المحتوى الرئيسى

مئوية الفنون: حدث فنى كبير

06/20 08:11

أتمنى أن يشاهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس وزراء حكومة الثورة عرض «مئوية الفنون المصرية»، الذى كتبه وأخرجه وصمم رقصاته وديكوراته وأزياءه الفنان اللبنانى العالمى وليد عونى، وهو من إنتاج فرقة الرقص الحديث، إحدى فرق الأوبرا فى وزارة الثقافة. من يعمل لينتج من دون تذوق الآداب والفنون آلة صماء من دون روح، أما العامل الذى يتذوق الآداب والفنون - وكلنا عمال - فهو الإنسان الحر الذى يتقن عمله ويبدع فيه.

مع الأسف لم تخصص دار الأوبرا لهذا العرض سوى ليلتين فى القاهرة، ومثلهما فى الإسكندرية (27 و28 يونيو الحالى). والواجب أن يعرض فى كل مدن مصر ويتجول فى كل مدن العالم ليقول للدنيا هذه هى مصر الحضارة وشعبها الذى قام بالثورة. والواجب أن يصدر المجلس العسكرى قراراً بمنح الجنسية المصرية للفنان وليد عونى، والفنان محمد خان، وغيرهما من الذين خدموا مصر وعبروا عن روحها ولا يحملون جنسيتها، وليسوا مثل الذين يحملونها ويقفون الآن وراء القضبان.

مصر جبل شامخ فى خلفية العرض من بدايته إلى نهايته، نرى عليها صور تسع لعمالقة الفنون المصرية فى مائة عام. والبداية من ناجى شاكر الوحيد الحى بينهم - أطال الله عمره - مبدع «الليلة الكبيرة»، التى عبرت عن الشخصية المصرية، كما لم يعبر عنها عمل آخر بالدمى. ثم الحسين فوزى، الذى رسم رواية نجيب محفوظ «أولاد حارتنا» عندما نشرت مسلسلة فى «الأهرام»، وكانت رسومه خلاصة مركبة للثقافة المصرية، والنحات جمال السجينى الذى جعل النحاس ذهباً، وحامد ندا وشخصياته التى تفنى فى الوجود وتعبر عن الوجود الفانى فى آن، وصلاح عبدالكريم الذى أنطق الحديد، وعبدالهادى الجزار الذى عبر عن حداثة التراث الشعبى القديم وكأنه أصل السوريالية، والمعمارى حسن فتحى، الذى استوعب شخصية مصر التى هضمت حضارات البشر الكبرى من المصرية القديمة إلى الأوروبية الحديثة، وبيكار بخطوطه التى تجرد وتجسد على نحو متفرد، والذى خلد ما غرق من آثار النوبة فى لوحاته. وفى الختام يعود وليد عونى إلى محمود مختار الذى رقص دوره بنفسه، وهو نحات ثورة 1919 الذى نحت تمثال «نهضة مصر» بعد ثورتها الشعبية العظيمة، وجعلها فلاحة تستند بيدها إلى رأس أبى الهول، وتكشف عن وجهها باليد الأخرى لترى العالم ويراها، وتبدأ مسيرتها للدخول فى العصر الحديث.

كل مقطع من العرض مثل «آريا»، وهى المقطع فى الأوبرا. نحن أمام «أوبرا كاملة» بالصوت والصورة والموسيقى التى اختارها طارق شرارة بموهبته التى تحتضن كل موسيقى الدنيا. وكل مقطع يعبر عن موضوعه بأسلوب يؤكد عمق إحساس وإدراك عونى للعالم الفنى لكل فنان. وقد سبق أن عبر فى أعماله عن شادى عبدالسلام وتحية حليم ونجيب محفوظ وقاسم أمين ومحمود سعيد، وغيرهم من أعلام القرن العشرين وكل القرون، وجاء عمله الجديد استكمالاً لما سبقه من أعمال عن مبدعين مصريين.

[email protected]

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل