المحتوى الرئيسى

مشكلة العلمانيين

06/18 22:49

بقلم: عبد القادر أحمد عبد القادر

فصل الدين الإسلامي تحديدًا عن دنيانا هو لب الهجوم العلماني- سيكيولارزم (secularism) أو الليبرالي (liberalism) على الصحوة أو النهضة الإسلامية في بلدان العالم الإسلامي عامة، وفي مصر، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011م في محاولة لامتطائها!! وإفساد التجلي الإيماني للمصريين في عهد الحرية.

 

الهجوم العلماني يشخص مشكلة العلمانية- والليبراليون فصيلهم- تجاه الإسلام، فهي مشكلتهم وليست مشكلة المسلمين العاملين من أجل العودة الكاملة إلى الإسلام، وما دامت هي مشكلتهم المتأصلة في أفكارهم المستوردة، أو من جهلهم وجاهليتهم، فحري بنا أن نواجههم بتشخيص علتهم لعلهم يفهمون، ثم لعلهم يهتدون، فإن لم يفهموا ولم يهتدوا فقد أعذرنا إلى الله، إن كانوا يعرفون الله كما يحب الله أن يُعرف ﴿أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ﴾ (الأعراف: من الآية 54)، ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ (الملك، من الآية 14).

 

ضوابـــط:

أريد بهذا المقال أن أضع ستة ضوابط للفهم؛ لتكون محددات لمسار النزال الساخن في بلدان المسلمين الآن بين اللادينيين ومجتمعاتهم الإسلامية… ضوابط للفهم، ولإدارة الحوار، ولضبط مسار الحديث والنقاش بين الفريقين؛ ليكونا على بينة من الأمر:

 

الضابط الأول: حتى لا تنفلت الأمور:

قُل: إن العلمانية وثنية تشريعية، وكفر وشرك...

ولا تقل للعلماني: أنت وثني، ولا تقل: أنت كافر، ولا تقل: أنت مشرك...

مثلما يقال: إن الذبح لغير الله أو النذر، أو الطواف بغير البيت الحرام، أو الحلف بغير الله ونحو ذلك شرك، ولا يقال للفاعل أنت كافر أو مشرك...

 

الحكم على ذوات الأشخاص من اختصاص القاضي أو الفقيه؛ من أجل ما يترتب على الحكم من آثار… لذلك يجب على آحاد الناس ألا يحكم بعضهم على بعض وإلا انفلتت الأمور…

 

الضابط الثاني: آيات الذكر الحكيم تصف وتشخّص:

 

إنها الآيات التي تصف الفكر العلماني بدقة متناهية- ومثله الليبرالي الفوضوي- آيات تصف الفكر، وتصف الفعل، وتصف حقيقة العلاقة بين العلماني وبين الله، فلنقرأ ولنتدبر:

 قال العليم الحكيم: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(85)﴾ (البقرة).

 

ويقول جل وعلا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)﴾. (النساء).

 

ويصف القرآن حال الذين يريدون الانفراد بالشأن السياسي، بل بشئون الحياة العديدة بعيدًا عن شرع الله، قال تعالى: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)﴾. (ص)، العلمانيون أو الليبراليون الفوضويون يريدون الحياة الدنيا بعيدة عن الله، تابعة لإله الأهواء ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ…﴾ (الجاثية: من الآية 23).

 

الضابط الثالث: وثنية التشريع:

محاورة مع النبي-صلى الله عليه وسلم- تفصح عن وثنية التشريع… روى الترمذي والبيهقي وغيرهما عن عدي بن حاتم-رضي الله عنه- قال: أتيت النبي-صلى الله عليه وسلم- وهو يقرأ في سورة براءة: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ (براءة: من الآية 31) فقال صلى الله عليه وسلم: "أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه".

 

وعند الترمذي وأحمد وغيرهما: فقدم "عدي" المدينة، وكان رئيسًا في قومه طيء، وأبوه حاتم الطائي المشهور بالكريم، فتحدث الناس بقدومه، فدخل على رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وفي عنق عدي صليب من فضة وهو-أي النبي- يقرأ هذه الآية: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾.

 

قال عدي: فقلت: إنهم لم يعبدوهم.

فقال صلى الله عليه وسلم: "بلى، إنهم حرموا عليهم الحلال، وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم، فذلك عبادتهم إياهم".

 

• قال الألوسي في تفسيره:

"الأكثرون من المفسرين قالوا: ليس المراد من الأرباب أنهم آلهة العالم، بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم".

 

 وقال المستظل بالقرآن "سيد قطب"-رحمه الله: "ومن النص القرآني الواضح الدلالة، ومن تفسير رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهو فصل الخطاب، ثم من مفهومات المفسرين الأوائل والمتأخرين، تخلص لنا حقائق في العقيدة والدين ذات أهمية بالغة نشير إليها بغاية الاختصار:

 

- أن العبادة هي الاتباع في الشرائع بنص القرآن، وتفسير رسول الله-صلى الله عليه وسلم.

 

- أن النص القرآني يسوي في الوصف بالشرك واتخاذ الأرباب من دون الله بين اليهود الذين قبلوا التشريع من أحبارهم وأطاعوهم واتبعوهم، وبين النصارى الذين قالوا بألوهية المسيح اعتقادًا، وقدموا إليه الشعائر في العبادة، فهذه كتلك سواء في اعتبار فاعلها مشركًا بالله، الشرك الذي يخرجه من عداد المؤمنين، ويدخله في عداد الكافرين.

 

- أن الشرك بالله يتحقق بمجرد إعطاء حق التشريع لغير الله من عباده، ولو لم يصحبه شرك في الاعتقاد بألوهيته، ولا تقديم الشعائر التعبدية له".أ.هـ

 

تميع مرفوض:

ويقول المستظل بالقرآن: "والأمر جد، لا يقبل هذا التميع في اعتبار من يتبعون شرائع غير الله مؤمنين بالله! مسلمين لمجرد أنهم يعتقدون بألوهية الله- سبحانه- ويقدمون له وحده الشعائر.. وهذا التميع هو أخطر ما يعانيه هذا الدين في هذه الحقبة من التاريخ، وهو أفتك الأسلحة التي يحاربه بها أعداؤه الذين يحرصون على تثبيت لافتة "الإسلام" على أوضاع، وعلى أشخاص يقرر الله سبحانه في أمثالهم أنهم مشركون لا يدينون دين الحق، وأنهم يتخذون أربابًا من دون الله.

 

وإذا كان أعداء هذا الدين يحرصون على تثبيت لافتة "الإسلام" على تلك الأوضاع وهؤلاء الأشخاص، فواجب حماة هذا الدين أن ينزعوا هذه اللافتات الخادعة، وأن يكشفوا ما تحتها من شرك وكفر واتخاذ أرباب من دون الله".أ.هـ

 

تصريح قرآني:

بخصوص هؤلاء المائعين، أو الذين يميعون الحقائق، ويدلسون الأوصاف يقول ربنا العليم الحكيم: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)﴾ (النساء).

 

الآن نتذكر عبارة قالها أحد الدعاة وفقهاء القانون مؤخرًا: "لا يوجد مسلم شيوعي، ولا مسلم علماني أو ليبرالي". لا فُض فوه.

 

الضابط الرابع: ما حكم المخالف في مجال التشريع؟

هذه أربعة نصوص أسجلهـــا بلا تعليق، وليرجـــع المستفهـــم والمستفسر إلى مراجع التفسير وأحكام القرآن الكريم.

 

- قال العزيز الحكيم: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ﴾ (المائدة: من الآية 44).

 

- وقال جل شأنه: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (45)﴾ (المائدة).

 

- وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (47)﴾ (المائدة).

 

وقال عز وعلا: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)﴾(المائدة).

 

الضابط الخامس: فيهما إثم كبير ومنافع للناس!

يقولون: إن في الشيوعية بمسمياتها الماركسية، أو الاشتراكية كفاية وعدل…

ويقول الآخرون: إن في الليبرالية عمل وإنتاج وتنمية للمال وللقدرات الإبداعية للإنسان الحر، ويرفعون شعار (دعه يعمل دعه يمر)…

 

ولو اتفقنا على ما في المذهبين من منافع، وهما في واقعهما وجهان للعلمانية (الدنيوية- لا دين في السياسة) فإنهما كالخمر والميسر بالتعبير القرآني ﴿فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا﴾ (البقرة: من الآية 219).

 

الضابط السادس: اللغو الديمقراطي:

الديمقراطية ناتج علماني، وليست من مصطلحات الشريعة، وتعريفها يصطدم بعقيدتنا، فيقال: هي "حكم الشعب بالشعب لمصلحة الشعب"، وبعض مكوناتها يصطدم بالشريعة اصطدامًا مروعًا، ولكن بعض آلياتها من المباحات، فلنا الخيار في الأخذ بمباحاتها، أو فلنبتكر مما يسمو عليها... في الآونة الأخيرة كثر ترديد كلمة ديمقراطية، حتى مللنا من تكرارها، بل أصابنا القرف والاشمئزاز من بلدانها حيث الإباحية الجنسية والشذوذ والإفلاس، والإجرام في حقوق شعوبنا...

 

• أليس الحكام الفاسدون في بلداننا بشتى صنوف الفساد من نواتج الديمقراطية الأوربية والأمريكية؟!

 

• أليس الكيان الصهيوني من نواتج الديمقراطية الأوربية والأمريكية؟!

 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل