المحتوى الرئيسى

عندما نقرأ التاريخ سياحياً بقلم:مروان صباح

06/19 23:51

عندما نقرأ التاريخ سياحياً

كتب مروان صباح / يوجد بيننا نحن العرب من يقرأ التاريخ بشكل سياحي فتأتي العواقب وخيمة في كل مرة نتيجة هذه القراءات القاصرة ، مما يجعله عند أول محّك أن يتحول إلى مومياء محنطة ذهنياً وعقلياً وحضارياً ليكمل حياته مصدوماً بين الإهمال أو إلى مستودعات التعّليب بين الحياة والموت .

عندما نراجع التاريخ القريب الذي مازلنا نعيش تراكُماته الممتدة إلينا منذ جئنا إلى هذه الدنيا إبتداءً من الحقبة الليبيةُ مروراً في الحالةُ السورية فالنظامين تشابها في المضمون حتى لو كان الأسلوب مختلف ، لقد شهد عصرهم من جولات إلى صولات مع الغرب المتمترس لكل شاردة و واردة مما أدى إلى سهولة إدخالهم في دوائر مشبوهة مثل الإغتيالات والتفجيرات والحروب الطائفية ، والسرد لمثل هذه القضايا لا تنتهي ، هذا السياق جعلهم للوهلة الأولى أو في الآحرى عند أول مطب صُنع لهم بشكل مقصود أن يتحولون كالصغار برمي أنفسهم على الأرض ويتفجروا بالبكاء أمام مندوبيّن الغرب كي يتفلتوا من العقاب وليستمروا في إحتكار حكم الشعب وإنتهاك حقوقه من آلالف إلى الياء وممارسة ساديتهم دون رقيب داخلي ولا خارجي ، اعتقدوا أن الفيلم القائم سيتحول إلى مسلسل من دون أن تأتي الحلقة الأخيرة أو في كل وقعة لفخ لديهم أصدقائهم المنقذون الذين يخرجونهم من إرتكاباتهم الإجرامية إن كانت بحق أهلهم أو الغرباء مستعيّنين بالأفلام والإخراج الهوليودي .

النظرة السياحية للتاريخ تأتي من منطقة عمياء هي التى تنعدم فيها الرؤية بسبب كثافة الدخان والغبار وليس الغيوم وذلك مما أدى إلى تفاقم وتعاظم إسهابهم في سلب الحياة المدنية للمواطنين وإغلال المجتمعات في الجهل لتصبح كالسلاسل المطوّقة على أعناقهم كرهاً وجبراً ، فيتحول الداخل في مربعهم مفقود والخارج جاهل بالإضافة إلى الجنون .

في الماضي كان لا يزال هناك تنوع لمن يحكم هذه الأمة ، الأمر الذي برر لوجهات نظر متعددة تسود وتُقبل على مضض ، أما هذا البعد التاريخي المحذوف التى يؤدي إلى عدمية التعليم من دروس التاريخ التى نعيشها يوماً بيوم تؤكد على شيىء واحد لا غير أن هؤلاء أقل مايوصفوا بأنهم عديمي الضمير منطفئي المواهب وبشكل غير مسبوق .

المواجهة التى نشاهدها اليوم من خلال الحراك الدبلوماسي الغربي بإتجاه الأنظمة المترنحة تأتي في سياق مختلف كلياً عن ذلك التى كانت تتمتع بمساحة كبيرة تؤدي من التنصل بدفع فواتير كي يتهربوا من أفعالهم ، فجميع ما قدموه من خدمات وتعاون في السابق لم يجدي نفعاً من تسليم للمفاعل النووية إلى مشاركة في الحرب ضد العراق إلى إجهاض كل محاولات حركات التحرر في العالم للإنطلاق وإذ تجاوزت حظرهم يبقوا وراءها حتى يفتتوها ، ناهيك عن الإغتيالات لشخصيات وطنية ومقاومة ومعتقلات أُنشأت نيابةً عن الإحتلال مما أدى إلى تحويل ما تحت الأرض إلى مدن ظلامية .

فالحاكم أو المهتم بالشأن السياسي ليست مهمته تنحصر عند جمع الكتب أو يملىء ذاكرته بالكتب كالرفوف المكتبية لتصبح ديكوراً أكثر من معرفة بحيث لا تنعكس ذلك المعرفة إلى ترجمات تعالج الأزمات والتحديات ليشبه ذاك العصفور الذي فقد صوته وفي داخله الكثير مما يغرد ، فلا بد لذلك الذاكرة التى أشبعت بزخم المعرفة أن تتحول إلى إستراتيجيات تعمل خارج النمط الموسمي .

هذه الأنظمة التى سعت منذ نشأتها الإتكاء على سمعة مقاومة الّغير وبنت مجدها وعليائها على دماء الشهداء الأحرار ، مما جعلها تحترق لسنوات طويلة لتجيش أعداد هائلة لا بأس بها كي تُوّكل كذبتها عليهم ، قد فُضحَ آمرها وبات الصغير قبل الكبير يعرفهم عز المعرفة بأن علاقتهم مع من هم خير منهم مبنية على الإستغلال وعند إنتهاء مصلحتهم سيتخلصون منهم كما تخلصوا من رفقاء الدرب .

الضغط المستمر بإتجاه هذه العروش المتصدعة تعكس حجم الهشاشة التى تخبأوا وراء جدران قصورهم ويظهر بشكل واضح أن قلة الحيلة التى تسيطر عليهم لإنقطاع المنقذ تؤدي إلى إذكاء حالة العنفوان وصعود موجات التطرف فتنقشع جميع المساحيق التجميلية لتتضح معالم الأفاعي التى تلتهم كل من يتجرأ ويقول آه .

والسلام

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل