المحتوى الرئيسى

حتي لا نبكي علي الثورة

06/19 12:54

في ذلك الوقت استغل الأعداء الموقف، والتفوا حول جيش المسلمين وانتصروا عليهم انتصارا حاسما قدره الله ربما  لنتعلم، ولكي تعرف  أجيال تالية أن التعجل مدمر، وعدم الالتزام مخزٍ.

وكم تكرر نفس المشهد في تاريخنا القديم والمعاصر! وكم انشغلنا عن مواقعنا الفعلية لتنقلب انتصاراتنا الي مخازٍ، وأفراحنا الي أتراح!

ويبدو أننا نعيش هذه الايام تجربة مشابهة . فبعد ميلاد أعظم ثورة شعبية، وصناعة أفضل وأنقي عملية خلع حاكم مستبد، انشغلنا عن اتمام المعركة  ببلاغات ومظاهرات وتحركات تافهة المقاصد، متصورين أن الامر انتهي بتخلي مبارك عن الحكم.

وبدلا من اعادة بناء الوطن، وتعبيد الطريق أمام ديمقراطية حقيقة ، بحث كل ثائر عن الاسلاب والغنائم الذاتية، فأنشأ فلان حزبا باسمه، وأسس ترتان حركة تخصه ، وأصدر علان صحيفة بفكره.

وبدلا من أن نتكاتف معا تحت مظلة مصلحة الوطن ، رفع كل فصيل مظلته.

خرج السلفيون من جحورهم يطالبون بالنقاب واللحية والسواك وتعدد الزوجات وكأن الاسلام مقصور علي ذلك...

وحمل الاقباط رايات المظلومية والتعرض للاضطهاد والمطالبة بحقوقهم في بناء كنائسهم وحصصهم في مناصب الدولة وكأن مصر لبنان آخر.

واطلق اليساريون رصاصاتهم علي كل ما يخص حرية الاقتصاد والتجارة ووصموا  كل صاحب مشروع بالجشع واللصوصية ، واتهم الساداتيون الناصريين بالدموية، ورمي الناصريون الساداتيين بالانتهازية ، وعدَّد الليبراليون سقطات الاخوان ، وتتبع الاخوان عورات الليبراليين ، وسقطت الثورة في اختبار الرشاد.

وفتحت الفضائيات نيرانها لقصف متواصل بين جميع الاطراف لتصنع أمجادا كرتونية، وتخلق أبطالا ورقيين دون النظر لأي اعتبار لهذا الوطن.

وتحول مكتب النائب العام لصندوق لجمع اتهامات وبلاغات الكيد والغيرة والجنون، وانشغل الجميع عن اقتصاد يتراجع، وبناء ديمقراطي لم يتم بعد وضع أسسه، وسلوك فوضوي لم يقوّم  ولم يعالج.

إننا لا نريد أن نبقي منغمسين في ظلام المعارك العبثية، فما تحتاجه مصر ألزمنا جميعا أن نخلع أرديتنا و نعمل لمصلحة هذا الوطن. لقد كان أحد اسباب نجاح الثورة عندما قامت أن كل تيار وفصيل ترك مظلته قبل المشاركة واختار المظلة الأم: مصلحة مصر.

لقد قال لي أحد المهتمين بالوطن إن مبارك قال بعد تنحيه انه  »راجع راجع« وكل ما أخشاه أن يكون رهان الرجل علي فرقتنا ورخاوتنا صحيحاً. اللهمَّ لا.

[email protected]

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل