؤكداً أن هذا الحوار يمكن أن يفضي إلى دستور جديد. وعن دعوة الأسد للحوار يعلق هايكو فيمن بالقول: "كلامه (الأسد) عن الحوار كان بالعقلية المعروفة للزعماء والتي تقول، نتحدث ونستمع. لكن الكلمة الأخيرة تبقى للسلطة، وموقف السلطة لن يتغير وكل شيء يبقى على حاله". أما أستاذ العلوم السياسية والناشط السوري الغضبان فيرى أن الرئيس الأسد، كما يبدو، يلتقي عندما يتحدث عن الحوار مع مؤيديه فقط، "وهو كلام مكرر يريد أن يسمع أشياءً يحب سماعها. إن النظام ورأسه يعيشان في عقلية قديمة".

إلى أين يسير النظام؟

لكن ما هي الأوراق التي مازال الأسد يمتلكها، والتي تمكنه ونظامه من البقاء؟ فالأصوات على الساحة الدولية بدأت تعلو مطالبة بتشديد العقوبات على نظامه. وها هو الاتحاد الأوروبي يعد لتوسيع العقوبات على سوريا بسبب اشتداد العنف الذي يمارسه النظام ضد معارضيه. وقال الاتحاد الأوروبي في بيان له الاثنين (20 يونيو/ حزيران 2011) إن الهدف من هذه العقوبات هي" تحقيق تغيير جوهري للسياسة التي تتبعها القيادة السورية دون تأخير". لكن الرئيس السوري مازال على رأس السلطة، ويمتلك موارد البلاد والقوى الأمنية والجيش، ويراهن على موقف روسيا والصين، كما يرى الخبير الألماني. ويؤكد فيمن أن "النظام مازال يمتلك هذه الأوراق ومن يراهن على سقوط النظام في الأيام القليلة القادمة، فهو مخطئ".

لكن على العكس من ذلك يبدو الغضبان أكثر تفاؤلاً، عندما يشير إلى أن أي إصلاح حقيقي سيؤدي في النهاية إلى انهيار النظام. ويضيف: "إن الحديث عن إصلاحات شكلية أصبح من الماضي. والسبب حسب رأيه هو أن "هذا الأمر لم يعد مقبولاً، لا شعبياً ولا دولياً".

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل