المحتوى الرئيسى

سيبيريا تعاني من اجل اشباع نهم الصين للطاقة الكهربائية

06/19 02:53

 

يستثمر اوليغ ديريباسكا، احد اثرى اثرياء روسيا، مليارات الدولارات لبناء شبكة من السدود الكهرومائية الكبيرة في مناطق نائية من سيبيريا من أجل تصدير الطاقة الكهربائية الى الصين والاستفادة من اقتصادها الواعد.

مراسل بي بي سي دانيال ساندفورد زار احدث مشاريع ديريباسكا في سيبيريا ووافانا بالتقرير التالي:

من أجل الوصول الى سد بوغوشانسكايا في شرقي سيبيريا، يتعين على الفرد ان يستقل طائرة صغيرة ذات محركين في رحلة تستغرق ساعة ونصف من اقرب مدينة.

اثناء الرحلة، يتسنى للمرء ان يشاهد نهر انغارا العظيم وهو يجري وسط غابات التايغا الكثيفة في طريقه من بحيرة بايكال اكبر جسم للمياه العذبة في العالم. والانغارا هو الرافد الرئيسي لنهر يينيسي الذي يصب في المحيط المنجمد الشمالي.

هنالك ثلاثة سدود شيدت على الانغارا، في مناطق اركوتسك وبراتسك واوستايليمسك.

اما الآن، فيجري العمل في تشييد سد كهرومائي رابع في بوغوشانسكايا قرب مدينة كودينسك، من المقرر ان يبدأ في توليد الطاقة الكهربائية عام 2012.

من المعروف ان سيبيريا تولد من الطاقة الكهربائية اكثر مما تستهلك، فلماذا اذا يتم تشييد المزيد من السدود والمحطات الكهرومائية؟

الجواب يكمن جنوبا، في الصين ونهمها الكبير للطاقة الكهربائية. فالصين، التي لا تبعد عن موقع المشروع الاخير سوى بضعة مئات من الكيلومترات، قد طلبت من روسيا تزويدها بـ 60 مليار كيلوواط من الطاقة الكهربائية سنويا اعتبارا من عام 2020، وهي كمية تكفي لتزويد اليونان باسرها بالطاقة الكهربائية.

يقول اوليغ ديريباسكا الشريك في مشروع سد بوغوشانسكايا: هذه فرصة نادرة وفريدة لكي تستفيد روسيا من النمو الحاصل في آسيا. اعتقد ان بمقدور هذا المشروع مضاعفة حجم الاقتصاد في سيبيريا ثلاث مرات في السنوات الـ 15 المقبلة.

ويضيف ديريباسكا: لا استطيع تخيل امكانية ان نضيع هذه الفرصة على انفسنا، فنحن جاهزون من كافة النواحي: القوة البشرية والخبرة والتقنية والسوق الجاهزة على مقربة منا.

يشمل مشروع سد بوغوشانسكايا تسعة طوربينات ضخمة لتوليد الطاقة الكهربائية التي ستنتج اكثر من 17 مليار كيلوواط ساعة في السنة الواحدة.

سيستخدم جزء من هذه الطاقة الكهربائية لتزويد مصنع جديد للالمنيوم تابع لشركة روسال التي يمتلكها ديريباسكا، اما الفائض فسيدخل شبكة الكهرباء الروسية ويمكن تصديره للصين. اي بعبارة اخرى، سيعمل المشروع على تحويل الماء الى نقد.

سد بوغوشانسكايا، حاله حال كل السدود العظيمة في العالم، مبهر للنظر، حيث يبلغ طوله ثلاثة كيلومترات وارتفاعه 80 مترا. اما البحيرة التي ستتشكل خلفه فيبلغ عمقها اكثر من 70 مترا.

يبدو نهر انغارا اعلى السد كما بدا لآلاف السنين، فهو نهر واسع سريع الجريان يبلغ عرضه مئات الامتار. وقد نشأت على ضفتي النهر في القرون الثلاثة الماضية عشرات القرى الصغيرة بنيت من الخشب بالطريقة التقليدية.

ويجري الآن حرق هذه القرى - التي ستغمرها مياه بحيرة بوغوشانسكايا - بالجملة لمنع ركامها من عرقلة جريان المياه في السد الجديد.

الكسندر بريوخانوف سيبيري كان يعيش في بلدة خيزما ذات العشرة آلاف نسمة. كان سكان البلدة يعيشون على الزراعة وصيد الاسماك، وكانوا مقطوعين عن العالم الخارجي تقريبا. وقد تم نقل سكان البلدة - التي ستأتي عليها مياه البحرية - الى مدن حديثة ولكنها كئيبة كمدينة كودينسك حيث خصصت لهم شقق مشيدة على الطراز السوفييتي.

يقول بريوخانوف: إن وضع الطاعنين منا بالسن مأساوي حقا، فقد بدأوا يموتون في غضون سنة من نقلنا الى هنا. لقد فقدوا دورهم وحدائقهم وجيرانهم، ومنحوا عوض ذلك كله شقة وجهاز تلفزيون ليداروا به وحدتهم.

اصطحبنا بريوخانوف الى قرية اخرى تدعى بروسبيخينو كان يعيش فيها خمسة آلاف شخص في يوم من الايام. لم يتبق من دورها سوى حفنة، اما الدور الاخرى فلم يتبق منها الا حطام متفحم. ورأينا قطيعا من الخيول الوحشية وهي تجري في مياه احد روافد نهر انغارا الصغيرة.

ولكن لم يغادر كل سكان بروسبيخينو قريتهم، إذ رأينا قسطنطين بودوبني الذي يرفض المغادرة لأن خطة التعويض المعمول بها انما تخدع السكان وتسرق ارضهم على حد تعبيره.

يقول بودوبني: بعد ان تحرق السلطات دورنا، نواجه مشاكل حقيقية في الحصول على شقق في المدينة. لقد عانى الكثيرون من ذلك، حيث وعدتهم السلطات بشقق جديدة فيغادرون القرية وتحرق دورهم ثم لا يحصلون على الشقق الموعودة. وفي نفس الوقت، يحصل اناس لا علاقة لهم بالقرية على شقق.

ويقول بودوبني إن لا حاجة في سيبيريا لمحطات جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية، فهناك محطات على هذا النهر تعمل بنصف طاقتها. الامر يتعلق فقط بتصدير الكهرباء الى الصين.

تقول جماعات الدفاع عن البيئة إن التأثيرات البيئية للسدود الاخرى المشيدة على نهر انغارا لم تكن جيدة، فقد تحولت اجزاء من النهر الى مستنقعات تتفسخ فيها الاشجار مما أثر سلبا على نوعية المياه.

ويقول الكسندر كولوتوف من منظمة ريفرز انترناشنال البيئية يقولون إنهم يشيدون سدودا جديدة على انهار سيبيريا من اجل انقاذ كوكب الارض من الانبعاثات الكربونية الصينية، ولكن السؤال هو هل انت مستعد لتدمير البيئة في سيبيريا وقتل الانهار السيبيرية العظيمة واغراق الغابات من اجل انقاذ العالم من الانبعاثات التي تطلقها الصين؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل