المحتوى الرئيسى

هيبة النظام بقلم:داود البوريني

06/20 20:21

داود البوريني

وصية ابو بكر الصديق لجيوشه المغادره لفتح العالم ما زالت تتردد في كل الأنحاء وعلى مدى التاريخ .. لا تقطعوا شجره ولا تزعجوا راهبا في صومعته ولا تقتلوا أسيرا إلخ .... هذه الوصية التي تساوي في قوتها قوة الجيوش الاربعة التي غادرت المدينه لحرب أعظم إمبراطوريتين في عالم ذلك الزمان لم يكن الهدف منها إظهار الجانب الانساني والاخلاقي عند الجيش المسلم ولا حماية المدنيين وكبار السن والحفاظ على مصادر حياة الناس في الزرع والشجر فقط بل أن هدفها كان أكثر عمقا وذكاء ودهاء، هذه الوصية كانت تهدف أولا إلى الحفاظ على هيبة الدولة الاسلامية وجيوشها الزاحفة فليس هناك ما هو أضيع للهيبة من قيام مجموعه من الجند او قوات مدججه بالسلاح بضرب أو إهانة أو التنكيل بإنسان غير مسلح او عجوز او طفل او إمرأه، للأسف يبدو أن وصية ابو بكر لم تُقرأ جيدا او تُدرس او تُفهم من القاده العظام لقوات الامن عند بعض العرب التي لم تخجل من الاعتداء بالضرب والاهانات على عجوز رأسه أبيض ككرة الثلج أو فتى لم يتجاوزه الخامسه عشرة من عمرة بعد ... هؤلاء القادة العظام يبدو أنهم لم يفكروا في المستقبل ولم يدركوا أنه قد تكون هناك دول بدون جيوش لكن لا يوجد أبدا جيوش بدون دول او شعوب تحتضنها وتوفر لها حاجاتها فالقوي المسلحه بدون دول تسمى قطاع طرق أو قراصنه او بلاطجه او شبيحه فهل هذا ما تحولت اليه الجيوش العربيه بفضل بعض الحكام الذين قفزوا على السلطة في غفله من الزمن .. لقد قلناها سابقا وسنظل نقولها بأن الظلم أمر لا يمكن احتماله لفترة طويله وان بعض انواع القسوه لا يمكن تحملها حتى لفترة قصيرة وان من وقع عليه الظلم المجحف قد يطلب العون من أي كان حتى لو كان عدوا أو أنه قد يغض الطرف عن هذا العدو إذا اعتدى على وطنه على الاقل ... إن الذي يعتقد بأن جيوش أبي بكر وابن الخطاب قد هزمت جيوش روما في اليرموك وفارس في القادسية كان بسبب قوة الجيوش الاسلامية وقوة عقيدتها فقط هو واهم فإن أهم ما ساعد الجيوش الاسلامية في معاركها هو عداء رعايا روما وفارس لحكوماتهم وحكامهم فلم يكترثوا لهذه الدول بعد أن هزمت ولم يأسفوا على رحيلها خاصة بعد أن لمسوا عدل وحلم القادمين الجدد ولنا في فتح عمرو بن العاص لمصر خير دليل على كل ما سبق فا العشرين ألف جندي مع ابن العاص كانت اوهى من أن تهزم الرومان وتسيطر على بلد عظيم كمصر لولا ترحيب الاقباط وعموم المصريين بهذا الجيش وهؤلاء القادمين ..طبعا هذا القول برسم من يهدم كنيسه هنا ويحرق كنيسة هناك !!! وفي نفس المجال اعترف بأنني كنت أعتقد بأن تحرير فلسطين لن يكون في زمننا او زمن حتى أحفاد أحفادنا واستمر هذا الاعتقاد معي إلى سنة 2006 عند استخدم الصهاينه كل قوتهم العسكرية الجباره فقط لتدمير بُنى لبنان التحتيه وبيوت اللبنانين وارهاب الناس فأيقنت بأن هذا العدو ضعيف جدا على الرغم من ادوات القتل الجباره التي بحوزته فإقترب تحرير فلسطين بإعتقادي إلى جيل أحفادنا أما بعد حربه الجبانه والخسيسه على غزه سنة 2008 فقد أصبحت على يقين بأن تحرير فلسطين سيكون في أيام أبناءنا وبأيديهم وربما قد تشهد هذا التحرير من يُطيل الله بقاءه منا .

إن استخدام القوة والقدره وحتى العضلات هو فن فليس هناك من هو اكثر غباء ممن يستخدم السلاح لهزيمة شعب فاالجيوش والاجهزه مهما كانت قويه فإنها أعجز من هزيمة شعب مصمم على نيل حريته والانظمة التي تريد هزيمة الشعوب باستخدام البطش لا تختلف عن العبيط الذي يريد وقف كرة ثلج ضخمه تتدحرج نحوه باستخدام عضلاته، قطعا هذه الكره سوف تسحقه وتودي به إلى الجحيم ... وأخيرا قد تفتح البلدان وينتزع السلطان بقوة السلاح والجيوش ولكن إدارتها وسوسها تحتاج إلى قوة العقل مع الاخلاص وبراعة الحجة والذكاء والدهاء والحصافه والمنطق ومكونات الهيبة هذه مع العدل والرحمه هو ما يشكل السلطة الفعلية والقوه الناعمه للقيادة القادره وليس السيف أو السوط أو البذاءة .

آسف أيها القادة العظام لقد هزمتم، لقد هزمتكم إرادة طفل مات تحت التعذيب وآهات عجوز أهينت كرامته بسبب ظلمكم وجوركم .."لا تضربوا أبناء العرب فتجنبوهم " هذا قول نبي كريم .

الأوطان يحميها الاحرار .. وكرامة الانسان أغلى من موقع الحاكم ولن يدافع إنسان عن ظالم أو سلطة غاشمة .

أمام إصرار الخليفة عبدالملك ابن مروان وصف الحجاج نفسه يوما " بأنه لجوج حقود ٌحسود غشوم " فقال له عبدالملك إخرس والله ما في الشيطان أكثر من ذلك !! أعتقد بأن قول عبدالملك لا ينطبق على عصرنا!!


أهم أخبار مصر

Comments

عاجل