المحتوى الرئيسى

أتآمر أم ردة يافقهاء ؟: بقلم عمر حيمري

06/20 21:44

أتآمر أم ردة يافقهاء ؟ بقلم عمر حيمري


الفقهاء ، هم الذين مكنهم الله من الفهم ،والإدراك الواسع، والعقل الراجح ،والخبرة المتميزة ، والعلم بالأحكام الشرعية ، والقدرة على فهم المسألة ، أو النازلة ،و معرفة الأدلة ،وقواعد استنباط الأحكام… وفوق هذا فالفقيه رجل عملي يهتم بالحياة اليومية، وما يجري فيها من أحداث، ووقائع، وأعمال، وتصرفات بشرية…فيحلل ، ويحرم .وهذه هي وظيفته الأساسية ،كوارث لسر النبوة، وقائد للأمة وضميرها، والناطق باسمها. فتواه تلزم كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي، مهما كانت مكانته الاجتماعية ، ومهما كان موقعه في الهرم الاجتماعي ، لا فرق بين شرقي أوغربي . وهذا ما يشهد به التاريخ الإسلامي ، وما ينطق به التراث الفقهي الضخم ، وما يمكن أن نستخلصه من التحليل المنطقي للفقه نفسه .إن العلماء كما أخبر سيد البرية ، محمد صلى الله عليه وسلم ،هم ورثة الأنبياء . [ ...إن العلماء ورثة الأنبياء ، وأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ،وإنما ورثوا العلم ،فمن أخذه أخذ بحظ وافر. ](رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه).وهذه تركة خطيرة ، تلزم الفقهاء بطاعة الله ، وقيادة الأمة قيادة حكيمة ، إلى ما فيه خيرها ،وصلاحها ،ونصرها على عدوها ،كما تلزم الأمة بالطاعة والانقياد لفقهائها ، لأن وارث النبي ، يفترض فيه أن يكون مؤهلا للمهمات الصعبة ،والمسؤوليات الجسام ،و هو أول من يضحي بنفسه وماله ، من أجل نجدة المسلم أين ما وجد .لأن[ المؤمن أخو المؤمن، كالجسد الواحد، إذا اشتكى شيئا منه ،وجد ألم ذلك في سائرالجسد .إن أرواحهم من روح الله تعالى، بل أن روح المؤمن بصفة عامة ، لأشد اتصالا بروح الله ،من اتصال شعاع الشمس بها ].{ إنما المومنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون .} (الحجرات آية10). كما أن الوطن ،في عرف المسلم غير مرتبط بحدود مادية معينة. بل هو مفهوم مجرد متعلق بالعقيدة الإسلامية .وقد عبر عن هذه الرؤية الشاعر الفيلسوف محمد إقبال رحمه الله حينما قال :(وحيثما ذكر اسم الله عددت أرجاه من لب أوطاني ) وقوله :(الصين لنا ،والعرب لنا، والهند لنا … والكل لنا أضحى الإسلام لنا دينا ،وجميع الكون لنا وطنا… ) كما يفترض في وارث النبوة أن يكون مجاهدا في سبيل الله ، محبا للموت، مقبلا عليها، لا مدبرا عنها ولا كارها لها . يواجه الظلم ،ولا يسكت عنه، ولا يسمح بأدنى مس بثوابت الأمة العقدية والشرعية ، حتى وإن كان في ذلك قطع عنقه ، أو نشر جسده .لا يتملق لحاكم ، ولا يخاف من بطشه أو سخطه ، ولا يخشى من التضييق عليه في رزقه ،أو محاصرته في حركته …فإن لم يفعل فعليه أن يعلن التخلي عن إرث وتركة النبوة ، والدفاع عن الأمة ،ويكتفي من الفقه بمقالة ، أو خطبة جمعة، أو نطق كلمة ،أو مباركة زفاف ، أو فتوى يتزلف بها لسلطان أو يملأ بها بطنه ... ويترك الفعل للحاخام الأكبر صفد شلوم إلياهو الذي قال محرضا عسكر اليهود على قتل الفلسطينيين:( إذا قتلنا مائة 100 دون أن يتوقفوا عن ذلك فلقتل منهم ألفا 1000 وعلينا أن نستمر في قتلهم، حتى لو بلغ عدد قتلاهم مليون 1000000 قتيل . وأن نستمر في القتل مهما استغرق ذلك من الوقت ).إن العديد من الحاخامات ، أصدروا فتاوى مشابهة لفتوى شلوم إلياهو ،أذكر منهم على سبيل المثال مردخاي إلياهو (المرجع الديني الأول للتيار القومي الإسرائيلي )ويسرائيل روزين ، وآفي رونسكي …إن هؤلاء الحاخامات، الذين يصدرون الفتاوى، التي تبيح القتل دون تمييز ،وتعشق الدم.هم أنفسهم الذين يصافحون،ويجالسون شيوخنا وفقهائنا الكرام. في ما يسمى بمؤتمرات حوار الأديان .التي لا نجني منها إلا الخزي والعار، والتخلي عن الأوطان .إن الفقهاء ، يوميا، يفقدون جزءا من سلطتهم الدينية ،على الجماهير الشعبية ،التي بدأت تفقد الثقة فهم, لأنهم أصبحوا يهتموا بالكماليات ،كاللباس الأنيق ، وحضور المؤتمرات الشكلية ،وتزيين الولائم الفاخرة بالكلمات المؤثرة ، والتملق لأصحاب الجاه والمال، وإصدار الفتوى ضد بعضهم بعضا، إرضاء لغيرهم. ..وفتاوى حرب العراق الأولى المتناقضة، والمتعارضة شاهد على ذلك .فهذا الفقيه يبيح الاستعانة بالكافر على المسلم ،والآخر يحرم ذلك .وهذا مع السياسة ،والآخر مع الجهاد ، وغيرهما مع الاستسلام …كل ذلك بسبب كراهية الموت وحب المال والجاه والتشبث بالدنيا ... وليعلم الفقهاء، أن الجماهير ذاقت بهم ذرعا ، ولم تعد تثق بهم كورثة للأنبياء ،تلك الثقة العمياء ، لأن النازلة الواحدة ، كالربا مثلا يبيحها المشرقي ( يوسف القرضاوي ) لأجل السكن بحجة الاضطرار ، ويردها المغربي (المجلس العلمي الأعلى ) بلهجة شديدة وبخلفية سياسية ،لأن الفتوى المشرقية في نظره تفيد التعدي على اختصاص علماء المغرب والتطاول عليهم وفي نفس الوقت تفيد الإساءة إلى أهل المغرب وتجعل منهم دار كفر ، وقيادة المرأة للسيارة يحرمها الخليجي ويبيح لها قيادة العير والبعير ...فأيهما أحفظ وأستروأحجب للمرأة ؟ العير أم السيارة ؟ أي فقيه بل أي عقل هذا الذي يبيح خلوة المرأة مع السائق ، ويمنعها من خلوها مع نفسها في سيارتها ؟ فأي الحالين أسلم للمرأة ولعرضها ؟ يافقيه الخليج ؟

إن جماهير الأمة لاتريد ذلك النموذج من الفقهاء ،الذي يكتفي بفتوى غرف النوم ، ومضاجعة الزوجة الميتة (الزمزمي)، وكيفية التعامل مع شد الإزار أثناء الحيض والنفاس والعجز الجنسي، وجواز نكاح بنت التاسعة ( الغراوي) - وكأن مصائبنا في الزواج فقط – وجواز استبدال النساء البلاستيكيات بالنساء الآدميات عند الضرورة (الزمزمي) وجاواز إرضاع السائق وزميل العمل ( الخليجيين) وجواز الصلح مع إسرائيسل مع تحريم العمليات الاشتشهادية ... بل تريد من الفقهاء من يخرج في وجه الاستعمار، ويندد بالظهير البربري ، وبدعات العصبيات الأماويغية الجدد ، مبينا وغير كاتم لقول الله سبحانه وتعالى { إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية } ( سورة الفتح آية 26) ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في سنن أبي داود [ ليس من من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من مات على عصبية. ] ، ويدعوا إلى وحدة الصف وتوجيه الصراع ضد الاستعمار، والتكاتف حتى يزول الظلم بجميع أنواعه السياسية والاقتصادية وحتى تنفرج كل الأزمات ...

تريد الجماهيرمن الفقهاء ، أن يكونوا على رأس المظاهرات في الشوارع يطالبون بالمخافظة على الدين الإسلامي ، تريد منهم رفع أصواتهم عالية في وجه من لا رأي لهم ولادين ولا أخلاق من دعاة الكفر والشذوذ والمثلية والتعري ونشر الفاحشة وأكل رمضان جهار نهار... تريد منهم التضحية وبذل الغالي والنفيس بدل الغفلة واللهو والسمود والإعراض وعدم الاكتراث ، جهلا بخطورة الوضع وسوءا لتقديره أو جبنا ونفاقا ورغبة في المحافظة على المصلحة الخاصة …

إن الجماهير يافقهاء تريد نموذج الإمام مالك ،والإمام أحمد بن حنبل ، والشيخ البنا والسيد قطب ،والعز بن عبد السلام ، ومحمد الخامس ، ومحمد المختار السوسي ، وعلال الفاسي ، وعبد الحميد ابن بديس ومحمد البشير الإبراهيمي … وإلا لجأت إلى ذاتها، لتصدر الفتوى التي تروقها ، لذاتها ،غير مكترثة بالفقه والفقهاء .لأنها تكره الحياة مع الظلم والذل والهوان ، وتعشق الشهادة مع العزة والكرامة.

الجماهير يافقهاء ، تريد رؤيتكم تتصدرون المظاهرات وتحملون اللافتات التي كتب عليها نريد تطبيق الشريعة ، نريد العدالة والمساواة ، نريد محاربة الظلم والفساد ، نريد الأمن والأمان في ظل إمارة للمؤمنين ، نريدها دولة إسلامية لا شرقية ولا غربية ، ونرفض دعات الفتنة التي تديرها حركة 20 فبراير والنهج الديموقرات ، وأنصارالظهير البربري الاستعماري ، والعلمانيين ، والمثليين ، والسحاقيات ... وأن لا تكونوا أقل من الخارجين عن الأمة وثوابتها ، شجاعة وإيمانا بالمبادئ ، وإلا فأنتم متآمرون أو مرتدون ، آثرتم الولائم وتوزيع البركات والدعوات ... على من يدفع لكم .

وليعلم الفقهاء ،أن الوعي الجماهيري المتقدم ، يتوجس من تحالفات أقصى اليمين ( العدل والإحسان )مع أقصى اليسار (حركة 20 فبراير والنهج الديموقراطي )- رغم تناقضاتهم المطلبية - إشعال الفتنة وصرف أنظار الأمة ، عن الاتزان السياسي والاجتماعي ، وعن روح الالتزام بالقيم الدينية والأخلاقية ، التي بها تستقيم أحوالنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ...

وإني لأتعجب من صمتكم يافقهاء ، عن من يعلن شذوذه للصحف الهولندية ( عبد الله الطايع ) ، وعن من يرافق الوفد الصهيوني عدوالإسلام و الإنسانية كافة ، وهو في أبهى زينته ( أسامى الخليفي ) وعن رئيس جمعية كيف كيف للمثليين (بركاشي سمير) ، وعن تنظيم منا وفينا للسحاقيات ... وعن حركة ممارسة الحب فوق السطوح ( أعضاء من حركة 20فبراير) ...وعن كل المجاهرين بالعلمانية المتنطعين في الدعوة إليها. إن من يسكت منكم يالفقهاء ،عن هؤلاء وعن سلوكهم الإجرامي ولاأخلاقي ولا إنساني ... يكون شيطانا أخرس ، قد خان كتاب الله وارتد عنه ، ومنافقا أحمق تخلى عن إرث النبي واستبدله بمنصب زائل لا محالة ، ولذة طعام فانية .

عليكم يافقهاء أن لا تغيبوا عن الشارع ولا عن الصحف والجرائد والأنترنيت ...وأن تقتربوا من الناس وتأتوهم في مداشرهم وقراهم ،ومدنهم ... قبل أن يسبقكم إليهم الفتانون ، ولا تنتظروا مجيئهم إليكم وأنتم قاعدون ، عليكم أن تتولوا زمام الأمور لتسدوا الثغرات ، قبل أن يداهم الأمة خطر العلمانية ، والملاحد ، والمنافقين المساندين لبني صهيون .

يافقهاء ، أنتم ورثة الأنياء ، أنتم ضمير الأمة وصمام أمانها ،واجبكم الإصلاح ومحاربة الفتن ، قبل ظهورها ، وأثناء ظهورها، وبعد ظهورها ، وهذا الدور لا يستقيم لكم إلا بشروط هي :..

أولا ، توحيد الصف والكلمة ، وتكوين حزب قوي واحد يجمعكم على الحق والصلاح.

ثانيا ، نبذ التفرقة والاختلاف والتنازع ،والتناحر والتنافر الذي لا يخفى أثره على أحد ، إلى جانب نكران الذات ،ولا سيما فيما يتعلق بالفتيا ومناهج الإفتاء ، مع التعاون الكامل على واجب النصح والنصيحة .

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل